| أحَاطَ بِها مِثلَ الإطارِ (صِغارُهَا) |
| وقَرَّتْ بهم عَيناً وطَابَ نَهارُهَا |
| وفي (حِجرِهَا) طِفلٌ غريرٌ كأنَّما |
| تقسمُ فيه روحُها و (فِقارُها) |
| رضيعٌ كصفوٍ (الطَّلِّ) لم يَعدُ (ثالث) |
| وكالعينِ يستهوي القلوبَ احورارُها |
| تُناغيهِ جَذلى وهو يَرقُصُ غِبطةً |
| ويُمنى يديها حولَهُ ويَسارُها |
| وإخواتُه صُغرا وكُبرى لقاءها |
| يُداعِبنَهُ والأمُ يحلو افترارُهَا |
| * * * |
| تَطلَّعنَ يبغينَ الحَليبَ وأنَّهُ |
| لَبالقدِرِ يغلي كالغمامِ (بُخارُها) |
| ومن تحتِها (فوَّارُ غازٍ) كأنه |
| صَدى (دِيمةٍ) يروي الأديمَ انهمارُها |
| * * * |
| مشتْ نحوَها (زحفاً) وضمَّتْ حِفافَها |
| فمالتْ بها واشتبَّ فيها أُوارُها |
| هُنالِكَ لم تملِكْ من الأمرِ حِيلةً |
| وألقتْ (حَشَاها) واستعزَّ خِيارُها |
| رقتْ طِفلَها بالنفءْ حيثُ رمتْ بهِ |
| بَعيداً وارغتْها على الأرضِ اصطبَارُها |
| وبالرَّغمِ منها والقضاءُ مُسلَّطٌ |
| أصيبَ وأعياها عليه اصطبَارُهَا |
| فضجَّ وضجتْ بالبُكاءِ وأقبلتْ |
| إليه هُياماً (والحنانُ) خِمارُها |
| * * * |
| تقولُ ألا اسلمْ (فلذةَ الكبدِ) ولأَمُتْ |
| فداءَك والآلامُ يذكو استعارُها |
| إذا انطلقتْ من قلبِهِ (الغَضِّ) آهةٌ |
| عَدتْ (صرخةٌ) منها عميقٌ قَرارُها |
| * * * |
| وتجهشُ حَسرى أمُّها (وقرينُها) |
| (ووالدُها) إذ هُمْ عليها (سِوارُها) |
| يودونَ لو كانوا الفِداءَ وما عَسى؟ |
| تُفيدُ المُنى والألهياتُ ابتكارُها |
| * * * |
| (بلاءٌ) تَساقاهُ (البريءُ) وما جَنى |
| وبثٌّ بهِ الأطوادُ تُكوى حِجارُها |
| كأنيَ إِذ شاهدتُه في (غيابَةٍ) |
| من البؤسِ شَروى العاصِفاتِ اعتكارُها |
| * * * |
| وما كان إلا الصَّبرُ للخَطبِ (بلسماً) |
| وما وَسِعَ الأنفاسَ إلا انبهارُها |
| لقد شاطَ من (أمِّ الوَليدِ) نَياطُها |
| وكالمُهل أضحى جلدُها وغِمارُها |
| فلمْ تعِ إلا ما أصابَ رضيعَهَا |
| وهيهات أنْ يُغني الصَّريعَ انفطارُها |
| وتسألُ هلْ يحيا على مَا أصابَهُ |
| وهل هو نَاجٍ والدُّموعِ نُثارُها |
| * * * |
| كأنْ لمْ تكنْ تَدري وقد فُجعتْ بِهِ |
| شَوتها اللظى أمْ لمْ ينلْهَا شَرارُها |
| ولو حسرتْ ما احتزَّ منها حسيسَها |
| لَرِيعتْ ولكنْ أين مِنها انحِسارُها |
| * * * |
| ومرَّتْ بِنا (الساعاتُ) حرَّى كأنَّها |
| (دُهورٌ) وفي (سَمِّ الخِياطِ) مَدارُها |
| * * * |
| وما هذه الدُّنيا وإنْ هي أمكنتْ |
| سِوى (فتنةٍ) مَهما ألحَّ اغترارُها |
| عجبتُ لها مَمكورةً وهي (ماكرٌ) |
| يَصيحُ بها من جَانبيها (بُوارُها) |
| وأعجبُ منها حرصُنَا في (ابتسامِها) |
| وما مِثلُه في الغدرِ إلاّ (ازوِرارُها) |
| * * * |
| كلأتك (ربَ العالمينَ) فإنَّنَا |
| (بلُطفِك) ننجو ما تَصدَّى عُثارها |
| * * * |
| ويا أُمَّ هذا (الطفلِ) ما أنت بالتي |
| تفرَّدتِ بالأشجانِ شتى خطارُها |
| تواصي بما أَوصى (الإِلهُ) حبيبَهُ |
| فما نحن والأقدارُ إلا اختبارُها |
| * * * |
| ويا باغِماً في المَهدِ يُفضي أنينُه |
| إلى (ذاتِ قلبٍ) شفَّ عنه انكسارُها |
| أُعيذُكِ بالرّّحمنِ من كُلِّ لمةٍ |
| ومن كلِ عينٍ كالشهابٍ احمرارُها |
| * * * |
| ويا (أُمهاتِ الجيلِ) حاذِرنَ مِثلَها |
| فأنْتُنَّ ما بين البُيوتِ عمارُها |
| تَوقينَ ما تَخشيْنَ (واللَّهُ حَافظٌ) |
| وخيرُ (الوَصايا) ما يشيعُ اعتبارُها |