ألا ليتني بين (الشبابِ) المثقفِ |
أهيبُ بهم في كلِّ "نادٍ" بِموقفي |
وددتُ لو أني اليومَ في مَيعةِ الصِّبا |
وأني أباري الطيرَ دونَ توقُفِ |
ولكنها الآلامُ وهي (مُلحةٌ) |
ذرتَنيَ حتى لم تذرْ غيرَ مُدنَفِ |
* * * |
لئن أوهنتْ مني الثمانونَ كاهلي |
فأعظمُ منها بالطُّموحِ تلهفي |
وبالرغمِ مما مَسَّني واستشفَّني |
وما هو أضناني وما هو مُتلفي |
تحاملتُ واستوحيتُ كلَّ تَقدُّمٍ |
بهِ الشعبُ يمضي في النُّهوضِ المُشرِّفِ |
فما عادَ لي بعدَ الذبولِ "ذُبالة" |
تّضيءُ وقد كادتْ تذوبُ وتنطفى |
ولكنَّه بعضُ الدِّماءِ وإنني |
لأشدو بهِ ما أسطعتُ مِنْ كُلِّ معزَفِ |
* * * |
أجل كان ماضينا القريبُ كسبسبٍ |
تضِلُّ بهِ الأرياحُ في كُلِّ صَفصفِ |
وللجهلِ فينا ظلمةٌ أيّ ظُلمةٍ |
بها الضوءُ يخبو في البِجادِ المُلّففِ |
وكُنا ولا كُفرانَ باللَّهِ قُنَّعاً |
وبالنُزرِ نرضى والأمانيِّ نكتفي |
وأجيالُنا في حَيرةٍ وتذبدبُ |
يُروَّعُ منها العبقريُّ ويَختفي |
وما كان إلا كالعَشيِّ بكورُها |
وإن هي ظلتْ بالمَظاهرِ تحتفي |
* * * |
على أنَّها لم تَخلُ يوماً من النهى |
ومن مهتدٍ هادٍ بها مُتعففِ |
تزكي بأخلاقِ الأُبوةِ عِزةً |
وتَحفظ منها كلَّ بُردٍ ومِعطفِ |
تمنى بنوها أَنْ يَروها شوامخاً |
يعودُ بها تاريخُها في تَألُّفِ |
تسربلُ بالتقوى وتدعو إلى الهُدى |
وتسطعُ بالعِلمِ الصحيحِ وتَصطفي |
وتُحيي تُراثَ وتدعو الخالدينَ تزاحموا |
على المَجد بالإِيمانِ لا بالتزلُّفِ |
إلى أنْ شهِدنا وثبةً بعد وثبةِ |
بها انبهرتْ أبصارُ كُلِّ مُعجرَفِ |
(بِظلِ بني عبدِ العزيزِ رواقُه |
بهِ أَمِنَ الشادونَ كُلَّ مُخوفِ) |
* * * |
رأينا من العُمرانِ ما إنَّ بعضَه |
كِفردَوسِنا المفقودِ في خيرِ زُخرُفِ |
رأينا أفانينَ الفُنونِ كأنَّها |
من الوَشيِ أزهارُ الربيعِ المُفوفِ |
رأينا تعالى ربُنا (جامعاتنا) |
تغص بأفواجِ الشبابِ المزفزفِ |
رأينا كتاتيبَ (التَّهجي) مَعاهِداً |
مَناهِلُها فياضةً بالتَّعرفِ |
* * * |
وكم بعثةٍ عَبرَ البحارِ تَسابقتْ |
إلى العِلمِ في زحفٍ عتيدٍ مُكثفِ |
وكم مصنعٍ نحو السماءِ تصعدتْ |
مداخِنُهُ تزهو على كلِّ متحفِ |
وكم فيلقٍ ذي سطوةٍ في جُيوشِنا |
من الصُلبِ أقوى (باليقينِ) المُطنفِ |
أعدوا لنصرِ اللَّهِ جلَّ جلالُه |
وليس ليَطغى باغياً بالتَّعسُفِ |
أهازيجُهم يَعدو بها كلَّ ضَابحٍ |
وراياتُهم يعلو بها كُلُّ رُفرفِ |
* * * |
وكم هي أسبابُ الحياةِ وفيرةٌ |
تجاوبَ فيها كلُّ سيفٍ ومُصحفِ |
ألا إنَّها كالمُعجزاتِ تَمثَّلتْ |
"مفاخرَ" تحدُونا بغيرِ تَطرُّفِ |
بها اتصلتْ فينا الحَوافزُ أُشرعتْ |
على شُرفاتٍ من تليدٍ ومطرفِ |
يُشاركُ فيها عُنوةً فَتياتُنا |
وفِتيانُنا في عِصمةٍ وتَعففِ |
* * * |
ومما بهِ ازدَدْنَا نشاطاً وغِبطةً |
"مَحافلُ" آدابٍ سمتْ بالتشوُّفِ |
أُقيمتْ رواسيها على شِرعةِ الهُدى |
وليسَ على الهَذرِ المَقيتِ المُزيَّفِ |
يُحيطُ بها الأَفذاذُ مِن كُلَِ مدرك |
ويهفو إليها كلُّ "معنٍ" وأحنفِ |
تضمُ شَتاتَ المُدلِجينَ على السُّرى |
وتعزفُ عن عَدوى الهوى والتخلُّفِ |
وتغدو إلى أهدافِها مُطمئنةً |
وليس بها من دُونها مُسوِّفِ |
جزى اللَّهُ عنا للشبابِ رِعايةً |
بما اضطلعتْ من واجبٍ وتَكلُّفِ |
كأن ميادينَ الرياضةِ حولَنا |
بتدرِيبِها تسديدنا في التصرفِ |
وما هي إلا للحياةِ وسائلٌ |
يُقِّرها مُستبصراً كلُّ منصفِ |
* * * |
ويحضُرني بيتٌ أُحب ارتجالَهُ |
به أومأَ "القنديلُ" وهو مُعنفي |
بأني أرجو العفوَ عن كُلِّ هفوةٍ |
وإلا فما للهمِّ غير التَّلحفِ |
* * * |
وعاشَ طويلُ العمرِ عاهلُنا الذي |
به الشعبُ مغمورٌ بكُلِ تَعطُّفِ |
أبونا المفدى وهو في الحبِ (فَيصلٌ) |
نُكِنُّ لَهُ الإِخلاصَ غيرَ مُطففِ |
هو الشمسُ إشراقاً هو البِرُّ والتُّقى |
ونحن به الأعلونَ في كلِّ مَوقفِ |
وعاشَ كما يرضى له اللَّهُ (فهدنُا) |
عظيماً ويهنا بالثوابِ المُضعَّفِ |
وفوازُنا المحبوبُ مَن لم نَزلْ بِهِ |
نُتابع ما يدعو إليه ونقتفي |
وعاش ابنُ فهدٍ
(2)
فيصلُ في معارج |
من المجدِ تستهوي الشبابَ وتَعتفي |
وطوبى لهم مِنا الثناءُ معطراً |
بهِ يُطربُ الأسماعَ كلُّ مشنفِ |
ولا بَرحتْ أوطانُنَا مُشرئبةً |
إلى ما بِهِ نَسمو ونَنمو ونَشتفي |