جرتِ الدموعُ كأنها "أنهارُ" |
ووجدتُني بنزيفِها أنهارُ |
ماذا سَمِعتُ فيصلٌ أودى بهِ |
في طرفةٍ ذُو جِنّةٍ غدَّارُ |
طودٌ عظيمٌ باذخٌ من دُونِهِ |
تتفطرُ الإكبادُ والأَعشارُ |
صَعِقَتْ بمصرعِهِ البرايا كُلُّها |
والشمسُ والأفلاكُ والأقمارُ |
وكأنَّما الدُّنيا به قد أُوذنَتْ |
بالصُورِ يُنفخُ وهي فيه هدارُ |
"نبأُ غشينا منهُ حتى مسَّنَا |
قَرْحٌ بهِ تتفتتُ الأحجارُ |
يا ليتَنَا كُنَّا الفِداءَ (لفيصلٍ) |
لكنََّها الآجالُ والأقدارُ |
دارتْ بنا الأرضُ الفضاءُ برحبِها |
وانقضتِ الأحزانُ والأكدارُ |
وغشيتُ حتى لم أَكَدْ من دَهشتي |
أتبينُ الأشراقَ وهو نَهَارُ |
ذُهِّلتُ مِنها (بغتةً) وفجيعةً |
مادتْ بها الأنجادُ والأغوارُ |
أو فيصلٌ يُغتالُ وهو مَنارُنا |
هذا هو الإِحرامُ والإهدارُ |
قالوا: ألا ترثيهِ قلتُ لقدْ عَصَتْ |
فيه القَوافي الثُكلُ والأشعارُ |
وخرستُ من هولِ المُصَابِ ووقِعهِ |
واجتاحني الإِجبالُ والإِبهارُ |
وكأنني فيه الهباءُ تذُرُّهُ |
هُوَجُ الرياحِ تمورُ الإِعصارُ |
ما مِنْ لسانٍ ناطقٍ أو خافقٍ |
إلاّ تعقّدَ واصطلتهُ النارُ |
أثنى الملوك عليه في تأبينهم |
والباقياتُ بكته والآثارُ |
ومشت تُعزّى فيه أقطابُ الورى |
من كُلِّ صوبٍ دمعُها مِدرارُ |
لَهِجَتْ به الآفاقُ وهي نواحِبُ |
وشعوبُ أهلِ الأرضِ والأمصارُ |
ما مِثلُهُ حيَّا تجاوبَ ذِكرُه |
وشدا به الإِعجابُ والإِكبارُ |
عزَّ العزاءُ عليه إلا أنه |
في (خالدٍ) هو كوكبٌ ومنازُ |
عزَّ العزاءُ عليه إلا أنه |
وبنيهِ قد سطعت به الأنوارُ |
(عبدُ العزيزِ) لهم و (فيصلُ) قدوةٌ |
وهُمُ الكماةُ الذادةُ الأبرارُ |
رفعوا لِواءَ المجدِ مُنذُ تسنموا |
بين القُلوبِ الحُبَّ وهو شِعارُ |
حَفِظوا (الإِله) وجاهدوا وتعاونوا |
بالبرِّ والتَّقوى وهم أنصارُ |
و (الحكم) فيهم (آيةٌ) أو (سُنَّةٌ) |
لا مِرْيةٌ فيها ولا إنكارُ |
ما منهُمُ إلا الذي هو أسوةٌ |
وبه (الحِفاظُ) اعتزّ والإيثارُ |
ولهم من اللَّهِ المهيمنِ نصرُهُ |
والعِزُّ والتمكينُ والإِسفارُ |
فليرحمِ اللَّهُ الشهيدَ (إمامَنا) |
وهو الشكورُ الواحدُ القهارُ |
إني على وَهَني أكابدُ صَدَمةً |
صُليتْ بها الأكبادُ فهي حِرارُ |
وبها حُصِرتُ ولم أزل مسترجعاً |
وله الجنان الخُضُر نِعم الدارُ |
يا خالِق الأكوانِ أنّا أُمّةً |
بك آمنت وزكتْ بها الأسرارُ |
هَيِّىءْ لنا رُشداً وهَبنا رحمةً |
أسبِغْ علينا الصَّبرَ يا غفارُ |
واجعل لنا من (دينِنا) ويقيِننا |
خيرَ الدُّروعِ وأنَّه لدُثَارُ |
وانصرْ وأيّدْ بالشريعةِ (خالداً) |
وأخاهُ (فهدا) ما استهلَّ قِطارُ |
إنّا عبادُك فاستجبْ لدُعائِنا |
وبِهِ العَشي يلِجُّ والإِبكارُ |