شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رثاء شاعر الجزيرة العربية (1)
عِزَّ "القَوافي" وعزَّ "الطرسَ" و "القَلَمَا"
وأذرَفْ مآقيكَ (مهلا) واذرِها (حمَمَا)
واربأ بِقلبِكَ أَن يُودي البكاءُ بِهِ
فقد تمزَّقَ إرباً، وانضوى ألما
عصى (اليراعُ) يمنى فهي راعشةٌ
كأنَّما هي شُلَّتْ أَو هوَ انقصما
ينأى، ويشهقُ مُلتاعاً، وبيهظُني
وقراً ويزفُرُ في آهاتِهِ كَظَما
يقولُ ماذا عَسى تُجديكَ (مَرثيةٌ)
والموتُ حقٌ، ولن يَعدوكَ مُرتَغما
أَكُلَّما انهدَّ رُكنٌ أو هَوى عَلَمٌ
بخعتَ نفسَك في آثارِهِ نَدمَا
آهٍ وآهٍ – وما أدري أمِن كَبِدٍ
مَقرُوحةٍ أم هي "التفجيرُ" مُضْطَرِمَا
أَكادُ أَبلغُ أَسبابَ السماءِ بِها
تضرُّعاً وطباقَ الأرضِ مرتطما
هل ينظرُ القومُ قَلبي رأيِ أعيُنِهِم
وقد تَرقرقَ في جَفَنيَّ – وانقسمَا
وهل أعاني انفطارَ الحِسِّ من شَجَنٍ
أمِ (الشُّعورُ) تنزى؟ واستحالَ دمَا
قَضى "فؤادُ" غريبَ الدارِ في بَلدٍ
مضى إليهِ ليلقى رَبهُ (هَرما)
لو كانَ يَدري بأنَّ الموتَ يُدرِكُه
في (كابلٍ) لابتنى في (بابلٍ) هرَمَا
أودى (الخطيبُ) الذي عَزَّ "البيانُ" بِهِ
و"الشعرُ" و"النثرُ" ما حَلاَّ وما نَظَمَا
لكنَّهُ (الأجلُ المَحتومُ) أينَ لَنَا
منه (الفِرارُ) إذا ما انقضَّ أو هَجَمَا
لا بُدَّ منه! وما للمرءِ فيه يدٌ
ولا احتيالٌ، وإن أثرى وإن عَظُمَا
سيانَ فيه شُجاعٌ - غيرُ مكترث
(بالجحفلين) – ورِعدِيدٌ قد انهَزَما
أجل هو المَوتُ، ما في الموتِ واقيةٌ
كُلٌّ يصيرُ إليهِ - حَيثُما استَهمَا
لا يفتدي منه ذُو بطشٍ بقوَّتِهِ
ولا ضعيفٌ توارى – وانطوى سقَما
مشيئةُ اللَّهِ تَمضي وهي غالبةٌ
على العِبادِ - وتحدُوهمُ بما حَكَمَا
لا (قيصراً) غَادرتْ يوماً، ولا تركتْ
"كِسرى" العَتِيَّ، ولا استثنتهُما وهُمَا
إنَّ الحياةَ غُرورٌ، والمُنى سَفَهٌ
وكلَّ فانٍ سَيلقى ربَّهُ سلمَا
وأربَحُ الخَلقِ من يُهدي السبيلَ بها
(حقاً) ويدَّرعُ التَّقوى بِها (كَرمَا)
خَدَّاعةٌ هي دُنيَانا – وما كرةٌ
فاحذرْ حَصادَكَ أن تجنيه مُنهشمَا
ما عشتَ إلاّ ابتلاءً في مفاتِنِها
فاستهدِ ربَّك فيها، واشكر النِّعمَا
أحسِن إلى كُلِّ من تَلقَى بما وسِعَتْ
يَداكَ فيهم، ومُنْ خَصماً ودِنْ حَكمَا
(ولا يغرَّنَّكَ ما منَّت وما وجَدتْ)
فكمْ (شعوبٌ) أصلتْ واصطلتْ (أمما)
عَدَتْ على (آدمٍ) من قَبلنا وكوتْ
(حواءَ) من بعدِهِ واستأصلت (إِرَما)
خضراءُ نضراءُ، إلاّ أنَّها (دِمنٌ)
هي (الرُّفاتُ) اندثاراً والوَرى رِمَمَا
هاتِ الدُّموعَ وحَسبِي في البلاءِ بِها
طلاً وَ وَبلاً ومهما اغدودَقَتْ رَهَما
شطرٌ لمن أنا أنعيهِ جَرى مَثلاً
لكنَّه فيه أكدى وارعَوى صَمَمَا
ما الدَّمعُ إلا ضياءَ العَينِ مُنهمراً
عَبر الجُّفُونِ – وإلا القلبُ مُنسجِمَا
أجل! هو (اليدُ) في الأحزانِ تَغسِلُها
بيضاء لكنَّها – العُدمَا
مهما تخيلَها (الإبداعُ) شَافِيَةً
فإنَّها فَلَذاتٌ.... قُطِّعتْ إِرَمَا
ويحي وويحُ بني الفُصحى بِمن ثَكلت
فيه (البَلاغةُ) و (الإعجازُ) معتصِمَا
بمن أراهُ وقد أودى بِمنطقهِ
مِلء الجَّوانِحِ نُبلاً والعُلى، شِيَمَا
بعبقريِ (ذُرَى الأطوادِ) مولدُه
لكنَّما هو (رَوحُ الضَّادِ) مُختَرِمَا
قضى وللعَرَبِ الأحرارِ دَمدَمَةٌ
هي التّحفُّزُ – والوعيُ الذي احتدَمَا
أصغتْ إليهِ (نِزارٌ) وانتشت (مُضرٌ)
في كُلِّ (جُلَّى)!! بما أشجى وما نَقَمَا
غَنَّى بأمجادِها الكُبرى، وبَشَّرَها
(بِوحدةٍ) تَجعلُ الدُّنيا لها خَدَمَا
إن ظلَّ (إقبالُ باكستانَ) – قُرَّتَها
بما استجاشَ – وما أوحى، وما رَقَمَا
فإنَّ شأوَ (فؤادٍ) – في (عُروبتِهِ)
ما شئتَهُ سؤدداً أو شئتَهُ عِظَمَا
فما استفزَّ (معداً) وهي غافية
كمثلِه شاعرٌ – طارتْ به قُدُمَا
ألحَّ فيها ازدهاءً، واشتفى، وشفى
مِنها الغَلِيلَ، و(حيَّا البيتَ والحَرَمَا)
غداةَ أكثر هذا الشعر، (إلهيةٌ)
بين (اللَّهَا) و اللهى تستهدفُ الأدمَا
هناك أرسلَها كالرَّعدِ قاصِفَةً
(قَصائداً) تَبعثُ الأجداثَ والهِمَمَا
لَهفي عَلى ذلك الأُسلوبِ تَحسَبُهُ
(وشَّىَ الرَّبيع)، وعذباً بارداً شَبِمَا
هو (الصَّوارِيخُ) ذوداً و(الصريخ) وغىً
وهو (الظِّبا) و(الظُّبى) ما افترَّ أو خطمَا
و(النَّارُ)، و(النُّورُ) بل و(النَّوَرُ) ضاحكةٌ
أكمامه.. و(الضُّحى والليلُ) ملتزمَا
هيهاتَ تُدرِكُه الأجيالُ صاعِدةً
مهما اشرأبَّتْ ومهما أنجبتْ (عقمَا)
ما كانَ إلا هَديرَ الفَحلِ مُرتَجِلاً
مهما ارتقى مِنبراً أو خاض مُلتحمَا
كأنَّهُ والبَيانُ الحُرُّ منبجسٌ
مِن (أَصغريهِ) (زَيادٌ) أينما اقتَحَمَا
(معلقاتٌ) لها في كُلِّ مُجتمعٍ
شَذىً يضوعُ، ورجعٌ يُسمِع الصمَمَا
أزرتَ بِكُلِّ كِعابٍ ذاتِ عَنعنةٍ
من (القَوافي) وأعيتْ كُلَّ من زعما
وما تأثَلَّ إلا كُل (فاتنةٍ)
تُسبيك معنىً، وتستهوي النُّهى كَلمَا
مِنها و مِنها، وكم مِنها مُغلغلةٌ
و "إنها الهَاجِعُ" النشوى بما استلمَا!!
نفخ (الخُزامِي) أَريجاً، والطُّلى مرحاً
(ولحنُ مَعبدَ) أو (سلاّمةٌ) نغمَا
يا من فقدنَاهُ (أُستاذاً) لنا و(أباً)
ومن وجدْناه في آثارِه (عَلمَا)
سَقى ثَراكَ على (لِبنانَ) كلَّ غَدٍ
(ماءَ السَّماءِ) يُروَّي السَّهلَ والأُكُمَا
وجادَك الغَيثُ سحّاً صيِّباً غدِقا
برحمةِ اللَّهِ – من (أمِّ القُرى) ديمَا
(مكة المكرمة) – 15 رمضان 1376.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :379  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 499 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ترجمة حياة محمد حسن فقي

[السنوات الأولى: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج