في مثلِكَ الصبرُ عندَ اللَّهِ يُحتَسبُ |
والعلمُ يُرفعُ والأشجانُ تَصطَخِبُ |
يا ويحَ كُلِّ فؤادٍ أنت مُوقِظُهُ |
أمسى بفقدِكَ في أعماقِهِ يَجبُ |
ويا رزيئَةَ هذا النَّعيِ في مَلأ |
كأنَّما الدَّمعُ من آماقِهِ عَبَبُ |
تَرفضُّ عَبراتُه خُزناً على جَدَثٍ |
فيه السَّماحةُ والأخلاقُ والأدبُ |
* * * |
ما للجفونِ أراها فيكَ دَاميةً |
كأنَّما هي بالأحشاءِ تَنسَكِبُ |
هيهات أودى الرَّدى في غيرِ ما جَلَبٍ |
بمشمخرٍ من الأطوادِ يَنشَعِبُ |
حبرٌ من الصَّفوةِ الأولى عَلِقتُ به |
فما فتئتُ أُعاني فيه مَا يجِبُ |
هوى به الموتُ في لُجي غمرته |
فأين لا أين ذاك المُدرَةُ الذَّرِبُ |
في ذمةِ اللَّهِ ما ألقى به ولَهُ |
من رحمةِ اللَّهِ ما نَرجو ونَرتَقِبُ |
ما كان إلاَّ جَناناً ثابتاً ويَداً |
تَشدُّ أزرَ الهُدى والوعدُ مُقترِبُ |
تبلو (الشريعةُ) فيه حَاذِقاً فَطِناً |
من الذينَ لهم في شَملِها دَأَبُ |
يجيشُ كالمَوجِ أو كالبَحرِ مَنطِقُهُ |
ولا تُبارِيه في آفاقِهِ السُّحُبُ |
في قلبِهِ من ضُحى الإسلام ألويةٌ |
خَفَّاقةٌ وهي في غَارَاتِهِ خُطَبُ |
وفي سُويدائِهِ التوحيدُ مُدَّرعٌ |
حسنَ اليقينِ وفي غَيْراتِهِ لَهَبُ |
إذا انبرى في مَجالٍ من مَواقِفِهِ |
حَسِبتَ سَحبانَ تجثو حَولَهُ الرُّكَبُ |
* * * |
عَجِبتُ لِلَّحدِ هل في اللَّحدِ مُتَّسعٌ |
حتى انزوى في (رَضوى) فهو مُحتَجَبُ |
لَشُدَّ ما ضَاقتِ الدُّنيا بِهِ أمداً |
فكيف وأراهُ شبرٌ وهو مُنقَلِبُ |
* * * |
ما لي وللنَّدبِ فيمن خَطبُه جَللٌ |
ومن عَليه حدودُ اللَّهِ تنتَحِبُ |
لا نملكُ اليومَ إلاّ زفرةً ورضى |
بما قَضى اللَّهُ فيه ثُمَّ نَحتسِبُ |
ومَا قَضى مَنْ في وربِّهِ أمَلٌ |
ولا مَضى مَن له في دِينِهِ نَصبُ |
فإنَّ ذِكراهُ في الأجيالِ باقيةٌ |
والموتُ حقٌّ وما من دونِهِ هَرَبُ |
فضاعفِ اللَّهُ أجرَ المؤتَسينَ بِهِ |
في جنةِ الخُلدِ ولَيعظمْ به السببُ |
وعَوِّضَ الدينَ عنه خيرَ ما طَلعتْ |
عليه شمسُ الضُّحى أو غارَتِ الحِقبُ |