| نَضَبَ (الدَّمعُ) في ضُروبِ الرِّثاءِ |
| بين ذكرى كُربةٍ وبين مرائي |
| وبكى (المُبتَلَى) وحاكاهُ مَنْ لم |
| يدرِ ما النَّوْحُ حيلة البُؤساءِ |
| ومضى الخَلقُ في مواكبَ تترى |
| شِيَعاً نُكَّساً لحَتمِ القَضَاءِ |
| كُلَّمَا شيَّعوا (عزيزاً) عليهم |
| خضَّبَ (الدمعُ) لحدَهُ بالبكاءِ |
| وانبرى المُصقعُ الخَطِيبُ فأورى |
| زَندَ (إِبداعِهِ) على الأحشَاءِ |
| إن يكنْ شاعراً فرُحماك ربي |
| يُسخنُ الشعرُ عَبرةَ الشعراءِ |
| * * * |
| إِنَّها (شُعلةٌ) من القلبِ تَذكو |
| فتُنيرُ (الحياةَ) رغمَ (الفَنَاءِ) |
| إِنَّها (سَلوةٌ) وإِن شئتَ فاشكرْ |
| نعمةَ اللَّهِ في غُضونِ البَلاءِ |
| إنَّها إن تكُنْ غلالةَ جمرٍ |
| لهي من دونِها نميرُ الماءِ |
| تبلغُ (النفسُ) قِسطها في الرَّزايا |
| وهي في الحقَّ منتهى الأرزاءِ |
| قد عَلِمنا مصيرها وهي تَدري |
| أَنَّه (الموتُ) غايةَ الأحياءِ |
| * * * |
| ماتَ (شوقي) ومن يُعزِّيك فيه |
| أيُّها (الشرقُ) فاضطلعْ بالأَداءِ |
| كان مصباحَك (المنيرَ) إذا ما |
| غَمطتْ منك صولةُ الأَقوياءِ |
| كان كالشمسِ كُلَّما بك ذرَّتْ |
| ألَّبتْ ضوءه على الظَّلماءِ |
| أطلقتْ نورَها (جماداً) وألقى |
| من سَنا (الوَحي) الأنبياءِ |
| وقضى العمرَ في (جهادٍ) وضحَّى |
| فيك إخلاصه بكُلِّ وفاءِ |
| * * * |
| إنّ (شوقي) وإن يَكُنْ ماتَ حقاً |
| (كوكبٌ خالدٌ) مع الجوزاءِ |
| خلَّفَ الذَّكرَ حافلاً في النَّوادي |
| كأريجِ الجِنان يومَ الجَزاءِ |
| ولئنْ رُوِّعتْ بمنعاهُ (مِصرُ) |
| فلها العذرُ ولْتَعُذْ بالرِّضاءِ |
| غيرَ أنَّ (الحجازَ) والعُربَ طُراً |
| مسَّهمْ فيه وأيَّما بَلواءِ |
| (بَردى) و(الفُراتُ) فيه استحرَّا |
| عَبرةَ (النيلِ) منبتَ العُظماءِ |
| قد بكى قبلَنا (الفقيدُ) فأبكى |
| كُلَّ ذي حَسرةٍ على (الحَمراءِ) |
| عَجباً ما لَه أيقسو علينَا |
| يُبْكِنَا صَامتاً وفي الإِملاءِ |
| ويحَ من جَعجعوا عليه فمَاذا |
| كان إنتاجُهُمْ مع الإغواءِ |
| إنّ آياتِهِ لتُتْلَى ويَبلَى |
| وهي في (الضَّادِ) ملجأُ الأُدباءِ |
| * * * |
| أيُّها (النازحُ) المفاجىءُ مهلاً |
| لِيُنَاجيكَ ناشىءُ البَطحاءِ |
| لستَ واللَّهِ بالفقيدِ لشعبٍ |
| قد دَها الخطبُ (مَجمعَ البُلغاءِ) |
| وأرى الناسَ مِن وراءِ (حِراءٍ) |
| فقدوا فيك أشفقَ النُّصراءِ |
| واستوتْ (أعيُنٌ) تفيضُ دُموعاً |
| و(قلوبٌ) تضِجُّ بالإِعياءِ |
| فاستمعْ لِلأُلى ينوحونَ صِدقاً |
| من رُبى (جلق) إلى (صنعاءِ) |
| إِنما أنتَ في العُروبةِ نجمٌ |
| قد هوى سَاطعاً بدون فِداءِ |
| زعموا أَنَّه سيتلوكَ نِدٌّ |
| أين ذا الندُّ؟ ما له مِن خفاءِ |
| قد مَضى (حافظُ) ولو كان حَياً |
| لَغَلا دمعُهُ على (الحَدباءِ) |
| غيرَ أنَّ (الخليلَ)
(2)
لا بُدَّ شاكٍ |
| حُرقةَ البينِ في أرقِّ حِداءِ |
| لن يرى (الجيلُ) والذي سوفَ يأتي |
| خلفاً قد مشتْ على استحياءِ |
| كالتي ضُغتَها وأَفرغتَ فيها |
| (صِبغةَ اللَّهِ) من يدٍ بَيضاءِ |
| قد بدا (الضَّعفُ) مُنذُ وَلَّيتَ عنهم |
| وانثنى (الفنُّ) مُدبراً للعَفَاءِ |
| فعلى (النَّظمِ) إذ غبتَ سلامٌ |
| وإلى (الملتقى) بخيرِ لِقاءِ |
| واحتضنْ رحمةَ (الغفورِ) فإِني |
| لك راجٍ مَغَبَّةَ الأَصفِيَاءِ |