الأرضُ تطربُ والسماءُ تُغَرِّدُ |
وعلى الوَرى (أمُّ القُرى) تَتَسودُ |
أذِنَ الإلهُ تَطَّوفَ (مُشركٌ) |
حولَ (الَحطيم) ولا تطرَّقَ (مُلحِدُ) |
وتهللتْ دنيا الوجودِ (بمولدٍ) |
كشفَ الشُّموسَ وشعَّ فيه (أحمدُ) |
دُكَّتْ بهِ الأصنامُ فهي رواغمٌ |
وانجابتِ الآفاقُ وهي تُربِّدُ |
وانقضَّتِ الشُّهبِ الثَّواقبُ من عَلٍ |
تُصلي طواغيتَ الضَّلالِ وتُهمِدُ |
و(قريشُ مكةَ) في بُطونِ شِعابِها |
ما بين مُرتابٍ وآخرَ يَحسدُ |
متحيرينَ كأنَّما اضطربتْ بِهم |
(نُذُرُ القيامةِ) والجحافِلُ تَحصُدُ |
* * * |
وُلِدَ (البشيرُ) وللخلائقِ ضَجةٌ |
مما تُسام وما تُضام وتُضهدُ |
يتقحَّمونَ النارَ في نَزَواتِهم |
والجورُ يُطبِقُ والبَلاءُ يُشددُ |
حيثُ الشعوبُ يسومُها سَرَواتُها |
سوءَ العَذابِ وشملُها يتَبَددُ |
وتئنُّ من بُؤسِ الحياةِ وضَنْكِهَا |
هَلكى تَطَلَّعُ للخَلاصِ وتَجهَدُ |
يحكي الشُّواظَ شهيقُها؛ وزفيرُها |
ورِقابُها قِبَلَ اليَدينِ تُصَفَّدُ |
مرتاعةٌ مُنِيَتْ بِكُلِّ مُسلَّطٍ |
مُستكبراً في بغيِهِ يَتَلدَّدُ |
يَعلو وتهبِطُ دونَه مِن حالقٍ |
وقُلوبُها بجُنُوبِها تَستنجِدُ |
* * * |
(الرومُ) تفترسُ التُّخومَ و(فَارسٌ) |
تفتنُّ في ترفِ النَّعيمِ وتَرغَدُ |
والناسُ بينَهما نَباتٌ شَائِعٌ |
وبهِ المَناصِلُ والمَناجِلُ تَحصُدُ |
لا يأمنُ الغَادي الرَّواحَ مَخافةً |
من راصدِيهِ ولا الذي هو يَرصدُ |
يعدو القويُّ على الضعيف ببطشِهِ |
و(البعثُ) يُنكَرُ والشرائعُ تُفسدُ |
والعُربُ نائيةٌ بهم صَحراؤهمْ |
والجهلُ يُوغِلُ والوَليدةُ تُوأدُ |
واليأسُ فيما بينَهُمْ مستحكِمٌ |
تُغرى بهِ الأوشاجُ وهي توجدُ |
واللاتَ والعُزى مَناطُ رجائِهم |
وهُما من (الأوثانِ) صخرٌ جلمدُ |
عبدوهُمَا وكلاهُمَا أُضحوكةٌ |
فيها يَبولُ (الثُعلبانُ) ويَرقُدُ |
أو كالتي هيَ (تمرةٌ) منصوبةٌ |
طوراً تُلاك وتارةٌ هي تُعبَدُ |
* * * |
هبلتهُمُ البَطحاءُ كيف تيمموا |
(هُبلا) وربُّ البيتِ فيهم يَجحَدُ |
خَذلوا النبيَّ المجتَبى وتآمروا |
أن يقتُلُوه وأجلبوا وتَهدَّدوا |
وهو الحَفِيُّ بِهم عشيةَ أحدقتْ |
بالمشركينَ (الخيلُ) إذ هي مَوعِدُ |
كُلٌّ إِليه يمت في أسبابِهِ |
والجيشُ يَزحفُ والأخاشِبُ تطردُ |
آوى جموعَ اللائذينَ بِظِلِّهِ |
والسيفُ يَرعفُ والدِّماءُ تجمدُ |
وقضى بِوحي اللَّهِ في الرَّهطِ الأولى |
ما كانَ هَمُّهُمُ سِوى أن يُفسِدوا |
* * * |
تلك (الرسالةُ) في الحقيقةِ مِنَّةٌ |
لِلَّهِ وهي على الخَليقةِ تَشهدُ |
سُوَرٌ من (الفُرقانِ) في إعجازِها |
نهضَ الدليلُ وأذعنَ المُتمردُ |
طُويَتْ سجلاتُ القُرونِ ولم تَزلْ |
تُجلى بهِ أسرارُهُ وتُجدَدُ |
أعظِم بميلادِ النبيِّ (مُحمدٍ) |
وبكُلِّ ما يَدعو إليه (مُحمدُ) |
هو (رَحمةٌ) للعالمينَ ونعمةٌ |
للمُتقينَ وعِصمةٌ وتزوُّدُ |
أحيا بِهِ اللَّهَ العِبادَ بشرعِهِ |
وسَبيلُه للسالكينَ مُمَهَّدُ |
لا خيرَ فيما دونَه ولو أنَّهُ |
في الأرضِ عيشٌ بالنَّعيمِ مُخلدُ |
* * * |
بوركتَ من يَومٍ بهِ الُّدنيا ازدهتْ |
وجَلالهُ في الكَائناتِ مُؤبَّدُ |
أقبلتَ بالفتحِ المُبينِ وبالهُدى |
والعَدلِ والإِحسانِ أَنَّى يُنشَدُ |
بهَواتِفِ النَّجوى شُعَاعُك مُلهَمٌ |
وبمِوقفِ الذِكرى أديمُكَ (مَسجدُ) |
* * * |
آمنتُ أنَّك يَا (محمدُ) عَبدُهُ |
ورسولُهُ والطيِّبُ المُتوددُ |
أنشأتَ بالتوحيدِ أفضلَ دولةٍ |
لِلَّهِ فيها الحقُّ لا يتَعَددُ |
ووُصِفتَ (بالخُلُقِ العَظيمِ) كَرامةً |
ممن له تَعنو الجِباهُ وتَسجُدُ |
(لمكارمِ الأخلاقِ) جئتَ مُتمِّماً |
ورفعتَ منها السَّمكَ فهو مُشيَّدُ |
حتى إذا افترقتْ بِنا أهواؤنا |
دونَ اليقينِ ولمْ يَزِعنَا المُرشدُ |
* * * |
ضَاعَ التُّراثُ وعَزَّنا استِبقاؤه |
وعَلا النَّشيجُ وأَعوزَ المُتفقدُ |
زعموا الحضارة شَيِّدتْ تلقاءَنا |
صَرحاً بأسبابِ الفنونِ يُمرَّدُ |
تبرجُ الشَّهواتُ فيه (إِباحةً) |
ويَشِيحُ عنه (القانتُ المُتعبِّد) |
ويُحيطُ بالأرضينَ دَكّاً والوَرى |
حِمَماً ويَمحقُ من يَصدُّ ويَعنُدُ |
تاللَّهِ ما يُغني (الحَديدُ) مُحارباً |
للَّهِ أو يُجديهِ ما هو يَنفَدُ |
* * * |
بالأمسِ (هِلترُ) كيف كان مَصيرُهُ |
وبرجفِهِ الأطوادُ ظلَّتْ تَرعدُ |
مَادتْ بهِ من تَحتِهِ أقدامُهُ |
من حَيثُ لا يَخشى ولا يَترددُ |
ومَضتْ بهِ الأمثالُ تُضربُ أَنَّهُ |
بَعدَ العُتوِّ الفاشِلُ المُتشردُ |
أودى به جَبروتُهُ وغرورُهُ |
أَنْ كان مَفتوناً بهِ يَتوعدُ |
واللَّهُ بالمُرصادِ جَلَّ جلالُهُ |
والمرء، خيرُ فِعالِهِ ما يُحمدُ |
* * * |
هيهات نأبى العِلمَ في مِشكاتِهِ |
سبل السلام وأنه للَسؤْددُ |
والمؤمنونَ اليومَ أمثالُ الحَصى |
عَداً ولكنَّ (العقائدَ) تَرمدُ |
وصَلاحُهُم ما استعصموا بكتابِهِم |
والخُلفُ فيه هو المُقيمُ المقعدُ |
إنْ لم يهبْنا اللَّهُ من تَوفيقِهِ |
(هَديَ الرسولِ) فلا مَشاحةَ تَخمُدُ |
(صلَّى عليك اللَّهُ عَلَمَ الهُدى) |
وجزاكَ عنَّا الخيرَ إذ هو سَرمدُ |