تحرى انبلاجَ (الفجرِ) و (الخيطُ أسودُ) |
وفي قلبِهِ نَجوى التُّقى تَتَرَدَّدُ |
وخفَّ إلى (مَولاهُ) يلتمسُ الهُدى |
وما كان يَسعى إنما انقضَّ يَحفِدُ |
تُسابِقُهُ (الأقدامُ) وهي طليقةٌ |
ويَحفِزُهُ (الأيمانُ) وهو (مُقيَّدُ) |
* * * |
مضى (الليلُ) إلا نصفُهُ مُتجافياً |
بجنبيهِ إذ حَلس (المضاجعِ) يَهجدُ |
فما غلبتْه عينُه عن (فَريضةٍ) |
ولا باتَ في (غيرِ الفَضائِلِ) يَسهدُ |
أخو خَطَراتٍ تَحسَبُ (الشمس في |
الضُّحى) شبيهاً بها أو أنَّه هو (فَرقَدُ) |
* * * |
تمارى بهِ (الشيطانُ) رَكضاً بخيلِهِ |
وفي (رَجِلِه) شرُ الذي هو يرعدُ |
فما هي إلا طاعةُ اللَّهِ وحدَهُ |
تُناديهِ: أقْبِلْ أيُّها (المُتعبِّدُ) |
* * * |
وينهضُ في أجفانِهِ سِنةُ الكرى |
وفي كُلِّ عُضو وثبةٌ وتَشهُّدُ |
وينظرُ في كَبدِ السماءِ (كَواكباً) |
(مَصابيحَ) منها (للرُّجومِ) مُسدَّدُ |
إذا هي ألقتْ في الدياجي شُعاعَها |
رأيتَ بها (القهارَ) كيف يُمَجَّدُ |
كأني بهِ والذكرُ يَملأُ قلبَهُ |
(مَلاكاً) سِوى أنَّ (ابنَ آدم) يُجهَدُ |
* * * |
وها هو في عَرضِ الطريقِ لسانُه |
بتسبيحِ (رب الناسِ) لا يتعقَّدُ |
تُحيطُ بهِ من رَحمةِ اللَّهِ هَالةٌ |
منَ (النورِ) فيما ينتويهِ ويَقصِدُ |
* * * |
ويملِكُهُ الإحساسُ في كُلِّ نَبضةٍ |
خُشوعاً ويَمضي (للصلاةِ) ويَسجُدُ |
* * * |
مشى وكأنَّ الأرضَ تُطوى أمامَهُ |
وطافَ (ببيتِ اللَّهِ) والقومُ هُجَّدُ |
ودوّىَ أذانُ الصُّبحِ من كُلِّ مَرقَبٍ |
كأنَّ به (أمُّ القُرى) تَتَحَرَّدُ |
وسالتْ (رُبى الوادي) بكُلِّ مُهللٍ |
عليه من اللأَّلاءِ بُآءٌ مُجَدَّدُ |
يَخافُ ويَرجو اللَّهَ وهي (عقيدةٌ) |
ويَلتمسُ (الغُفرانَ) وهو مُوحِّدُ |
فما ابتدأتْ دُنياهُ إلا لِتنتهي |
إلى (الخُلدِ) والعَوْدِ المُخلَّدِ أحمدُ |
* * * |
رنا فتجلتْ كعبةُ اللَّهِ حَولَهُ |
مُهدلةَ الأستارِ وهي تَأوَّدُ |
عليها ثيابُ الخزِّ لا هي سُندسٌ |
ولا هي دِيباجٌ ولا هي (مَجسدُ) |
ولكنَّها روحٌ من اللَّهِ سَابغٌ |
يَفيضُ بإشعاعٍ بها الروحُ تَنجدُ |
تُطيرُ حَفافِيها القلوبَ وتنتحي |
إلى الملأ الأعلى وتَهنى وتَسعَدُ |
* * * |
وأقبلَ تِلقَاءَ (الصَّفا) في وَقارِهِ |
(إمامٌ) كأن الدينَ فيه مجسَّدُ |
يُرتِّلُ في (المِحرابِ) آياتِ ربِّهِ |
(مَثانيَ) غُرّاً قد تَلاها (مُحمَّدُ) |
إذا ما اقشعرتْ من صَداها جُلودُنا |
خَررنا كما يَهوى إلى الأرضِ مِقعَدُ |
* * * |
كأنَّ صفوفَ (المؤمنينَ) وراءَه |
(مواكبُ) في الفِردوسِ تَدنو وتبعُدُ |
أو أنَّ قلوبَ المُخبتينَ تَجاوبتْ |
خمائلُ فيها الصادحاتُ تُغردُ |
* * * |
ألا إنَّها (سِرُّ الحَياةِ) وإنَّما |
بها المرءُ يَنأى عن هَواهُ ويَصمُدُ |
وما خيرَ عيشٍ يُغمِضُ المَرءُ جَفنَهُ |
عليه إذا فاتَ (الرَقيبانِ) مَشهَدُ |
* * * |
سواءٌ عَلينا أنْ نُؤدي (صَلاتَنا) |
(أذابَ لجينٌ) أم (تجمَّدَ عَسجَدُ) |
فيا فَالِقَ الإصباحِ أنت وليُّنا |
وفيكَ استقَمْنا أنَّك اللَّهُ تُعبَدُ |
إعِنَّا على التَّوفيقِ واهدِ قُلوبَنَا |
إلى كلِّ ما فيه بكَ الخيرُ يُنشدُ |
ومكِّنْ لنا فيما بِهِ الحقُ يَعتلي |
وما أنتَ تَرضاهُ وما هو يَصعَدُ |