ألا إنما بالعِلمِ - تُحدى البَشائرُ |
وفي أهله تزدادُ فينا المفاخرُ |
به يرفعُ الرحمنَ كلَّ مُجاهدٍ |
ويمنحُهُ التوفيقَ وهو يُذاكرُ |
ويسطعُ منه النورُ في غَلَسِ الدُّجى |
ويَحظى به في الناسِ من هو صَابرُ |
ويعنوا له "المجدُ الأثيلُ" بما حوى |
وما هو فيه "بالبيانِ" يُحاضِرُ |
تُظلِّلُهُ الأملاكُ في غدواتِهِ |
ورَوحاتِهِ والفضلُ فيه يُكاثرُ |
وهل فازَ بالتكريمِ إلا أخو النُّهى |
ومن هو موهوبٌ ومن هو مَاهِرُ |
وكم نبغتْ في "الصولتية" واهتدتْ |
مواكبُ تترى كالنجومِ زواهرُ |
فكانوا "لدينِ اللَّه" من خيرِ أمة |
بهم تُضربُ الأمثالُ وهي سَوائرُ |
"أساطِينُ" لم تبرحْ صدىً ذِكرياتُهُمْ |
بهم تتغنى في النَّوادي (المنَابرُ) |
أفاضَ عليهم "رحمةُ الله" نعمةً |
هدى ألف شهرٍ وهي فيهم ذَخائرُ |
بكلِّ صحيح في "الحديثِ" تضلَّعوا |
وكُلِّ مبينٍ في التفاسيرِ ناظروا |
شهِدنا لهم أصحابَ حُكمٍ، وحِكمةٍ |
بهم كلُّ جهلٍ ما تلجلجَ خَاسرُ |
بهم زانتِ الآفاقُ وانطلقَ الهُدى |
وعزتْ بهم في المروتينِ المشَاعِرُ |
وما هم قليلٌ إنَّهم (لمعالِمٌ) |
أفاءتْ إليها كالبوادي الحواضرُ |
تَهادَتْ بهم في "المسجدين" مَجامعٌ |
وطابت بِهِم للواردينَ المصَادِرُ |
فمنهم – ومنهم كلُّ حَبْرٍ ومُلهَمٍ |
وكلُّ تَقيِّ لم تشُقهُ المَظاهِرُ |
تسربل بالإيمان وهو دُثارُهُ |
وبشَّرَ بالإحسانِ وهو مُهاجِرُ |
وما قلبُه إلا "سليمٌ" ونُصحُهُ |
قويمٌ كمثلِ السيفٍ إذ هو بَاتِرُ |
جديرٌ بنا – والأرضُ في رجفاتِها |
تُعابِثُ بالألباب فيها الفواقرُ |
بأن نقتفي آثارَهم – في عزائمَ |
بها تتوقى السيئاتِ الضمائرُ |
أولئك "أصحاب اليقينِ" وما لنا |
سواهُم إلى حِفظِ التُّراثِ مَنائرُ |
وفيكم، ومِنكم من نَرى الخيرَ كُلَّهُ |
تمثَّلَ فيه وهو كالشمسِ باهرُ |
فكونوا – كما كانون – هُداةً (أئمةً) |
فأنتم لنا - أبصارُنا والبَصائرُ |
ولا برحتْ هذي "الصُّفوفُ" سويةً |
"بمسعودِها" وهو المعيدُ المُناصرُ |
و(الأملُ المنشودُ) نرجو بقاءَهم |
وأبناءَهم ما انهلَّ بالغيثِ مَاطرُ |
ونُزجي تهانينا – إلى كلِّ ناجحٍ |
وهَنْ خَطُّهُ بين التلاميذِ وَافرُ |
وأضعافَها – نهدي الأساتيذَ عابِقاً |
شذاها وفيها تستعيرُ الأزاهِرُ |
فقد حملوها كالجبالِ أمانةً |
بها الحقُ يَعلو وهو أبلجُ نآثرُ |
وسوف يوفَّونَ الجزاءَ خُلودُهم |
بجناتِ عدنٍ يَومَ تُبلى السَّرائِرُ |
وقد كنتُ فيها طالباً مُنذُ بِضعةٍ |
وستينَ عاماً غير إنِّي غامرُ |
غَداةَ استضاءَ الفجرُ منها بمكة |
وزالت بها الظَّلماءُ وهي دَياجِرُ |
وكانت وما زالتْ مثابةَ من بِهم |
نُباهي ومن هُم في المقامِ الأكابرُ |
وإني وإنْ لم أُحصِ ما هِيَ قدَّمت |
وبالرغمِ من عَيِّ وحَفْري لشاكرُ |