| مرآةُ عَطفِكَ يا مولاي تأتَلِقُ |
| فانظر فديتُك واسمعْ تَنطقُ الحدقُ |
| تَراك أبصارُنا فيها وقد شَختْ |
| شمساً يُضيءُ بها الإشراقُ والشَّفقُ |
| فما الزُّهورُ وفيها للقلوبِ هوىً |
| وقد تَأرَّجَ من أكمامِها العَبَقُ |
| والطَّلُّ ينثرُ في وَجَنَاتِها دُرراً |
| كَمَا يُكلِّلُ خَدَّ القَادةِ العَرَقُ |
| ولا "الغُصونُ" تَهادى في مَوائِسها |
| هيفاءَ يَعبثُ في أعطافِهَا النَّزقُ |
| تَدنو القُطوفُ بها طَوراً وآونةً |
| يَصُدُّها العُجبُ والإدلالُ والفَرَقُ |
| ولا العَنادِلُ في الأفنانِ سَاجعةً |
| كأنَّها من كؤوسِ الوَجدِ تَعتَبِقُ |
| ولا الجَّداولُ بين الرَّوضِ تَحَسَبُهَا |
| ذَوبَ اللُّجِينِ وذوبَ التِبرِ يَندَفِقُ |
| أشهى إلى الشعبِ من لُقاك مُبتهجاً |
| وقد تَهَلَّلَ فيك الخَلقُ والخُلُقُ |
| كأنَّما البدرُ في بُرديْكَ مُشتملٌ |
| على الذي هو يَحكيهِ ويختلقُ |
| هيهاتَ يسمو إلى سِيماكَ في مِننٍ |
| كأنَّ قوميَ من أطواقِها عنقُ |
| أو أنْ يباريكَ إقداماً إذا ارتجستْ |
| بِيضُ الظُّبا ومَشتْ من حَولِكَ الفِرَقُ |
| * * * |
| فيا ابنَ من أخصبتْ بالعَدلِ أُمتُهُ |
| فاحضَلَّ نَبتُ الرُّبى واغرورقَ الورقُ |
| ومن بِه التَأمَ الشَّملُ الشتيتُ على |
| هَديٍ من اللَّهِ لا العُدوانُ والقَلقُ |
| إنَّ الحياةَ حياةُ الأمنِ وارفةً |
| في طاعةِ اللهِ لا العُدوانُ والقَلقُ |
| فهل على الأرضِ إلا من تَميدُ به |
| أقطارُها اليومَ أو يَغتالُه الغَرَقُ |
| (حضارةٌ) لم تُشيدهَا سَواعِدُهم |
| إلاّ ليهدِمَهَا الطُّغيَانُ والخَرَقُ |
| يمشي الفناءُ عليها وهي مُطرقةٌ |
| كَما يسيلُ على أطلالِها العَبَقُ |
| سُحقاً لزُخرُفها الفَتَّانِ ما اتسعتْ |
| له الكُهوفُ ووارى رَمسَهُ الغَسقُ |
| * * * |
| فاسكبْ شُعاعَك واغدِقْ من مَطارِفِهِ |
| على الأُلى شَفَّهُم من بَعدِك الأرَقُ |
| إذا رأوْك وقد أقبلتَ تَغمُرُهُمْ |
| تبلَّجَ الصُّبحُ واستهدى بك الأُفقُ |
| تفرقوا أُسراً في الدُّورِ واجتمعوا |
| على الوَلاءِ وهم في حُبِّكَ اتفقوا |
| واملك عليَّ عَنانَ القولِ من كَثبٍ |
| فقد تحفظتُ حتى كدتُ أنطلِقُ |
| وقد علمتُ وفي الإسهابِ مُضطَّرَبٌ |
| أنَّ البلاغةَ في الإيجازِ تَتَّسِقُ |
| فأهنأْ بأنَّكَ تَلقى كُلَّ ذي مِقةٍ |
| بالشُّكرِ للَّهِ فيما شئتَ يَسْتَبِقُ |