لَعَمرُ الذي آتاكَ ما أنت أهلُهُ |
ومَن لك منه ناصرٌ ومُعينُ |
ومن ليسَ يَدري غيرُه كيف أنني |
أبيتُ وفي نفسي "الحديثُ شجونُ" |
لأنت لِهذا الشعبِ قُرةَ عينِهِ |
وأنت على أسرارِهِ لأمينُ |
فلو أنَّ قلباً كشَّفَ الحبُ وجدَهُ |
تضاءلتُ حتى ما أكادُ أبينُ |
بأي لُغاتِ الناسِ أملكُ وصفَهُ |
وقد لَجَّ فيه نَازِحٌ وقطينُ |
وما ذاك إلا فيكَ بُطولةٌ |
هي المجدُ - إلاّ أَنَّها لك دِينُ |
* * * |
فذرني -وقد أعييتُ- أحتثُّ أُمتي |
إلى مَثَلٍ فيه النَّجاحُ رَهينُ |
وما هو إلا أنت أيَّانَ أشرقتْ |
"مكارمُ أخلاقٍ" عليك تَزينُ |
فما العيشُ لولاها سِوى العَيْثُ والخَنَا |
وما هو إلا ضِلَّةٌ وفُتُونُ |
وما الفخرُ "بالآباءِ" إلا جِنايَةً |
إذا ضاقَ ذَرعاً بالحِفاظِ بَنونُ |
وما العِلمُ إلاّ أنْ تَصَحَّ "عقائدٌ" |
ويَسلمَ إيمانٌ لنا ويَقينُ |
ولا العِلمُ إلا مَا بنى صَرحَ أُمّةٍ |
على هَامةِ الجَّوزاءِ وهو فُنونُ |
وليستْ قُصاراهُ كلامٌ مُزخرَفٌ |
ولا هو وَهْمٌ بَاطِلٌ وظُنُونُ |
ولا هُو في الجُّلَّى قصيدةُ شاعرٍ |
ولا هو لهوٌ زائِفٌ ومُجونُ |
ولكِنَّهُ في حَوْمةِ البَحثِ حُجةٌ |
وبين مَيادينِ الكِفاحِ حُصُونُ |
وفي مَعرِضِ الإنتاجِ حَرثٌ ومِنجَلٌ |
به الجَّدبُ خِصبٌ والهَشيمُ غُصُونُ |
ونسجٌ وتعدينٌ وحذقُ صِناعةٍ |
تلوذُ بها أمثالُها وَتدينُ |
وفوقَ أعاصيرِ الرِّياحِ بَواشِقٌ |
وتحت أعاجيبِ البِحارِ مَنُونُ |
كشأنِ الأُلى حَولَ الخُطوطِ تَكاتَفوا |
عفاريتَ (سفريدٍ) وجنَ (مَجِينو) |
فتلك سبيلٌ غادرتْ كُلَّ جَاهِلٍ |
على الأرضِ شِلواً وهو بعدُ مَهينُ |
فأحر بأبناءَ الغَدِ اليومَ وثبةٌ |
إلى الأملِ المَنشودِ وهو حَرونُ |
يطوفُ بآفاقِ السَّماءِ كأنَّهُ |
وإيَّايَ طيفٌ في الهَوى وحَنينُ |
إذا سُمتُهُ وصلي تَبَسَّمَ ضَاحِكاً |
وقالَ بَخٍ كرَّتْ عليكَ قُرونُ |
فلا أنت مَشنوفَ الفؤادِ فَتَحْبُني |
ولا أنا أرضى ما مَضى فألينُ |
فذكَّرتُهُ عَهدي ورُضتُ جِماحَهُ |
فما رقَّ إلاَّ أن يَقومَ ضَمِينُ |
ولأياً تناصفنا إليك فأشكنا |
فما كُلُّ مَوهوبَ الحُظوظِ فَطينُ |
وأنت ابنُ من شَادَ المَمَالِكَ بأسُهُ |
وأنت عليها مُشفِقٌ وضَنينُ |
وأنت لأفذاذِ العُروبَةِ نَاصرٌ |
وأنت بما نَصبو إليه قَمينُ |
وأعظمُ ما عَانيتَ ما أنت آملٌ |
وركنُك كالطودِ الأشمِّ رَكينُ |
وأفضلُ ما أبقيتَ نشءٌ مُثقفٌ |
وهذا عَريشٌ للعُلا وعَرينُ |
فأذكِ الأماني (جُذوةً) (فيصليةً) |
ترى الشعبَ في العَلياءِ كيفَ يَكونُ |