هل المجدُ إلاَّ السيفُ والعِلمُ والتُّقى |
ونشر الهُدى إبَّان عصرِ الزَّوابِعِ |
وهل بلغتْ إلا بذلك (أُمةٌ) |
أمانيَّهَا في دَهرِنَا المُتدافِعِ |
وهل أدركتْ (عدنانُ) غايةَ شوطِهَا |
بغيرِ الذي أوردتهُ في الوقائعِ |
فكم أرسلتْ في كلٍّ قُطرٍ وبقعةٍ |
أشعةَ (هَديٍ) مع ضياءِ مُتتابعِ |
وكم خلَّفت آثارَها في نفوسِنا |
خواطِرُ تَعدو بالنفوسِ النَّوازعِ |
وكمْ سجَّل (التاريخُ) عنها صَحائِفاً |
تُضيء وتَبدو كالنُّجومِ الطَّوالعِ |
إذا راحَ يتلوها الزَّمانُ مُرتِّلاً |
لسنا بها فضلُ اتباعِ الشرائعِ |
* * * |
فما كان في دينِ الإِلهِ ووحيهِ |
سوى الخيرِ مشفوعاً بِسدِّ الذرائعِ |
فما فيهِ تضليلٌ ولا فيه حَيْرةٌ |
ولا فيه تلبيسٌ لنيلِ المَطامِعِ |
ولكنَّه دِينٌ صريحٌ منزَّلٌ |
تبين فيه كلُّ أمرٍ وَوازعِ |
فذلك معنى الرُّشدِ ولو لمْ يكن له |
(من الفضلِ إلاَّ حسنُه في المَسامعِ) |
يَحُضُّ على التقوى وينهى عن الهَوى |
ويأمرُ بالمعروفِ في كُلِّ جَامِعِ |
ويدعو إلى الإِحسانِ والْبِرِّ والتُّقى |
ودَركِ المَعالي واتخاذِ الصَنائِعِ |
* * * |
وأعظمُ داءٍ في البسيطةِ قد فَشا |
وأعيا الورى استصلاحُه بالنواجِعِ |
تَنكُبُّ منهاجَ (الشريعةِ) ضِلةً |
وموجةُ (أَسحادٍ) وصيحةُ خادعِ |
فإيانَ يُصغي المَرءُ يَسمعُ فِريةً |
على الدينِ تَسري كالسمومِ النَّواقِعِ |
وكيف استدارَ الطرفُ يشهدُ بِدعةً |
يلجُ بها غادٍ كَنقِّ الضفَادعِ |
إذا لعبتْ في رأسِهِ نشوةُ الطُلى |
أعادَ وأبدى في القلوبِ البَلاقعِ |
وقد راعنا (غولُ التجدُّدِ) مُذ بَدا |
وأيقظَ من أجفانِنَا كُلَّ هاجِعِ |
فلو كان في التجديدِ ما نحن نبتغي |
من الدِينِ والدنيا وجمِّ المنافعِ |
ولكنَّه دعوى تواري وراءَها |
ضلالُ الليالي وائتمارُ الصوامِعِ |
وأَعظمُ فخرٍ في الحياتينِ حرصُنا |
على الدينِ والأَخلاقِ رغمَ القوارعِ |
فبالدينِ لا نخشى من الأمرِ كائناً |
وبالدينِ نَرجو أُخرياتِ المراجِعِ |
وما الدينُ إلاَّ أن نسود ونرتقي |
ونَسعى حَثيثاً في ازدهارِ المَرَابِعِ |
ونخلعُ أثوابَ البطالةِ عَاجلاً |
ونسلكُ كالأَجدادِ تلك المَهايِعِ |
وليس كما يَرويهِ عنه مُضللٌ |
ولا هو ترجيعٌ ورنةُ سَاجِعِ |
ولكنَّه حزم وعزمٌ وقوةٌ |
ونورٌ وفرقانٌ وحجةُ صادعِ |
فأصبحَ من عزمِ الأمورِ وخيرِها |
تعهدُ هذا (المعهدِ) المتواضعِ |
فمنه رَجونَا أن نرى عُصبةَ الهُدى |
تَصدُّ نوازي الجامحِ المُتراجِعِ |
تذودُ عن الإسلامِ عاديةَ الهوى |
وتحفظُهُ من عابثٍ ومُخادِعِ |
وقد حقَّق اللَّهُ الأَماني بمعشرٍ |
نباهي بهم حين التفافِ المَجامِعِ |
أقاموا براهينَ التفوقِ في الهُدى |
ولم يُثنِهمْ عنه اختلافُ المَوانعِ |
فحقَّ بهم فخرُ البلادِ وأهلِهَا |
وأحر بنا تكريمُهم في الطَلائِعِ |
وأكبرُ تشجيع لهم في صُفوفِهمْ |
زيارةُ هذا الكواكبِ المُتلامِعِ |
فلا زالَ مشكورَ الأيادي مُحبباً |
بآمالِهِ نمضي بأسعدِ طالِعِ |