دعا الدَّاعي فلبَّتْهُ الجُموعُ |
وحانَ الجدُّ واحتدمَ الشُّروعُ |
ونافسَ كلُّ ذي سَعةٍ أخاهُ |
وأبّذل جاهدٌ ما يَستطيعُ |
تباروا في (اكتتابِ المجدِ) حتى |
تبلَّجتِ المطامحُ والرُبوعُ |
وجاروا في (المَفاخرِ) كلَّ شعبٍ |
تحامتْه الأَسنَّةُ والدُّروعُ |
وهبُّوا يرأبونَ صُدوعَ مَاضٍ |
بعَزمٍ لا يُخامرُهُ خنُوعُ |
يُحيُّونَ (العُروبةَ) في حِماها |
(شبابٌ) خطوُهُمْ فيها سَريعُ |
سواءٌ في الشُعورِ وفي التفاني |
(أخو السبعينَ) كهلاً والرضيعُ |
* * * |
كأنِّي (بالجزيرةِ) وهي ترنو |
إلى مستقبلٍ فيها يَضُوعُ |
تَرى (فتيانَها) في الجوِّ حُمْسا |
إِذا ما الصَّيفُ حلَّ أوِ الرَّبيعُ |
تَقَرُّ عُيونُها ممَّا أبرَّتْ |
أيادينا وما تَطوى (الضُّلوعُ) |
وتعزونا إلى (آباءِ صِدْقٍ) |
كرامِ الأصلِ نحن لهم (فُروعُ) |
ألا لا يَفخَرَنْ أحدٌ علينا |
فإنَّ كِياننا أبداً مَنيعُ |
أخذنا في (النُّهوضِ) وما انثنينا |
وسِرنا في الطَّريقِ ولا رُجوعُ |
وآلينا (الحياةَ) بكُلِّ بابٍ |
نُفَتِّحُهُ وما مِنَّا جَزوعُ |
وأقسمنَا على أنْ لا نُبالي |
بما يَعرو التقدُّم أو يَروعُ |
ونجري شوطَنا ونُعيدُ عَهداً |
به طَابَ التحدُّثُ والشيوعُ |
زمانَ الناسُ مَرتعهُم وبيلٌ |
من الدنيا ومغنانا مَريعُ |
زمانَ الخَلقُ تنهلُ من هُدانَا |
علومَ الكونِ و العَاصي مُطيعُ |
زمانَ الشرق يُجهشُ في بُكاءٍ |
و يَجري من ضَلالتِهِ النجيعُ |
زمانَ (الغربُ) يُرهقُه صُعُوداً |
بغاةُ الظلمِ و الجهلِ المُريعُ |
* * * |
فإنَّا والأنامُ شهودُ حالٍ |
أُساةُ الكلم (والشَّعبُ الضَّليعُ) |
تباركَ من تَأذَّنَ فاصطفاكُمْ |
لرُشدِ عِبادِهِ (اللَّهُ السَّميعُ) |
سيهدي سَعْيَكُمْ مُنْذُ اتَّبعتمْ |
(كتاباً) شملُنا فيه جَميعُ |
وينصرُكم ويشفِ صُدورَ قومٍ |
لهم في كُلِّ مَكرُمةٍ صَنيعُ |
* * * |
وكيف أسيغُ بعدَ اليومِ يأساً |
وقد بَسقتْ على الرَّوضِ الجُذُوعُ |
أجلْ قد كنتُ منقبضَ الثَنايا |
وقلبي رَغمَ آمالي وَجيعُ |
تجولُ (نواظري) ويضيقُ كفي |
ويؤلمُني التَّواكلُ والهُجُوعُ |
ولمَّا أنْ شهدتُ سَراة قومي |
وما مِنهم عن العَليا مُنوعُ |
نثلتُ كِنانتي وطَفِقتُ أشدو |
وبشر ما تفيض بهِ الدُموعُ |
عليَّ لعِزَّةِ الأسيافِ دَيْنٌ |
ولي بسُلافِها الصَّافي وُلُوعُ |
أكادُ أُضيءُ حين يَجيشُ صدري |
بذكرَاها وتحتجبُ الشُّمُوعُ |
ولولا ما أُعالِجُ من شُجُوني |
إذَنْ لَسَمَوتُ وابتكر (البديعُ) |
* * * |
ولست مُحاذراً هفواتِ عجزي |
إذا (الإِخلاصُ) كانَ هو الشَّفِيعُ |
أبثُّ خواطري وأحِبُّ شعبي |
وللمُزري به الأنْفُ الجدِيعُ |
ألا فلتهتفوا سِرّاً وجهراً |
(ليحيا طودُنا العالي الرفيعُ) |
(مليكُ العُربِ) راعينا المفدَّى |
وذاك الشِبلُ (نائبُهُ) الوَديع |