نِعمَ (الغثاثةُ) و (الرثاثةُ) إن هُما |
كانا كهذا الشعرِ شَاق منخلا |
ولبئسَ كلُّ (تَعرُّدٍ) و (تَمرُّدٍ) |
يُصمى به هذا الرواءُ تَحلُّلا |
ما لي أراني أستعيدُ مُرنحا |
هذا الذي أعيا (سويدَ)
(2)
و (كاهلا)
(3)
|
لو أنَّ قلبَ (طويق) باحَ بسرِّهِ |
لمْ يعدُ ما هو شفَّ عنه مُجلجلاً |
قد زانَ منه جَبينَه بتوائمٍ |
هيهاتَ منها (الدرُّ) أيتمَ أو غَلا |
وكأنَّما التاريخُ فيه صحائفٌ |
تُتلى وتنشدُ ما احتواهُ مُرتَّلا |
وكأنَّ كُلَّ قبيلةٍ و (أثيلةٍ) |
في المجدِ عنه تَحدُّراً وتَسلسُلا |
(جبلٌ) على فوديهِ طامنتِ السُّهى |
من جانبيها فازدهى وتَغزَّلا |
ما انشقَّ إلا مِن وراءِ شعافِهِ |
(فلقُ الصباح) وقد أطلَّ وأَقبلا |
ترنو إليهِ الشمسُ وهي حَريصةٌ |
أنْ لا تشعَّ على سِواهُ وقد عَلا |
منه (القَوافي) الفَاتناتُ تبلجتْ |
(حوراءُ) رائعةٌ تَبرج في (الحُلى) |
بيضاً (غرانقُ) يستريحُ لشدوِها |
طيرُ السماءِ ويستجيبُ مُهللا |
ما (لابنِ كلثومٍ)
(4)
عليه من يدٍ |
شَروى يديك وقد بسطت وأجملا |
وكأنَّ ما أرسى (الجزيرةَ) كُلَّها |
طود اليمامة (راسخاً) ومُكللا |
أنطقتَه والصمتُ ملء بِجادِه |
فشدا وأعربَ واستفزَّ وأَعجلا |
وأبانَ عن خلجاتِهِ وكأنَّها |
نَجوى الخُلودِ وقد دَعا وتَمثلا |
(عدنانُ) أو (قحطانُ) عنه تلقيا |
ما نصتِ الفُصحى أغرَّ مُحجلا |
إِني وربِ البيتِ غيرُ مجازفٍ |
فيما ارتجلتُ ولا وهمتُ تمحُّلا |
كلا ولكنْ هَزني وأهاجني |
(شعرٌ) بِهِ تَمشي (السَراةُ) (الخَيزلا) |
بلْ إِنَّا هي نفثةٌ من شَاعرٍ |
قد راعَهُ هذا (البيانُ) فأَرقلا |
ولقدْ ثملتُ بِهِ كأنَّ كؤوسَه |
فاضَ (الرحيقُ) بها وصفَّقَ بالطُلى |
ما الشعرُ إلا من هُنالِك نبعُهُ |
وهو الذي اقتحم (البحورَ) وقدْ حلا |
ما كنتُ قَبلَ اليومِ أحسَبُ أنني |
أُصغي إلى هذا الحديثِ (مُسلسلا) |
حتى انبهرتُ بهِ تساءلَ فجأةً |
(يا جاثماً (بالكِبرياء) (تَسربلا) |
فازددتُ إيماناً بماضينا الذي |
لا نَرتضي إلا بهِ (مُستقبلا) |
يا أيُّها الجبلُ الأشمُ تحيةً |
تُزجى إِليكَ (فرائضاً) و (نَوافلا) |
ليستْ من اللَّغوِ الأثيمِ وإنما |
من (مَنكبيكَ) سمتْ إِليك تفاؤلا |
زحفتْ بها الآمالُ شتى والرُّؤى |
وتيممتكَ قَوافِلا وسَلائلا |
من حيثُ ما تَجري (الرياحُ) وأينما |
يَدعو (الكفاحُ) مُدرعاً ومُناضلا |
ولتشهدنَّ العُربَ حولَكَ أمةً |
ممن عهدتَ أسنةً وصَواهِلا |
يتخيرونَ من الحَضَارةِ صَفوَها |
ويناوئونَ الشرَّ حيثُ تَغوَّلا |
ودُثارُهمْ توحيدُهمْ وشِعارُهمْ |
(تصعيدُهم) ومنارُهم هدَى (الأُلى) |
ولئن سئمتَ من الدُّجى وظلامِهِ |
حيناً فإنَّ (ضُحاكَ) أصبحَ مَاثِلا |
لم يبقْ حولَكَ للتقَاعُسِ نأمةٌ |
بل لا تَرى إلا السماءَ وسَائلا |
كلٌّ يَخُبُّ على الطريقِ ولن تَرى |
إلاّ (أمامَك) نهضةً ومَشاعِلا |
* * * |