بنعمـةِ اللهِ - فيكَ - (الأمنُ) يجتمـعُ |
والشرقُ والغربُ، بالإكبـار يَستَمِـعُ |
طلعـتَ كالشَّمسِ في الأمصارِ مؤتَلِقـاً |
وفي مُحيَّاكَ نورُ الحقِّ - يلتمعُ |
والبَـرُّ، والبَحرُ، والأفلاكُ، في وَجَـلٍ |
والسَّلْـمُ، والحَربُ، موصولٌ، ومنقطعُ |
والأرضُ راجِفةٌ، والناسُ واجِفةٌ |
والريـحُ عاصفةٌ، والهَـولُ يصطَـرعُ |
تَرجـو الشُّعوبَ وتخشَى - ما يباغِتُهـا |
من قُـدرةِ اللهِ - وهي الذُّعرُ والفَـزَعُ |
حَـيرى تُقَضُّ من البَلـوى مَضَاجِعُهـا |
وتَستَطيرُ بها النَّجوى - وتُقتَلِعُ |
وشيكـة أنْ تَرى (العُمرانَ) مُنخسِفـاً |
فلا صَوامِعُ تُستثنى، ولا بِيَعُ |
سِيانَ مِنها "عتيٌّ" في قَذائِفِهِ |
وراسفٌ كاسـفٌ بالضَّيـم يكتسـعُ |
ما بـينَ شَاكٍ، وأشبـاحِ الرُّؤى قَلَـقٌ |
وبـينَ باكٍ، وأشـراكُ القُـوى طَمـعُ |
تَجاهلوا أنَّهمْ - واللهُ خالقُهُمْ |
"لا يقدِرُونَ على شَيءٍ" بمـا ابتَدَعُـوا! |
هـلا دروا - أنَّ من أسـرارِ حِكمَتِـهِ |
ما هُم تَباروا بِـهِ في الفَتْكِ واخترعُوا؟! |
* * * |
تغوَّلَ النَّاسُ واستَغشَوْا ثيابَهُمُو |
وضَـلَّ أكثرُهُـم عن كُـلِّ ما يَـزعُ |
تَفتَّقتْ باللَّظى أذهانُهُم "كِسَفاً" |
رُكامُهَا هَلعٌ، وظَلامُها قِطعُ!! |
لا يُؤمِنُـونَ "بيومِ الفَصـلِ" يبهتُهُـم |
ولا بأعمالِهم تُجزى، وتُرتَجَعُ!! |
فأوقرَ اللهُ بالخُذلانِ أَظهُرَهُمْ |
أَنْ يَهدمـوا -بيديهم- كُلَّ ما رفَعوا! |
أجل تعاقبتِ الأعصارُ غابِرةً |
على الخليقـةِ - وهي الطَّبعُ - والطَّبَعُ |
من عهـدِ "قابيلَ" عاشتْ لا يُرَوِّعُهـا |
طَلـقُ "الصَّواريخِ" بلْه السَّيفُ والنَّطعُ |
وجاءَ من بعدِهِ في الأرض من سَفكـوا |
حيناً، ومن سَلَكوا طِيناًن وما رَجَعوا؟!! |
كُلٌّ إلى اللهِ يمضي في جَرائِرِهِ |
من حَيثُ لا الدَّمـعُ يَغنِيهِ ولا الجـزعُ |
من الهباءِ، ومن بطنِ "الثرى" اكتشَفـوا |
قواصِفَ الرَّعدِ، وهي (الذَّرُّ) ينصَدِعُ!! |
وذَلِكُمْ ظَنُّهُـم، والشُّهـبُ راصِـدةٌ |
والعَاصـمُ، القَاصِمُ، القَهَّارُ، مُطَّلِـعُ! |
بصَائرٌ وعِظَاتٌ كُلُّها عِبَرٌ |
تُتلَى! وآياتُها الجهراءُ ما يَقعُ |
وليـسَ للخلْـقِ من (خلاّقِهـم) وِزرٌ |
إلاَّ الـذي هُو "لَقَّاهُمْ - بما صَنعـوا" |
ياسيـدَ الشَّـرقِ، والإِيمَاضُ، يُوفِضُنـا |
إليهِ شَوقاً، ومن باليُمنِ يطَّلعُ |
ومن بِمسعَاهُ أَنجى اللهُ أُمَّتَه |
في العَالمينَ، وقرَّت وهي تمتنعُ |
ومـن أياديـهِ -في الإِسلامِ– ألويـةٌ |
يَزهـو بها المَجـدُ، والتَّاريخُ ينتصِـعُ |
لأنتَ يا مَن نُفدِّيهِ ونشْكُرُهُ |
(شـروى أبيكَ) بمـا تأتي، وما تَـدعُ |
حَبـاكَ ذو الأيدِ - بالتَّقوى عَزائمَـهُ |
فقمتَ فيه بما يُرضِيهِ تضْطَلِعُ |
ناجيتَهُ واستَخَرتَ اللهَ مُبتهلاً |
إليه، واللَّيلُ بالظَّلماءِ يلتفِعُ |
تدعـو المُهيمِـنَ، من تَعنُو الحَياةُ لَـهُ |
طَوعاً، وكَرْهاً، ومَنْ يُعلَي ومن يَضَـعُ |
فانقـادَ بينَ يديـكَ البـأسُ مؤتسيـاً |
وانصـاعَ من هو خَدَّاعٌ – ومُنخـدِعُ |
وقلتَهـا - وهـي حَـقٌ لا مِراءَ بِـهِ |
(إنَّ السَّلامَ - هو الإِسلامُ) لا الجشَـعُ |
دَوَّى "الأثـيرُ بها في الأرضِ صَادعَـةً |
بها "العَواصـمُ" والأحزابُ، والشِّيَـعُ |
فروّضتْ وهـي مِشكاة الهُدى (دولاً) |
(كُبرى) ولم تألُ نُصحاً في الأُولى اصطَرعُوا |
غاديتَهُمْ بِخِطابٍ لا التواءَ بهِ |
فصـلٍ، وكان إليـكَ الكونُ يستمِـعُ |
فما تلاقوا على رأيٍ – تَلاقِيهِمْ |
على (حِجاك) وقد أبلغتَ!! واقتنعـوا |
وما لِمثـلِكَ في الأمـلاكِ مَن هَتَفَـتْ |
له (الأَناسـيُّ) طُـراً، وهـي تَجتَمِـعُ |
نصرٌ منَ اللهِ بالتَّوفِيقِ مُقتَرنٌ |
وحُجةٌ دُونَها البُهتانُ يَنقطعُ |
* * * |
يا "حامِـيَ البيتِ" والإِسلام في زمـنٍ |
يَسطو به الطَّيشُ، أو يُودي به الخَـرَعُ |
ويا شِغافَ قلـوبِ العُـربِ تَغمـرُهُم |
فضـلاً وتُؤثِرهُـم أيَّـانَ ما هُرِعـوا |
فـدىً "لِعرْشِـكَ " ما تُزجِي فيالقُهُـم |
وأمـرُك الأمـرُ -باسـم اللهِ- يُتَّبَـعُ |
ها إنَّ شعبَكَ في يُمنَاكَ تَبسُطُهُ |
(دِرعـاً)، وتقبضُـه (سَيفاً) وتَشتَـرعُ |
ينقـضُّ في الـرَّوعِ لا تنهو صَوارِمُـهُ |
ولا الرِّياحُ تُبارِيهِ، ولا الفَزَعُ |
ينأى عن الشرّ إلاّ أن يُلِمَّ به |
فثـمَّ - لا الموتُ – يُثنيهِ ولا الفَظَـعُ |
سبيلُهُ الخيرُ و "التوحيدُ" مِلَّتُه |
مهما تزاورَتِ الأهْواءُ، والبِدَعُ |
عَهدٌ تواصتْ عليه الأَرَضُ مُذْ هتفـتْ |
بِهِ السَّماءُ، وللمستيئِسِ، الطَّلَعُ |
طُوبـى "لأندلسٍ" إِن كنـتَ زائرَهـا |
وإِنَّها "للإِمامِ الحَقِّ" مُنتَجَعُ |
حيَّتـكَ (قُرطبـةُ) واعتزَّ "مَسجِدُهـا" |
وفيـك شَاقتْ له الأَعيـادُ، والجمَـعُ |
فأنت أولُ ذي "تاجٍ" يُتاحُ له |
فيه السُّجـودُ، وقد أزرى بهِ الوَلَـعُ!! |
صَلَّيـتَ حَيثُ استـوى فيهِ، وقامَ بـه |
"خَلائـفُ اللهِ" و (الفردَوْسُ) يمتَـرعُ |
وكانَ (وفـدُكَ) و (الذِّكرى) به عَبَـقٌ |
(رمـزَ الوفاءِ) لِمن شَادُوا ومَن رَفعُـوا |
"عَواهـلٌ" بِكَ في "الحَمراءِ" قد بُعثـوا |
شَطرَ "الرِّياض" وفي "البَطحاء" قد سَطعوا!! |
إن هُمْ تواروا، وإن همْ بالنَّوى افترَقـوا |
ففي "سُعودٍ" وطويلِ العُمرِ، قد جُمعوا!! |
يُحيونَ فِيكَ "عَرانِيناً مُحَشَّدةً" |
ومَجْـدُكَ المَجدُ، لا جُـورٌ، ولا خَنَـعُ |
* * * |
حقـاً لئنْ فَقَـدَ الإسـلامُ "أندلُسـاً" |
ففيـكَ عادتْ، وأربتْ، وهي تَرتَجِـعْ |
جدَّدتَها في رُبوعِ الشرقِ ثانِيةً |
في "المَسجِدينِ" وفي "القَصرينِ" تنطَبـعُ |
تشدو بَلابِلُها، تَزهو خَمائِلُها |
تَحـدُو جَحَافِلُهـا - أريَاضُها شُـرَعُ |
يَمتـدُّ مِنهـا شُعـاعُ النُّورِ، مُنتظِمـاً |
أقصى الثُّغور، وفي أحبَالِها المُنَعُ |
تفترُّ أكمَامُها - عما تُؤثِّلُهُ |
و (الدِّيـنُ)، فيها بِرغْمِ الدُّونِ – يَرتَفِعُ |
مِن "الخَليجِ" إلى سِيفِ "المُحيطِ" شدتْ |
بِكَ "المَنابِـرُ" واستهـدتْ بِكَ الطلَـعُ |
يا صاحـبَ التاجِ، من حُبٍّ جواهِـرُه |
ومَـن بِـهِ "الصُّحُفُ البيضاءُ" تلتَمِـعُ |
حَسـبي من الشدوِ أنَّ الشَّعبَ قَاطبـةً |
أفضـتْ إليك بِـهِ الأرجَـاءُ تَندَفِـعْ |
هذا الشُّعـورُ، وهذا الشِّعرُ، لا حصـرَ |
فيه! ولا خُرَّدٌ في الطيفِ تفترعُ |
نَخَلْـتُ شِعري نَخلاً، وانْطلقـتُ بِـهِ |
إليك أهتُفُ جَذلاناً وأَرتجعُ |
فَكانَ أَبلغُه ما عزَّني (بهراً) |
بما تُشيِّدُ من مَجدٍ وتصطنِعُ |
ما في "مَعدٍ" ولا "عَدنانَ" مأثِرةٌ |
إلاّ وحظُّكَ فيها الوَترُ والشَّفْعُ |
والمُسلمون، وإن شطَّتْ دِيارُهُمو |
جَوانحٌ لك بالإِخلاصِ تَدَّرعُ |
إذا "العُروبةُ" يوماً مسَّها لَغبٌ |
رنَـتْ إليكَ بها "الأَنسـابُ" تفتـزعُ |
تصفيـكَ من حُبِّهـا ما تَطمئِـنُّ بِـهِ |
قلوبُها - ومآقِيها، وما تَسَعُ |
إنَّ (الملـوكَ) وقدْ حَيَّـوْكَ من كَثَـبٍ |
ألقـوا إليـكَ زِمـامَ الرأيِ، واتَّبعـوا |
لا ريْـبَ أنتَ "أمـيرُ المؤمنينَ" وهُـمْ |
من حَولِكَ (الغَـابُ) والآسَادُ تجتمِـعُ |
يقْفُـونَ خُطـوَكَ، والأبصَارُ شَاخِصَـةٌ |
إليك، والأُممُ السَّمراءُ تنتزعُ |
ويؤمنونَ بما تَدعو لَه… ثِقةً |
بأنَّه الحَقُّ، إنَّ الحَقَّ يُتَّبَعُ |
وما سـواكَ لهـذا العِـبءِ مُكتهـلٌ |
واللهُ أدرى بما تَنوي وتضطَّلِعُ |
فاهنأْ بمَقدَمِكَ المَيمُونِ في وَطَنٍ |
له إليكَ حَنينٌ، وهو ينهَرعُ |
والشَّعـبُ مبتهـجٌ، والجيشُ مهتـزِجٌ |
والمَجدُ مُرتجزٌ، والخَيرُ مُرتبِعُ |
وعـشْ طويلاً، وزدْ طولاً وفِضْ نِعمـاً |
وانشـرْ ضُحاكَ، ومَن يَشنَاكَ يجتَـدِعُ |