فما أنتَ إلاّ "أُمةٌ" في "مُتَوَّجٍ" |
بُغدّيكَ منها صِيدُها, وصُقورُها |
إليكَ رنَتْ آصالُها, وبُكُورُها |
وفيكَ اسْتوى إِخلاصُها, وشُعُورُها |
(بلادٌ) عليها من مُحيّاكَ رَوْنَقٌ |
وأنت لها "البُشْرى" تَشِعُّ بُدورُها |
فما مشَتِ "البطحاءُ" نحوَكَ وحْدَها |
ولكنَّها الدُّنيا تَرِفُّ زهورُها |
كأنّك من "أمّ القُرى", وهي في الوَرى |
مَناطُ الهُدى, من حيثُ تَبدو حُبورُها |
مَشارِقُها قُدسيّةٌ, وقلوبُها |
(سُعوديّةٌ), والمَكْرُماتُ شُذورُها |
تَقَبَّلْ هُتافَ الشعبِ, وافرَحْ بأُمّةٍ |
(تَزَّودُ بالتَّقْوى), وتَهْدى أُمورُها |
تُحيّيكَ من أعماقِها في (تفاؤلٍ) |
وتَزحفُ, والأهدافُ منها نُشورُها |
وتَسعى إلى المجدِ الأثيلِ - مُفيضةً |
(بظَّلَّكَ) صفّاً - بَدْوُهَا، وحُضورُها |
تَغْلغلْتَ في أَفْلاذِها وكُبُودِها |
وفيك تَهادى سَهْلُها و "عَسيرُها" |
طَويْتَ "الصَّحارى" نحوها غيرَ عابىء |
بحَمّارةٍ للقَيظِ, قاسٍ هَجيرُها |
بعَزْمٍ تعالى اللَّهُ - تَنْدَكُّ دونَهُ |
(شَماريخُ رَضْوى) عاتياتٍ صخورُها |
وما زلتَ تَبني في حِماها دَعائماً |
من المجْدِ, تَستهوي الشموسَ سطورُها |
أعَدَّ بك الإسلامُ, أَعظمَ قُوّةٍ |
سلامٌ مَراميها, مَحاقٌ نَذيرُها |
تألَّفتَ فيها ما تنافَرَ- بالهُدى |
ولَبَّاكَ منها (عيرُها) و (نَفيرُها) |
نَظمْتَ بها شتّى الأَقاليمِ "وَحْدةً" |
تَوائِمُها - (بالضّادِ) شُدَّتْ سُيورُها |
(لَهَا ميمُ) من أَقْصى الشمالِ - ومثلُها |
جنوباً - وفي (سعْدِ السُّعودِ) هُصورُها |
كأنَّك منها فجْرُها, وصَباحُها |
وأنتَ ضُحاها في الغَواشي، ونورُها |
وفي الدينِ, والدّنيا رفعتَ قَواعداً |
بها (العَرَبُ العَربْاءُ) تَعلو قصورُها |
مُعوَّذةً تَخْشى الشياطينُ رَجْمَها |
وتختالُ فيها أُسْدُها - ونسورُها |
سوى أَنَها ليستْ تَزِنُّ بريبَةٍ |
ولا هيَ من زَهْوٍ تَنَرَّى شُرورُها |
ولكنَّها
(2)
في طاعةِ اللَّهِ - أُمّةً |
إلى الحقَّ تدعو, والإِلهُ نَصيرُها |
أَناطَ بك الرَّحمنُ - حِفظَ كِيانِها |
كما عزّ في يُمنى يدَيْكَ نَظيرُها |
فلم تَأْلُ جهْداً في انتشالِ تُراثِها |
وإِحْيائِها حتى استُعيدَتْ عُصورُها |
وكم لك فيها من مَواقفَ زُلْزِلتْ |
بها الأرضُ, واجْتَثَّ
(3)
العتاةَ عُرورُها |
تَقحَّمْتَ من بأسائِها كلَّ لُجَّةٍ |
بسيفِكَ والهيجاءُ تَطْغى بُحورُها |
إذ الجهلُ فيها والشَّقاقُ حَنادِسٌ |
وإذ هيَ حَيْرى, لا يَبينُ مَسِيرُها |
فما هيَ إلاّ (دعوةُ الصِّدْقِ), وانْتَحتْ |
إلى الخيرِ, والتفَّتْ عليكَ جذورُها |
تُيَمَّمُ ما يُعْلي به اللَّهُ دينَهِ |
وأَرجاؤها - بَسّامةٌ - وثُغورُها |
فأَعجِبْ بها تَسمو إليكَ قريرةً |
ويبلغُ أَعْنانَ السماءِ ظُهورُها |
شبابٌ وفتيانٌ, كأنّ ابْتِدارُهمْ |
ميادينَ سَبْقٍ, لا يُبارى مُغيرُها |
إذا أَومأتْ يُمناكَ يوماً تَدفَّقتْ |
فَيالقُ - يُصلي المُعتدينَ - سَعيرُها
(4)
|
قد اعتصمتْ باللَّهِ, واستمسَكتْ به |
ورَاءك - والمُبْدي المُعيدُ مُجيرُها |
أَيُبرِمُنا قَرْحُ (البُريمي) ودونَهُ |
أُباةٌ تَرانيمُ الصَّفاحِ سَميرُها |
تَشَكَّى
(5)
إلى العُقْبانِ - وهي جَريحةً |
وتُحْرَمُ حتى من (فُتاتٍ) يَميرُها؟ |
أما كانَ في وُسْعِ الذينَ تَصمُّهمْ |
زَوَائِرُها - أنْ لا تُراعَ حُجورُها؟ |
أَيَهْضمُنا
(6)
الحقّ الصُّراحَ مُكابِرٌ |
مَزَاعِمُهُ في كلَ أَرضٍ نكيرُها؟ |
ألا إِنَّها الأَطماعُ, والجَشَعُ الذي |
عَواقِبُهُ مذْمومةٌ، وصُدورُها |
وفي "مُحكمِ الفُرْقانِ" آياتُ ربِّنَا |
تَنادى بها في كلَّ بَاغٍ ثُبورُها |
وفيما كرِهْنا, ما نحبَّ, وربّما |
تكشَّفَتِ البَلْوى, وأَجْدَى عُبورُها |
فما كانتِ الأَحداثُ إلاّ حَوافِزاً |
وخَيْرُ الأماني - ما تَغالتْ مُهورُها |
هوَ الشَّرقُ لَن يُغني عن الغَرْ بأسُهُ |
إذَا لم يُقرَّرْ للشعوبِ مَصيرُها |
ومهما تَمادى (باطلٌ) في اختلاقِه |
فللحقِّ فيه بَطْشَةٌ يَستثيرُها |
أمولايَ، فاهْنَأ بالقُدوم, وإنّما |
لشعبِكَ أَبْكارُ التّهاني, وحُورُها |
حَمِدْنا إليكَ اللَّهَ فيكَ بنعمةٍ |
يُباكِرُنا من عارِضَيْكَ مَطيرُها |
(بأَبْها) و (نَجْرانٍ) و (بالخَرْجِ) تارةً |
وأُخرى (بِعَمَّانٍ) و (مِصرَ) تَزورُها |
وآنةً بينَ (الكويتِ) وفي (الحَسا) |
وفي (جُزُرِ البَحرينِ) يَحْظى أَميرُها |
وتلْقاءَ (باكستانَ) صادقتَ دولةً |
كأنَّك منها بالنَّجاةِ بَشيرُها |
تَعِزُّ (تَعزٌ) أنْ تحلَّ رِحابَها |
و (صنعاءُ) فيما أنتَ تَرْضى ضَميرُها |
فعِشْ جامعاً للشَّمْلِ مُرتَفعَ الذُرى |
بك الشَّرْعةُ الغرَّاءُ صافٍ نَميرُها |
وثِقْ دائماً ممَّنْ نَصَرْتَهُ |
(بتَوحيدِهِ) والعُرْبُ يَشْدو فَخورُها |
فما أنتَ إلاّ (أُمَّةٌ) في "مُتَوَّحٍ" |
يُفدّيكَ منها صِيدُها وصُقورُها |
وبُشْراكَ بالتوفيقِ في كلَّ وِجْهةٍ |
كَيوْمِكَ منها - عامُها, وشُهورُها |
وطوبى لكَ (الحظُّ العَظيمُ) مكانةً |
بها (الدولُ العَظمى) حَفِيٌّ (أثَيرُها) |
تَولاَكَ من ولاَّكَ بالحفْظِ والرَّضا |
ودانتْ لكَ الدُّنيا, ودامَ سرورُها |
وأَلْهمَكَ الحُسنى, وزوَّدَّكَ التُّقى |
وزادَكَ آلاءً تِباعاً شكورُها |