تنافسَ الخيرُ في سِيماكَ والجاهُ |
فَقَرَّ عَيناً بما قد خَصَّكَ اللهُ |
فما الوزارةُ بالكرسَّ فخفخةً |
وإنما هي لفظٌ أنت مَعناهُ |
* * * |
إنْ كنتَ سُميتَ في عهدِ العُلى (حمداً) |
فبالذي لك من سَعيٍ (حَمدناهُ) |
أضنيتَ جسمَكَ بالأعباءِ تَحملُها |
ثقيلةَ الوطءِ حتى بثَّ شكواهُ |
وظلَ قلبُك خَفاقاً ترفُّ بهِ |
شتى الخَواطرُ تُذكيها حَناياهُ |
كأنَّه وهوَ بالأشجانِ مُشتمِلٌ |
ما بينَ جنبيكَ ذو بطشٍ تَحدَّاهُ |
وأنت في الحقَّ مِقدامٌ مَطامِحُهُ |
مُتيَّمٌ سِرُّهُ فيها ونَجواهُ |
* * * |
رأيتَ كيف شعوبَ الأرضِ عاملةً |
تَستنبتُ الصَّخرَ أفناناً وترعاهُ |
وكيف تبتدعُ التَّنظيمَ دائبةً |
فيه الجُهودُ وهامَ المجدِ تَرقاهُ |
فرُحَت تلتمسُ الأسبابَ من كَثَبٍ |
إلى النُّهوضِ وتَحبونا بِبُشراهُ |
تَبُثُّ في الشعبِ روحَ الوَعي مقتبساً |
أشعةَ التاجِ تَروينا رُؤيَّاهُ |
* * * |
لا ندَّعي أَننا قُمنا بِواجِبنَا |
حتى نَرى الشعبَ عُقباناً مَطايَاهُ |
حتى نَرى القَفرَ (دِيباجاً) خمائِلهُ |
ا ستبرقٌ ورُبى الفِردوسِ شَطآهُ |
حتى نَرى الجهلَ موءوداً بلا قَوَدٍ |
يجتثُّهُ العِلمُ والأَطباقُ مَثواهُ |
حتى نَرى الجيشَ و (المنصورُ)
(2)
قائدُه |
ملءَ الفجاجِ وجِنُّ الأرضِ تَخشاهُ |
حتى نُحقَّقَ وعدَ اللهِ نشدُهُ |
فيما يُحِبُّ وما يَرضى بهِ اللهُ |
* * * |
هذا السبيلُ وفيه البعثُ لو عَلِموا |
والخوفُ ما دونَهُ والأمنُ مَرساهُ |
* * * |
بوركتَ يا (حَمدُ) فاسمعْ بلا ضَجَرٍ |
شَدوي وحسبُكَ أَني فيه أوَّاهُ |
إني أرى لكَ في الأَخلاقِ فَلسفةً |
تَمثَّلَ (النُّبلُ) فيها وهي تَغشاهُ |
في فِطرةٍ خَلُصتْ من كُلَّ شائِبةٍ |
بها تَميَّزتَ والعَاداتُ أشباهُ |
لا تهضمِ القولَ تَمويهاً ولا مَلقاً |
وتَمقتُ الزَّعمَ إنكاثاً زواياهُ |
وتنبذُ الجهلَ مَهما كان مَظهَرُهُ |
والجهل ما ابتأستْ فيه ضَحايَاهُ |
(أبا سُليمانَ) إنْ تُزجي الثنَّا عَطِراً |
عليك غَضاً فإنَّ الحُبَّ أملاهُ |
وما أثابَك مَولانا وسيِّدُنا |
إلا بما أنت أَحرى أنْ تَلَقَّاهُ |
شهدتُ أنَّكَ بالتوفيقِ مُتصِفٌ |
وأنَّكَ الشَّهمُ زانتهُ سَجَاياهُ |
بلغتَ منزِلةَ الأَفذاذِ في نصَبٍ |
ما كان أعظمُه بَرحاً وأشجاهُ |
* * * |
لَنحنُ أنتَ بِهذا الفخرِ تُدرِكُهُ |
وأنت نحنُ ومهما حُزتَ حُزناه |
إن الطبيبَ الذي لَبَّيتَ دعوتَهُ |
جميعُنَا لك بالتكريمِ لَباهُ |
واللهُ يحميكَ من تطبيبِهِ أبداً |
في صِحةٍ هي أقصى ما تَمنَّاهُ |
* * * |
محمدٌ أنت (جالينوسَ) أُبصِرُهُ |
في كَفهِ (مِجهرٌ) شفَّتْ مِراياهُ |
وقد تنمرتَ لِلعدوى تُكافِحُها |
فما لِضيفِك قد أعدتْكَ عَدواهُ |
ها أنت تَحكيهِ في جُودٍ وفي كرمٍ |
والمالُ أربحُهُ بالشُّكرِ أسخاهُ |
لازمتَ صُحبتَه حينا فأنت بها |
نِعمَ الحفي ومن لامستَ حَاكاهُ |
* * * |
إنَّ المناصِبَ مهما استعظمتْ سِيرٌ |
في الغَابِرينَ وفيها يُصهَرُ الجَّاهُ |
فمن يُسخِّرُها للحَمدِ فهي بِهِ |
جديرةٌ ولهُ في الخُلدِ ذِكراهُ |
ومن تَمطى بها مُستكبراً صَلفاً |
فكلُّ مَن حولِهِ كُرهاً تَحامَاهُ |
* * * |
لقد بلوناكَ (بسَّاماً) أخا شممٍ |
سَبطَ البَنَانِ بهِ تُطوى مَزايَاهُ |
تقفو أخاكَ ويقفو في شمائِلِهِ |
أهدى المُلوكِ الذي أسدى وربَّاهُ |
وتلك (للعَاهِل) المَحفوظِ مأثرةٌ |
في الطَّيبينَ وخيرُ الشعبِ مَغزَاهُ |
* * * |
(آلُ السُّليمانِ) روضٌ ناضرٌ أََنِفٌ |
همُ (العبيرُ) ومنهم فَاحَ أشذَاهُ |
قد ثقفتْهُمْ على الأيامِ (جامعةٌ) |
رُبَّانُها (المُصلحُ) الهَادي وتَقواهُ |
في قصرِهِ ارتشفوا صَفوَ النَّدى نَهلاً |
وباسمِهِ غَرَّقوا في النَّاسِ نُعماهُ |
* * * |
(عينان) إِحداهُما يُمنى وثانيةٌ |
يُسرى وكِلْتاهُمَا في الخيرِ عيناهُ |
* * * |
تسنَّمَ المجدَ (عبدُ اللهِ)
(3)
يحفِزه |
(عبدُ العزيزِ) و (تاريخٌ) تصباهُ |
وأنت وابنُك كلٌّ مِنكُما (عَلَمٌ) |
وصارمٌ في يمينِ البأسِ حَدَّاهُ |
وأكبرُ القومِ أَحناهم بأصغرِهِم |
ومن أحاطَ بهم عَطفاً جناحَاهُ |
* * * |
لم تَذخروا الوسعَ في الإِنشاءِ نشهدُهُ |
والدينُ يُشرقُ بالدُّنيا مُحيَّاهُ |
* * * |
وما اكتنزتمْ بشُكرِ اللهِ (باقيةً) |
كخدمةِ (التَّاجِ) حَيَّا اللهُ مولاهُ |
مَحضتمُوُهُ قلوباً في بِطانتِهَا |
بِرُّ البنينَ فأصفاكُمْ وأصفاهُ |
مهما اكتسبتُمْ إليه ينتمي شرفاً |
وما بذلتُمْ فمن كَفيْهِ جَدواهُ |
فليأكل الحاسدُ المَكمُودُ مُهجتَهُ |
ولْتصلَ أحشاؤه نَاراً شَظايَاهُ |
* * * |
ومن سَعى سعيَكُمْ حقَّتْ كرامتُهُ |
وحَسبُهُ في غدٍ ما سوفَ يُجزاهُ |
* * * |
الأمنياتُ رُؤًى للمرءِ تَخذلُهُ |
في صَحوِهِ وتناءى وهي تَنعاهُ |
يا حَبَّذا هي لو كانت مُنجَّزَةً |
قَولاً وفِعلاً وخيرُ العزمِ أمضاهُ |
* * * |
أجل مشينا ولكنْ دونَ غايتنَا |
مراحلٌ ذاتُ أغوارٍ وأتيَاهُ |
لا بُدَّ فيها من الإدراجِ يَسلبُنَا |
بعضَ الكَرى ومَن التهويمِ نَأباهُ |
تَواثبتْ حولَنا الآفاقُ عاصفةً |
ونحنُ كالطفلِ تستهويهِ دُمياهُ |
هذا (الوزيرُ) وهاتيكم نماذِجُهُ |
شرائعٌ أينعتْ غرساً وأمواهُ |
تُموَّنُ الشعبَ (أعناباً) وفاكهةً |
ونخلُها مائسٌ و (الكرمُ) تَيَّاهُ |
ومِثلَها جدة نشوى بسلسَلِها |
نهرٌ وزهرٌ (ونفحُ الطيبِ) رَيَّاهُ |
أغناهُ عنها (المجدُ) لولا تهافُتِهِ |
أنْ يَقْتفي القومُ منه مَا تقفَّاهُ |
لا ماتَ من عاشَ مِعواناً لأُمَّتِهِ |
لا عاشَ من ماتَ والأكفانُ ثَوباه |
* * * |
لا يَحسبُ المجد مأخوذ به تَرفاً |
ولا أرائكَ تعلو وهي مَهواهُ |
المجدُ للشعبِ (إيمانٌ) وتضحيةٌ |
وأن يسيرَ على نهجٍ تَوخَّاهُ |
وأنْ نشيدَ ونبني شملَ وحدتِنا |
في (ظِلَّ عرشٍ) قُلوبُ الشعبِ مَأواهُ |
منارُنا بسعودٍ في تَألُّقِهِ |
و (فيصلٌ) وهُما الصِّنوانِ شِبلاهُ |
بيتٌ من المُلكِ في عَدنانَ مُرتَفِعٌ |
يُداعبُ الشمسَ في القُطبينِ عِطفاهُ |
فجَّرتُ فيه (بياني الحُرَّ) أَسكبُهُ |
للشعبِ حيثُ تَحرى الشَّعبُ مرماهُ |
هتافُنا فيه ما عِشنَا نُردَّدُهُ |
أمدَّهُ اللهُ بالحُسنى وأَبقاهُ |
* * * |