لا أخصُّ البيانَ يفتنُّ سِحراً |
خفقُ القلوبِ أطربُ شِعرا |
قَرنَ اللهُ خيرَنَا بك فاشهدْ |
أُمماً فيك نَشكرُ اللهَ طُرا |
يومَ نَلقاكَ تُشرقُ الأرضُ بِشراً |
وتَفيضُ السماءُ غيثاً وتِبراً |
وتسيلُ البِطاحُ فيك اشتياقاً |
وتَموجُ الوُفودُ نَحوَكَ تترى |
وترى الشعبَ (مِهرجاناً) ولولا |
صِبوةُ الحُبِ ما تَدفَّقَ بَحرا |
وبكَ اللهُ يُوسعُ الناسَ خيراً |
زادكَ اللهُ في نعيمكَ شُكرا |
* * * |
كيف لا تملأُ الفِجاجَ ثناءً |
فيك للهِ - والخَمائل - عِطرا |
كلٌّ شَعبٍ في الأرضِ إلا قليلاً |
خائفٌ بائسٌ يجوعُ ويَعرى |
تتنزى الشُرورُ من جانِبيهِ |
ويَعيثُ البَلاءُ مِنه مَداً وجَزرا |
وبِتَقواك للإلهِ استقامتْ |
(أمةٌ) فيك بالهُدى تتذرى |
تعبد اللهَ وحدَهُ وإليه |
تَضرعُ الدهرَ أنْ تُبارَكَ عُمراً |
وهي في فيئِكَ الظليلِ تبارى |
في رضاهُ ومن مَعاصيهِ تبرا |
* * * |
سعدتْ في الحياةِ بعدَ شقاءٍ |
واستهلتْ بك (الأمانيَّ) خُضرا |
ومشتْ في الرَّشادِ أبعدَ شوطٍ |
وبما أنت باذلٌ هي تُشرى |
هدفٌ واحدٌ وشرعٌ حنيفٌ |
ويقينٌ أمضى من السيفِ بتَرا |
ولواءٌ بهِ (الفيالقُ) صفٌ |
كتبَ اللهُ فوقَهُ لك نَصرا |
وحصونٌ بها الجنودُ غَمامٌ |
كأسودِ الشَرى حِفاظاً وزأرا |
وفصولٌ بها المدارسُ ضاقتْ |
تنشرُ الضوءَ والهِدايةَ نَشرا |
وبُعوثٌ لها (الطموحُ) شعارٌ |
تَصرعُ الجهلَ في ضحاياه صبرا |
وشيوخٌ مُحنَّكونَ تراءوا |
كالمصابيحَ في (بلاطِكَ) صَدرا |
وشبابٌ إذا دعوتَ استجابوا |
وأذاقوا العدوَّ صاباً وجمرا |
جمَعَ اللهُ شملَهُم فيك حتى |
بهرَ الخلقَ وعيُهُم بك بَهرا |
محَّضُوكَ الإخلاصَ بدواً وحَضراً |
وأشاعوا الولاء سِراً وجَهرا |
زاحموا الطيرَ في الهَواءِ صُقوراً |
وأطلّوا على (الجَزيرةِ) فَجرا |
ورنوا للضُحى (يُناجيكَ) يزهو |
كضياءِ الشُّموسِ عَصراً فعصرا |
ثمراتٍ غرستَها فهي تُجنى |
طيباتٍ وحسبُك (الدين) بَذرا |
* * * |
مِننٌ للإلهِ هَيهات تُحصى |
ومن الحقَّ أنَّها بِك تُطرى |
لكَ فيها الخلودُ في كُلِّ جيلٍ |
ولك الباقياتُ أعظمُ أجرا |
تتجافى بك المَضاجعُ زُلفى |
حين نلهو وتَسلخُ الليلَ ذكرا |
(طاعةٌ) لم تَزِدْكَ إلا جَلالاً |
وبها أنت تَزجُرُ الغيَّ زَجرا |
* * * |
فازَ واللهِ من تَقفَّاكَ خَطواً |
وبك اشتدَّ من تولاَّكَ أَزرا |
(مجلسٌ) تسبحُ المَلائِكُ فيه |
(سلفي) ويعبَقُ الجوُّ طُهرا |
فيه (فرضٌ) به الصَّلاةُ عِمادٌ |
وحديثٌ به (الشريعةُ) تُمرى |
وعِظاتٌ لِلَّهِ تُتلى تِباعاً |
تَتَغشَّى القلوبَ طَياً ونَشرا |
* * * |
ذاك سِرُّ الحُظوظِ بلْ هو صَرحٌ |
شيَّدتْه لك المَقاديرُ قَهرا |
* * * |
يا ربيعَ العُفاةِ أعجلتَ فاسمحْ |
وأجِزنا باللقاءِ عَاماً وشَهرا |
دونَكَ الشعبُ صفحةً من كتابٍ |
في جِباهِ السَّراةِ يُقرأ سطرا |
لا نُطيقُ الفِراقَ إلا اضطراراً |
ولك الطوعُ كُلَّما شئتَ أمرا |
شدَّ ما سَامنا النوى فتمهلْ |
أو فلا غَروَ أنْ ترَى الشعبَ سَفرا |
فخُذِ الآن في يديكَ قُلوباً |
تخِذتْ قبلَكَ (المُربَّعَ) وَكرا |
إِنَّ ميعادَنا بها يومَ تبدو |
وهي كالطيرِ بالمناهلِ تُغري |
* * * |
ضِعف شجوِ البُعادِ مَلقاك زهواً |
وحبوراً وحبذا أنت بُشرى |
* * * |
لكأني وللشِعابِ حَنينٌ |
وهي تَعدو إليك نَشوى وسَكرى |
غِبطةٌ شأنُهَا بينك تروى |
وبيُمناكَ رحمةُ اللهِ تَترى |
إنما أنت في الحقيقةِ شمسٌ |
تَغمُرُ الناسَ في شُعاعِكَ غَمرا |
ما غَدَا بالبعيدِ عنَّا وماذا |
هو مِنَّا ولو تحرمَ عَشرا |
حفِظَ اللهُ دينَه بك حِفظاً |
ولتعشْ للبِلادِ والشَّعبِ ذُخرا |