(رؤيا) بها (العينُ) تَصحو بعد إغفاءَ |
أم أنًّها (العينُ) رأيَ العينِ للرائي |
أم أنَّها (النهرُ) يجري من مَنابِعِهِ |
سبائكا من (لُجينٍ) ذابَ في الماءِ |
أم (جُدَّةٌ) هذه أم (دجلةٌ) نُشرتْ |
بها (الحياةُ) ودبَّتْ بعد إِقواءِ |
(مدينةٌ) شابَ فيها الدَّهرُ واكتلهتْ |
بها (القُرونُ) وعانتْ أيَّ ضراءِ |
يشكو الصَّدى في ثَراها (اليمَ) مضطرباً |
وحولَها (كَوثراً) أخيافَ (حدَّاءِ) |
ويسقطُ (الطيرُ) عن أجوائِها عَنَتاً |
بما يُلاقيهِ من قَيظٍ وإصلاءِ |
وفي قوادِمِه الأشجانُ مترعةٌ |
وفي خوافِيهِ نَجوى ذاتُ ضَوضاءِ |
يلقى بها (الحُبَّ) لا يعيا بمرتَعِهِ |
وكبدُهُ يتلظى دونَ إرواءِ |
فكيف والنَّاسُ فيها يَصطلحونَ بها |
حرَّ الهَجيرِ وهجرَ الخُنَّس اللاَّئي |
يستعذبونَ (الرَّبابَ الجُونَ) من كثبٍ |
َإذا السَّماءُ هَمَتْ تلقاءَ (تِيماءِ) |
ويعتُبونَ على (التَّاريخِ) في حَنَقٍ |
مُرٍّ وفي زفرةٍ حَرَّى وإزراءِ |
* * * |
أعندَها (الفُلكُ) فوقَ البحرِ ماخرةً |
بكُلِّ (فاكهةٍ) تُزجى وسراءِ |
وفي مَرافِئهَا من كُلَّ نافلةٍ |
ما تشتهي النفسُ من شئٍ وأشياءِ |
وفي شواطِئها (العمرانُ) منبسطٌ |
كأنَّه (لؤلؤٌ) في جِيدِ حَسناءِ |
يمتدُ في زينةٍ تبدو لناظِرِها |
أبهى من (العِقدِ) أو ديباجِ (صَنعاءِ) |
فإنْ هي استشرفتْ للماءِ تنشدُهُ |
جفَّتْ كُراهاً وجفَّتْ كلُّ خضراءِ |
كأنها (مَجهلٌ) في مهمه قُذُفٍ |
ضلَّتْ بهِ (الريحُ) في أحشاءِ صَحراءِ |
* * * |
يا حبذا أنت من (لِمياءَ) باسمةًٍ |
في (الثغرِ) لا شفةٌ في ثغرِ لعساءِ |
ِمَرحى الأُلى من وفودِ اللَّهِ ما بذلوا |
في (الفرضِ) واحتملوا من فرطِ وَعثاءِ |
بشراكُمُ اليومَ أفياءٌ قد اتصلتْ |
بها (المناهِلُ) في يُسرٍ وإمراءِ |
مشى إليكمْ بها (عصرُ السعودِ) مَدى |
عَبرَ (الجُمُومِ) ولا (ماء كصدّاءِ) |
عذبٌ فراتٌ كأنَّ الطلَّ رقرقَهُ |
أبَانَ واكفه بالوبْل وطفاءِ |
جرتْ (عزيزيةً) في الحوضِ وانشرحتْ |
بها الصُّدورُ وعبَّتْ كُلُّ عجماء ِ |
في ظرفِ (كأنَّ الطلَّ رقرقَهُ) |
أبّانَ واكفه بالوبْل وطفاءِ |
كأنَّها(البُرءُ) في جسمِ العليلِ مشى |
أو أنَّها (غادةٌ) زُفَّتْ بأضواءِ |
أمضى (الوزيرُ) بها أمرَ (المليكِ) ضُحَى |
كشأنِهِ (دأباً) في كُلِّ إنشاء ِ |
وحققَ (الأملَ المنشودَ) مُحتسباً |
في هِمةٍ كوميضِ البرقِ شماءِ |
* * * |
فلتملؤوه مَريئاً في مَزاوِدِكمْ |
ولتشربوه هَنيئاً دونَ إحماءِ |
ولتشكروا اللَّهَ من أعماقِكمْ سَحراً |
بما أعدَّ لكمْ من كُلِّ نَعماءِ |
ولتذكروا ما مضى من قبلُ من حَرَجٍ |
ومن (أُجاجٍ) وإعماءٍ وآسقاءِ |
ولتهتفوا أبداً بالفضلِ قلَّدةُ |
(عبدُ العزيزِ) (المُفدى) بالأعزاءِ |
(المستعينُ) بنصرِ اللِّهِ لا برَحتْ |
أكنافُهُ الخُضرُ في خِصبٍ وأحياءِ |
يا مطلعَ اليُمنِ تستهدي الشموسُ به |
ومن بهِ نتوخى كُلَّ عَلياءِ |
ومن إليه عيونُ الشعبِ شاخصة |
إلى (السَماكين) من مَجدٍ وإثراءِ |
هيهاتَ أطمعُ في الذكرى غَداةَ غدٍ |
ما لم تكنْ في حياةِ الشعبِ أصدائي |
* * * |
إني لأسمعُ (همسَ العينِ) قَافيةً |
يمتدُّ في (سِرِّها) المكنونِ إِنشائي |
فيها الدَّلالُ وفيها السَّحرُ منبجسٌ |
ورجعُها فتنةٌ يبتزُّ إصغائي |
هيفاءُ راقصةٌ بيضاءُ ناصعةٌ |
شَفَّاءُ تخطِرُ في جُلبابِ عَذراءِ |
تقولُ وهي تَهادي في غَلائِلها |
ما ليس يُحسنُه شعري وإِطرائي |
يتلو عليك الثنا مُرفضُّها (سُوراً) |
مُرتلاتٍ (حباباً) فوقَ (صهباءِ) |
وتستهلُّ (الندى) راحاتُها غَدَقاً |
من غُرةٍ كجبينِ الصُّبح غَراءِ |
في كلَّ حنجرةٍ منها لها وتَرٌ |
بالشُّكرِ يعزفُ في تيهٍ وإغراءِ |
فارووا بها واسكبوا منها مُكارمةً |
على الجِباهِ وحيوا أختَ (ميساءِ) |
* * * |
ولستُ أزعُمُ (لغواً) أنَّها سُبِكتْ |
من (عَسجدٍ) أو (لُجينٍ) مَحضَ إملاءِ |
لكنما هي تَجري بَينكُمْ (ذهباً) |
من (الدنانيرِ) كِيلتْ كيْلَ إِهراءِ |
تدفقتْ من يديْ (عبدِ العزيزِ) جُدي |
أعيا بهِ الشعبُ من دانٍ ومن ناءِ |
حاشا (زبيدةَ) و (البطحاءَ) شاهدةً |
بأنها (أمةٌ) في نسلِ (حواءِ) |
ما زال (نعمانُ) مَفتوناً وساكنه |
(بعينِها) تتحدى كلَّ نجلاءِ |
فاسألْ بها (الصّخرَ) ينطِقْ وهو مُنفجِرٌ |
واعجبْ (لنضَّاخةٍ) من جوفِ (رَمضاءِ) |
جرتْ فضولُ ذيولِ الريطِ وافترطتْ |
في اللَّهِ ذخُراً وأجدى أيَّ إجداءِ |
ويحَ (الأباطيلِ) تمحوهُا مُزورةً |
بكلِّ قاصمةٍ في ظهرِ مَشَّاءِ |
ترتدٌ خاسرةً شلأَ حاسرةً |
تجثو وتلهثُ من بهرٍ وإعياءِ |
* * * |
هذا (نداكُم) وهذا ما تَأثَّلَهُ |
يبقى ويفنى سخاءُ (الحاتمِ الطائي) |
بذلتمُ الروحَ قبلَ المالِ في بلدٍ |
بكم تجيشُ غواديِهِ بأَنواءِ |
واللَّهُ قدْ خصَّكمْ بالخيرِ عازفةً |
عنه (الملوكُ) عُصوراً رهنَ أَطواءِ |
برهانُ صدقٍ على الإِحسانِ قد غشيتْ |
أنوارُهُ كلَّ رَمداءٍ وعَمشاءِ |
ومن بنى أمةً كانت محطَّمةً |
فكيف لا يسعفُ الظمآنَ من ماءِ |
وكم صروحٍ لكم في (المجدِ) شامخةٍ |
وكم لكم مِن (أيادٍ) جدُّ بيضاءِ |
وكم بكم عظُمتْ ما بيننا نِعمٌ |
تترى مواليةً في غيرِ إبطاءِ |
عاشَ المليكُ (طويلُ العمرِ) ما سطعتْ |
شمسُ النَّهارِ وغنتْ كلُّ ورقاءِ |
ولا برحتَ (سعوداً) في مطالِعنا |
و (آلُك الشمُّ) في عِزٍ وإعلاءِ |