تضاعفَ فيك الشكرُ لِلهِ والحَمدُ |
وكفَّرَ منك القربُ ما اقترفَ البُعدُ |
وقرَّتْ صَباباتُ الهوى بعدَ أنْ هَفَا |
إليك بها القلبُ المُتيَّمُ والقَصدُ |
شجونٌ طواها الصَّدرُ في كُلِّ خَافق |
على الوَصلِ لا هَجرٌ يُطاقُ ولا صَدُّ |
وأنَّاتُ مُلتاعٍ هو الشَّعبُ كُلُّهُ |
كأنَّ كَلوماً فيه لم تَلتَئِمْ بَعدُ |
تمطَّى بها اللَّيلُ البهيمُ مراغِماً |
فلا أنت تجلّـوهُ ولا صُبحُنا يَبدو |
تمطَّى بنا الأشواقُ تَرقَى كأنَّنا |
نَروحُ مع الطَّيرِ المُغيرةِ أو نَغدو |
ونَنهلُ في حَوضٍ من الشَّجوِ مُترعٍ |
وما أنَّ لَنا إلا على ضَحلِهِ وِردُ |
وهيهاتِ يحكي "الشِّعرُ" مَكنونَ أُمّةٍ |
يجورُ بها الحُبُّ المُعوَّذُ والوُدُّ |
تَحاملْ مع وقعِ النَّوى في سَوادِها |
وفي كُلَّ كَبِدٍ من تَباريحِها وَقْدُ |
* * * |
وكم حَمَّلَتْ ريحُ الصَّبا مُشرئِبَّةً |
إليك هَيَاماً دُونَه الجَزرُ والمدُّ |
فتأبى اضطلاعاً بالأمانةِ أن تُرى |
وقد شَفَّها (برقٌ) أو احتثَّها (رَعدُ) |
وأولى بها لو أنَّها قَصفتْ بها |
"جِبال شروري" لا عترى جوفَهَا الصَّهدُ |
ولما اكفهرَّتْ بالعبادِ نُفُوسُنا |
وضاقتْ بِنا الأرضُ الفسيحةُ والجَّهدُ |
دَعَوْنَا فلبَّى اللهُ فيك رَجاءَنَا |
وأقبلَ فيك الجُودُ والفخرُ والمَجدُ |
وباكَرَنَا فيك الحَيَا وتهلَّلَتْ |
ثُغُورُ (الهُدى) واستبشرَ البِرُّ والوَعدُ |
وخفَّ إليكَ الشَّعبُ جَذلانَ هاتِفاَ |
ومن حَولِهِ الجَّيشُ (المُظفَّرُ) والجُنْدُ |
* * * |
ولو مشتِ (البطحاءُ) قَبلَكَ لا مرىءٍ |
من الشَّوقِ وافتْكَ الشَّعابُ بها تَعدو |
* * * |
بروحي بَسامٌ تراءى جلاَلُهُ |
وفي وجهِهِ الإشراقُ والبِشرُ والرُّشدُ |
وقد شعَّ بدرُ التَّمَّ فوق جَبينِهِ |
وطافتْ به (الأشبالُ) والتفَّتِ (الأُسدُ) |
(أميرٌ) به الدَّهناءُ مُخضلَّةُ الثَّرى |
تَضَوَّعَ في كُثبانِها الشَّيحُ والرَّندُ |
فلا تَحَسبَّني في الفضاءِ مُحلِّقاً |
ولكنَّهُ الإقبالُ واليُمْنُ والسَّعدُ |
ولكنَّه (الإخلاصُ) فينا أشَعْتَهُ |
يَزيدُ على مَرَّ الزَّمانِ ويَشتدُّ |
* * * |
فيا ابنَ الذي أنت الوَليُّ لِعهدِهِ |
ومن هو فيك السِّرُّ والحلُّ والعقدُ |
لأنتَ (المُفدَّى) في (مَعدَّ) بأسرِهَا |
وأنت الرَّبابُ الجُونُ والفَاتِكُ الوَردَ |
وأنت الذي آمالُنا فيك رَحبةٌ |
يُرجِّعُها الحَادي ويُهدي بها الوَفدُ |
إذا ائتلقتْ في (بُردتَيكَ) حَسبتُها |
شُموسَ الضُّحَى تَفري الدَّياجي بهَا (نجدُ) |
تنوّرتُها (أقصى الحِجازِ) ويثربٍ |
وما كنتُ لولا الحُبُّ في ضَوئِها أشدو |
كأنَّ ثَنائي فِيكَ في كُلَّ مَوقفٍ |
هو الذَّهبُ الإبريزُ والأبلقُ الفَردُ |
تكادُ بهِ (الآفاقُ) تُشذي مُصيخةً |
إليه ويَندي الزَّهرُ أو يَعبَقُ النَّدُّ |
أرى في (رياضِ) المَجدِ منك خَمائلاً |
مُعطرةَ الأنفاسِ يَزهو بها الوَردُ |
فأنت "لُدنيانا" مَلاذٌ "ودِيننَا" |
معاذٌ وفيك الحُرُّ يهتِفُ والعَبْدُ |
* * * |
فقُل لِنِزارَ أين فَاضتْ جُموعُها |
هَنيئاً لك العيشُ المُرَفَّهُ والرَّغْدُ |
ومَرحى بآلاءِ (السُّعودِ) وأنها |
لأعظمُ أنْ يأتي عَلى حَصرِها العَدُّ |
فلا زلتَ في "قلبِ الجزيرةِ" كوكباً |
ولا راعَنا فيك السُّهادُ ولا الوَجدُ |
وشايَعَكَ التوفيقُ في كُلَّ مَطلبٍ |
وعاشَ كما أُخوتَهُ (فَهْدُ) |