شوقٌ يفيضُ وأمةٌ تَتَرقبُ |
وهَوىً يلجُّ به الفؤادُ ويشعبُ |
ومباهجٌ تَتْرى كأنَّ شُعَاعَها |
من ضَوءِ وجهِكَ في الجَّوانحِ يُسكبُ |
وخواطرُ شتى كأنَّ طيوفَهَا |
وشيُ الربيعِ مَشى عليه الرَّبربُ |
وكأنَّما الأبصارُ فيك وقد رنتْ |
نِيطِتْ بها كلُّ القلوبِ تُرحَّبُ |
أو أنّها شُدَّتْ إلى أهدابِها |
لتراكَ وهي إلى ضُحاكَ تُصوَّبُ |
* * * |
عبءٌ ثقيلٌ أنْ يطولَ بها المَدى |
حَملتْه منذُ نأيتَ وهيَ تُقطبُ |
نهضَتْ بهِ وكأنها في وَجْدِهَا |
وحَنينِهَا المَسْجورِ قفرٌ مُجدِبُ |
أو أنَّها مُنِيَتْ بما لم تَحتَسِبْ |
حيناً وكادتْ إثرَ ذلكَ تلغُبُ |
* * * |
تسمو العيونُ إليك في حَلَكِ الدُّجى |
وتَجُوسُ آفاقَ السماءِ وتدأبُ |
وتَشُقُّ أجوازَ الفَضَاءِ كأنَّهَا |
بين السَّديمِ عناصرٌ تَتعَقَّبُ |
هذا وما في القوم دونك هَاتفا |
إلا تَطلَّعَ حَيثُمَا تتغيَّبُ |
وكأنَّها فوقَ "المُحيطِ" وحَولَه |
تلقاءَ "شخصِكَ" هالةٌ أو مَوكِبُ |
مأخوذةٌ بنُهاكَ تَعلَمُ أنَّهُ |
ألقُ الشُّموسِ إذا تغشَّى الغَيْهَبُ |
ما رأيُها فيك الجَلالُ ولا الهُدى |
لكِنَّما هي بالعَواطِفِ تغلبُ |
* * * |
هيهاتَ ما الدُّنيا لغيرِ مُغامرٍ |
أبداً ولا هي (بالتَّقيةِ) تُطلبُ |
هانتْ على منْ عزَّ فهي ذُبابةٌ |
وعتتْ على مَنْ ذَلَّ فهو مُذبذبُ |
لا شيءَ إلا وهو فَيها (آيةٌ) |
للهِ ثُم هي الدَّقائقُ تُحسَبُ |
* * * |
ما مَن يُنشَّأُ في الكِفاحِ كمثلِ مَنْ |
هو في حُلاهُ السَّادِرُ المُتعجبُ |
يا بؤسَ للجهلِ المقنَّعِ بعدما |
(نطقَ الجَمادُ) وحَلَّقَ المُتهيّبُ |
* * * |
أواهُ أدري أأبلغُ ساعةً |
أحيا بِها في العُمرِ أم أنا أذهبُ |
هي تلك حينَ أرى البلادَ تمحضتْ |
عن (نهضةٍ) تَمحو الخُمولَ وتَخلُبُ |
* * * |
إنّي لأنظرُها الغَداةَ كأنَّها |
صُحُفٌ تقلَّبُ في يديَّ وتُكتَبُ |
يا ابنَ "المُفدَّي فيصلٍ" وحفيدَ من |
هُو في (الجَزيرةِ) ليثُها المُتوثَّبُ |
إني لأوقنُ أنَّ ما أبصرتَهُ |
(عبرَ البِحارِ) مَشاهِدٌ لا تَعزُبُ |
وكأنَّها (الرؤيا) إذا ما فُسَّرتْ |
وهي الحقائقُ ليس عنها مَهرَبُ |
فادعُ (الشبابَ) إلى الحياةِ وإنما |
يُهدي إليها (الكادحُ) المُتصبِبُ |
وعداهُ يُشفقُ أن يخوضَ غِمارَهَا |
إلا إذا هي في (صِباهُ) تَشبَّبُ |
* * * |
ما العيشُ إلاَّ اليومَ (عقلٌ راجحٌ) |
أو (سَاعدٌ) يفري الحُقولَ ويَنصَبُ |
عَرَقٌ يسيلُ على الجبينِ كأنَّهُ |
رَمزُ البقاءِ إذا تكلَّم يُعْرِبُ |
أما التَّواكلُ والتكاسُلُ والضَّنا |
فالبؤسُ والحِرمانُ فيمن يَهرُبُ |
* * * |
إنَّ الحضارةَ سوف تُعلِمنا غداً |
وتقَرُّ عَيناً (بالأساةِ) وتَطربُ |
سترى بإذنِ اللهِ أيةَ أمةٍ |
في الأرض تحفلُ بالبنينَ وتُنجِبُ |
وتعودُ بالإسلامِ في ظِل الهُدى |
(فجراً) يُضيءُ بِه (السَّلامُ) ويَرقبُ |
مَرحى (حُماةَ الضَّادِ) أنتم ذُخرُنا |
وبِكمْ نُشرَّقُ تارةً ونُغَرَّبُ |
فخذوا بِنا النَّهجَ السَّويَ فإنما |
نقفو بِكمْ أثرَ (الخُلودِ) ونُرهَبُ |