بين برحِ النوى وبُشرى اللقاءِ |
زَحَفَ الشعبُ هَاتِفاً بالوَلاءِ |
مُطبقاً كالسيولِ من كُلِّ فجِّ |
من جِوارِ "الحطيمِ" والبَطحاءَِ |
ينتحي شاطىءَ "الخِضَمَّ" مُلحّاً |
شوقُه الشوقُ عالِقٌ بالذمَاءِ |
أين منه الرياح عصفاً وقصفا |
والسَّحابُ الحفيلُ بالأنواءِ |
* * * |
إنَّ شعباُ وَلِيتَه لهوَ شعبٌ |
مُشرَئبٌّ إلى عَنانِ السَّماءِ |
كلُّهُ الحبُ كلُه الشكرُ يشْدو |
لك بالحَمدِ عَاطِراً والثَّناءِ |
كادَ يخطو على العُبابِ ويَعدو |
منذُ غادرتَه على "الخَرساءِ" |
وثبةٌ إثرَ وثبةٍ إثرَ أُخرى |
من مَساعيرِ قومِكَ الأوفِياءِ |
من شبابٍ ومن شُيُوخٍ كأني |
بهمُ اليوم مَوكباً من إباءِ |
وكأنَّ الجِبالَ فيهم تخطَّى |
والأهاضِيبُ اقبلتْ في المَلاءِ |
صَدعوا دُونّكَ الظلامَ وبثَّوا |
لك أحداقَهُمْ على الأرجَاءِ |
ثم أضغوا غليك تَدفعُ عنهم |
كلَّ ما شَابَهُم من الأغذَاءِ |
تارةً في السماءِ والأرضِ طوراً |
وعلى الفُلكِ او مُتُونِ المَاءِ |
تَبهَرُ السَّاسَةَ الدُّهاةَ وتَحكي |
وَرَعَ الرَاشِدينَ والخُلفَاءِ |
ولك الرأيُ قاطعٌ كَحُسامٍ |
أو كتيَّارِ "مُوجبِ الكُهَرَبَاءِ" |
"حكمةُ الشرقِ" بين شِدقَيْكَ تَمحو |
(زُخرُفَ الغَربِ) في أتمِّ جَلاءِ |
تلك للَّهِ آيةٌ فيك تُتلى |
عَزَّ إدراكُها على "الزُّعمَاءِ" |
* * * |
كُلُّ قَلبِ لديكَ مِنَّا شراعٌ |
خافقٌ بالحياةِ في الدَّأماءِ |
زُمَرٌ كالنُّسورِ تَنقَضُّ أنَّى |
شئتَ أطلقْتَها على الأعْداءِ |
لا تُبالي البقاءَ إلى على ما |
أنتَ تَبنيهِ في سبيلِ البَقاءِ |
آثرتْ أنْ تعيشَ فيك وتَفنى |
لا على ريبةٍ ولا استِخْذَاءِ |
كيفما قُدْتَها مَشتْ لك طَوعاً |
في ضُحى الشمسِ أو دُجى الظُّلْمَاءِ |
تَتَواخى رِضاكَ في اللهِ سِرّاً |
وجِهاراً وفي ظلالِ "الِلواءِ" |
تعبدُ اللَّه وحدَهُ وكَفَاها |
أنَّها فيه شُعلَةٌ من ضِياءِ |
* * * |
يا مليكي وسيِّدَ النَّاسِ طُرًّا |
ومنارَ الهُداةِ والحُنفاءِ |
كيف لا يفتديكَ شعبٌ تَغذَّى |
بأياديكَ آخذٌ في النَّماءِ |
أنت أصفيتَه الهَوى فتَألَّى |
أن يُجازيك ضعفَه باعتناءِ |
كان بالأمسِ لا يُجيرُ فأضحى |
بك يفتنُّ في ضُروب العُلاءِ |
طامحاً ينطحُ السَّماكَ برو |
قيهِ ويَرقَى مَناكِبَ الجَّوزاءِ |
يَتقفَّى خُطاكَ شِبراً بِشبرٍ |
ويؤدي أمانةَ "الشُّهداءِ" |
ويُنادي "بِوحدةِ العُربِ" تحيا |
في حِمى الدَّينِ واللُّغة والدُّعاءِ |
وسواءٌ عليه في ذاك مِصرُ |
وربى الشامِ أو رُبى "صَنعاءِ" |
والبهاليلُ في العراقِ ونجدٍ |
والمَيامينُ من بني "العَرباءِ" |
شِيعٌ في البلادِ شتى ولكنْ |
وحَّدتْهُمْ مَصارعُ الضُعَفاءِ |
إنما غايةُ الجميعِ دُرُوعُ |
مِن يقينٍ وقُوَّةٌ مِن إخاءِ |
* * * |
وأرى الدينَ جَامِعاً كُلَّ رُشدٍ |
رغمَ أنفِ الظِّلالِ والأهواءِ |
فيه يَشهدُونَ من كُلِّ مَجدٍ |
وسُمُوِّ وعِزَّةٍ قعسَاءِ |
حسبُنا اللهُ ما دَعونا إليه |
هو نِعمَ النَّصيرِ في الأعباءِ |
فأتَلقْ وامتطِ الرِّقابَ وأشرقْ |
فوق "أم القُرى" وفي "الصًّحراءِ" |
بين صفين من حِراءَ فبُصرى |
تتلاقى كُبودُهُم في صَفاءِ |
ألَّفتهم لك العَنايةُ "قَلباً" |
واحداً شاكراً بلا استثناءِ |
* * * |
واطوِ عنَّا الفِراقَ حِيناً فإنَّا |
لنَرى فيك أعظمَ النَّعماءِ |
أنت روحٌ وكُلُّنا لك جِسمٌ |
فاقِضنَا بعضَ حَقِّنا في الثَّواءِ |
لا تَذرنا نَضِيقُ بالبُعدِ ذَرعاً |
يا أبَا الشَّعبِ قسمةَ الأبناءِ |
جشَّموني إلي ذَوْبَ فُؤادي |
لأباري عباقرَ الشُّعراءِ |
وأراني وقدْ عَصاني بَياني |
دُونَهُمْ قُدوةً على الإفضَاءِ |
* * * |
وإذا لم أطِقْ ولستُ مطيقاً |
رَفعَ ما يحملونَ مِن إعيائي |
فشهودُ العيانِ أذكى ومَا لي |
قِبَلٌ باحتمالِ شعبٍ وَرائي |
* * * |
زادَك اللهُ نِعمةً وشُكوراً |
وتَوَلاَّكَ بالهُدى والرِّضاءِ |
ولتعشِ والبنونَ رمزَ نُهوضٍ |
"وسُعودٍ" وغِبطةٍ وهَنَاء |