خَلَّ الحديثَ عن المَاضي وما ذَهَبَا |
وقُصَّه (عَسجداً) أو نُصَّهُ ذهبا |
وأهرق بيانَك في شعبٍ جوانِحُهُ |
تكادُ ترقُصُ في استبشارِها طَرَبا |
واهتفْ بها (لُغةً) خَرساءَ ناطقةً |
ليستْ هُراءً ولا لَغواً، ولا كَذِبا! |
لا يملكُ الشعرُ فيها غيرَ أخِيلَةٍ |
ولا (المُفوَّهُ) إلا السَّجعَ والخُطبا! |
أفضى بها (التِّبرُ) في الدِّينارِ قافيةً |
صفراءَ، كالشَّمسِ شعتْ واستوتْ لَهبَا! |
هي الحياةُ! وما جدوى الحياةِ إذا |
أكدتْ؟! وما بلغتْ من مَطمَحٍ سَببا! |
ويحَ الأمانيّ تغلو في كواذِبَها |
إذا تَمادتْ، وكانت كلُّها (أدبا) |
لا بُدَّ من غَمراتِ الكَدحِ تَصهَرُنَا |
و (إنَّما الرَّاحةُ الكُبرى لمن تَعِبا) |
آمنتُ أنَّ (سُعوداً) في مَواقِفِهِ |
(شَعبٌ) تحفَّزَ في تَاريخِهِ دَأَبا |
في كُلِّ يومٍ لنا من سَعيِهِ مَثَلٌ |
تُطأطِىءُ الهامُ إكباراً إذا ضُربَا |
قد حَارَبَ (الجهلَ) حتى اندكَّ مُبتئِساً |
وانبثَّ مُنتكِساً، وارتدَّ مُكتئِبا |
وحَاربَ (المرَضَ) المُودي بأمَّتِهِ |
فما نَرى منه لا رأساً ولا ذَنَبَا؟! |
وها هو اليومَ يمحو (الفقرَ) من يدِهِ |
بنعمةِ اللهِ والإترابَ والسَّغَبا؟! |
مولاي! ما المُّجد إلا ما تُدَعَّمُهُ |
(وشَائِجُ العلَّمِ) تَستَهوي النُّهى عَجَبَا |
وما فَتِئتَ بهذا الشَّعبِ تبعثُهُ |
(بعثاً) وتدفعُهُ في شرطه صَببا |
حتى تَغلغلَ في الإعصارِ يَكبحُه |
وانقضَّ يركضُ في إثرِ العُلى خَبباً |
فما رأيتُ امرءاً يمضي لطيبةٍ |
إلا احتذى بك؛ واستوحَاك مُنتصبا |
وما عَسى نحنُ نُزجي من بِضاعَتِنا |
إلا الثَّناءَ الذي نَجزيكَ مُقتَضَبَا؟! |
لكنَّما هو حبٌ لا رياءَ بهِ |
نُكِنُّهُ لك في الأكبادِ محتَقَبا |
فلا تَسلْني بُرهاناً أُقدِّمُهُ |
واسألْ أيادِيَكَ البيضاءَ مُحتسبا |
وسلْ (مآثِرَكَ الغرَّاءَ) تشد به |
في الخافقين وتُملي كُلَّ من كَتبا! |
هيهاتَ، هيهاتَ تُحصَى وهي شائِعةٌ |
كالضوءِ مُنبسطاً والغيثِ مُنسكِبا |
رَفعْتَ كلَّ (لِواءٍ) للنُّهوضِ بِنا |
في ظِلِّ من نصرَ (التوحيدَ) و (العَرَبا) |
(عبدَ العزيزِ) ومالي حين أذكرُهُ |
أكادُ أسبحُ في إشراقِهِ سَربا؟؟! |
أحيَا بهِ اللهُ عصرَ الرَّاشِدينَ هُدىً |
عَبرَ القُرونِ ؛ وشعباً كان مُغتَصَبا |
وأقبلَ (الحَظُّ) يمشي في مُواكِبِهِ |
جَذلانَ فيه قريرَ العينِ مُعتقبا |
في السَّلمِ وهو سليلُ الفاتحينَ مَضَوْا |
تدفَّقُوا سُحباً واسْتبسَلوا شُهُبَا؟؟! |
جلَّتْ به نعمةُ الرَّحمن فانطلقتْ |
بالشُّكرِ ألسِنَةٌ تدعو له رَغَبَا |
نِعم البقاءُ وبُشرى الطامحينَ له |
وحَبَّذا (جنةُ الفردوسِ) مُنقَلَبَا |
ومرحباً بالغِنى يحدو بِنَا صَعَداً |
إلى السَّماءِ ويُغزينا بما وَجَبَا |
وما الثراءُ ثراءُ المَالِ نَكنِزُهُ |
وإنَّما هو (شعبٌ) يَصنعُ (الذَّهبَا)!! |
ولا يسودُ بِهِ من شَحَّ من هَلعٍ |
لا يُهنَّى به من غَلَّ وانتهبَا |
فإن يكنُ سَالَ بطنُ الأرضِ من ذهبٍ |
فقد نَمى ظهرُهَا يُسراً ومعُتَشَبَا |
وما يزالُ بها (المِحراثُ) ينفضُها |
نَفضاً، ويُبدِلُها من قَفرِهَا عببا |
حتى تكونَ لنا (الدنيا) مُسخَّرةً |
وأنت تسخو بها في (الدينِ) مُكتسبا |
يا مُلهمي كُلَّ ما يَزهو (الأثيرُ) بِهِ |
ويملأ الشَّعبَ فَخراً والعِدى رَهَبَا |
ما أنت إلاّ لهذا الشعبِ مَظهرُهُ |
وفيك آمالُهُ تَعلو به طَنَبَا |
من حيثُ أبصرتَهُ تلقاهُ منك (يداً) |
و (صارماً) و (يراعاً) مُصْلَتاً، وشبا |
يفديكَ بالحُبِ ما آثرتَه أبداً |
ويَشرئبُ إلى (سِيمَاكَ) مُنجَذِبا |
ويستعينُ بِحولِ اللهِ مُؤتَسياً |
بِما بِه أنتَ تخشى اللهَ مُرتَقِبَا |
فاصدعْ بِهِ (الفَلَكَ الدوارَ) مُقتحماً |
بالدارعينَ وثقِّفْ (نشأَهُ) طَلبا |
وقفْ بهِ في (حُدودِ اللهِ) تنصَحُهُ |
فإنَّهُ ما اتقى يستقبلُ الأربَا |
وللرَّغامِ أنوفٌ كُلُّهَا ارتعدتْ |
تعفَّرتْ حسرةً، واسترعَفتْ شغبا |
لا عاشَ من جَحِدَ النُّعمى وكابرَهَا |
وعشتْ نكشِفُ عن أبصارِنا الحُجُبا |
وزادك اللهُ من آلائِهِ مِنناً |
تَترى، وآتاكَ ما ترجُوه مُرتَغِبا |
وعاشَ خيرُ ملوكِ الأرضِ قاطبةً |
(عبدُ العزيزِ) وعاشَ الشعبُ مُرتأبا |