ما لِمنْ خافَ حجةٌ في اعتذارهِ |
ذلك العَزمُ فأثبُتُوا في مَغارِه |
موقفٌ يملأُ النفوسَ يَقيناً |
وهوَ من بعدُ آيةً في فَخارِه |
ويكأني الشجيُّ أنهكَهُ الوجـ |
ـدُ فأفنى ذِماءَهُ في اصطبارِه |
كُلمَا استصرخَ الشعوُ بياني |
طوَّحت بي قيودُه في إسارِه |
ما أراني بلغتُ يَوماً رَجاءً |
كان كالطيفِ طَارِقاً بازديارِه |
مثلَ يومٍ كأنَّه ضَوءُ قلبي |
أو كأني ذُبالةٌ في نَهارِه |
وكأنَّ العيونَ فيه أُنيطَتْ |
بعُرى الأُفقِ وانضوتْ في غِمارِه |
باعثات إلى السماءِ شُعاعاً |
تَرقُبُ (النَّسرَ) في (أكاليلِ غارِه) |
وعلى الأرضِ جَحفلٌ من جُموعٍ |
زاخراتٍ على ضَفافيْ (مَطارِه) |
حلّقتْ فوقَهُ حَناناً وطافتْ |
حولَهُ هَالةٌ إلى أوكارِه |
* * * |
نبئوني أفازَ غيرُ جريءٍ |
أيُّها القومُ أو مَشى لانتصارِه |
حدثوني عن الفَضائِلِ إني |
لأرى الشيبَ في وقارِه |
والشبابَ العَتيَّ من مِيزاتِه |
سِمة العزمِ في اقتحامِ المَكارِه |
* * * |
حسبُنا ما مضَى من الدَّهر عَفواً |
وحسبُنا ما جَنى من استهتَارِه |
زعموا أنَّنا نَعيشُ كُسالى |
ما لنا في الجَلالِ غيرَ ادَّكارِه |
زعموا أنَّنا صَنائعُ بَرَّ |
هَمُنا في (السؤالِ) أو في ابتكارِه |
نعتونا بكلَّ وصفٍ طليقٍ |
نحن أدرى بوِزِرِهِ وازوِرارِه |
* * * |
زعموا أنَّنا نموتُ ونحيا |
في هَوى يومِنا وفي استدبَارِه |
زعموا أنَّنا افترقْنا فُرادى |
كُلَّنا مُشفقٌ على دِينَارِه |
* * * |
رُبَّ ذي هِمةٍ من ماله خاوٍ |
وثَريِّ جُهُودُهُ في ادَّخَارِه |
وقلوبٍ من التذبذبِ حَرَّى |
تتحرى خَلاصَها من شَنَارِه |
وعيونٍ تفيضُ بالدَّمعٍ حُزناً |
كُلَّمَا اغروْرقتْ على قِثَارِه |
ولقد رابني ورابَ سوائي |
ما دَعا رشدَنا إلى استنكارِه |
أولم يئِنْ للمُكذَّبِ يَوماً |
أن يَرى نفسَه فداءَ ذِمارِه |
ليس كلُّ الفِداءِ شُحٌ وبَذلٌ |
وهُما للأبيَّ طوعَ اختبارِه |
ومن الشُّح ما يكون رِباحاً |
وعلى العكس بَاذلٌ في خُسارِه |
وسخاءُ المُقِلَّ لا شكَّ أغلى |
من سَخاءِ الضَّنينِ في إيسَارِه |
والرعاديدُ بالتهيَّبِ أشقى |
في لظى بؤسِهِ ووصمةِ عَارِه |
وطني أُمتي بِلادي جديرٌ |
كُلُّ هذا بمنْ سعى في عِمَارهِ |
زعموا أنَّنا أقلُ اكْتراثاً |
بالمُهمَّ الجَّليلِ مِن أقدارِه |
قلتُ كُفوا عن المَلامِ وعُفُّوا |
أو يَزيدُ المُشيحُ في إقصارِه |
زعمَ الماكرونَ أشياءَ أّخرى |
لم أردْ ذِكرَهَا من استحقارِهِ |
أرغمتني بأن أبوحَ وأشكو |
ومن النُّصحِ ما حلا في مِرارِه |
* * * |
أنظروني وقد شرقتُ بريقي |
كيفَ يبدو ذو غصةٍ في اعتصارِه |
أنطِقوني بمجدِكم واسجيبوا |
دعوةَ اللُّهِ وأصْدَعوا بانتهارِه |
جنَّبوني المُجونَ والهزلَ حِيناً |
واسلكوا الجدَّ واملأوا من شِغارِه |
وأفيضوا إلى الكنوزِ اللواتي |
لم تَزلْ في الرَّغامِ رهنَ حِصارِه |
واكدحوا الكدحَ كُلَّهُ في هُدوء |
علّ ما فاتَ راجعٌ باضطِرارِه |
* * * |
إنَّما هذه الحياةُ كفاحُ |
هانَ واللَّهِ أعزلٌ في (وِجارِه) |
واصطناعُ الحَديدِ للشعبِ أجدى |
مِن تَغاريدِهِ ومِن أشعَارِهِ |
ولئن كانَ في الوُجُودِ سَلامٌ |
فهو من حَربِهِ مَخافةَ نَارِه |
* * * |
ليتَ شعري أهُمْ يقولونَ حَقاً |
أمْ هو البُهتُ مُطرقٌ في صَغارِه |
ليتَ شِعري هل المُنادي حفيُّ |
بالمعاريضِ أم قَضى في اغترارِه |
ليتَ شعري أفي التَّواكُلِ خَيرٌ |
أم صحا القلبُ وارْعوى من خِمارِه |
* * * |
ما لَهم أين هُم من نُبوغِ |
زَاحَمَ النَّجمَ واستوى في مَنارِه |
* * * |
يا (أميري) الذي أُحبُّ وأفدِي |
وابنَ ذي (التّاجِ) في عَظيمِ اقتدارِه |
والذي استهدفَ الثُّريا غُلاماً |
وامتطى متنَها إلى أوطَارِه |
والذي سَنَّ (للبُطولةِ) سَناً |
طالَ بالناسِ عهدُهُم في انتظارِهِ |
قُل لمن يَجهلُ الحقائقَ عَنَّا |
ليس مِنَّا الشَتيتُ في اسئنَارِه |
إنَّما نحنُ (للجزيرةِ) جَيشٌ |
يَحجُبُ الشمسَ في ظِلالِ شِفارِه |
كُلُّنا أمةٌ إلى المَجد تَهفو |
والجوادُ الجوادُ في مِضمَارِه |
نقتفي مَنهجَ الرَّسولِ ونَمضي |
في هُدى دِينِنَا على آثارِه |
* * * |
أيُّها (الباشقُ) المُحَاَذقُ مَرحى |
كُلَّما ازدادَ عَصرُنا في ازدهارِه |
لك ما اختَرتَ من تحيةِ شعبٍ |
كأقَاحِ الرَّبيعِ أو نُوَّارِه |
لم تكنْ زُلفةً إليك ولكن |
جَاوزتْ حُبَّهُ إلى إكبارِه |
فاهْنَ بالفوزِ والسَّلامةِ واشكرْ |
فضلَ مَن أنتَ غَرسَةٌ من ثِمارِه |
عاشَ (عبدُ العزيزِ) عُمراً طويلاً |
و (سعودُ) و (فيصلٌ) في شِعارِه |