إِباؤكَ أم شعبٌ ببُرديكَ يَزخَرُ |
ويُمنُك أم جيشٌ به العُربُ تُنصَرُ |
ووجدُك بالآلام أم هو مَوقفٌ |
به الحقُّ يعلو والحقيقةُ تُسفِرُ |
كشأنِك في الأيّامِ والهولُ مُطبِقٌ |
ودأبُكَ في الأحداثِ إِذ هي تَطفرُ |
قضاك وأنت (الفيصلُ) العضْبُ |
وعاهلٌ بعيدُ مَجالِ الطرفِ أيَّان يَنظرُ |
خبيرٌ بأعقابِ الأمورِ مُجرَّبِ |
كلا حَالتيها حيث ينهيَ وَيَأمُرُ |
أبى قبلَ هذا اليوم والجوُّ قاتمٌ |
رزيةَ شعبٍ في أمانيهِ يُغدرُ |
تمهَّلَ واستَأنى وللَّهِ صَيحةَ |
نعوذُ بربِ الناسِ مما تُدمَّرُ |
وكيف به يرضى (فلسطينَ) نهبةً |
تُهدَّمُ في أمجادِها وتُهدَّرُ |
يُغادرُهَا الأفلاذُ وهي ديارُهم |
ويعمرُهَا الشُذَّاذُ وهي تحسرُ |
تضجُّ بشكواها السماءُ تنصُفاً |
وتصعَقُ منها الأرضُ واللَّهُ أكبرُ |
كأنْ لم تكنْ منها (الجزيرةُ) أمَها |
ولم يعلُ فيها (للعُرويةِ) مِنبرُ |
كأنَّ شُواظ النارِ في جَنَبَاتِهَا |
قلوبٌ عليها بالأسى تَتَسعَّرُ |
كأنَّ دمَ الثُّوارِ فيها جَدوالٌ |
تفيضُ بها أنهارُها وهو أحمرُ |
كأنَّ دموعَ الغانياتِ ثَواكلاً |
عيونٌ برقراقِ الشَّقاءِ تَفجَّرُ |
كأنَّ سوادَ الليلِ فيها مآتمٌ |
وأشباحُ ليلٍ بالدُّجى تَتعَثرُ |
كأن بياضَ الصُّبحِ أكفانُ أهلِها |
نسيجُ الحِرابِ البيضِ إذ هي تُشهَّرُ |
كأن مغانيها اليبابُ تحطمتْ |
عليه السَّوافي وهي نكباءُ صَرصرُ |
جريمةٌ (وعدٌ) ما له من مُبررٍ |
سوى أنَّها في (دِيننا) ليس تُغفرُ |
تُمزَّق أشتاتَ اليهودِ ممالكٌ |
ويحنو عليهم بالمقارع عُنصرُ |
فراشَ على ضوءِ الشهابِ مُحلقٌ |
وجور بوحدات الكفاحِ متبرُ |
وذاك و (عبدُ اللَّهِ) فيهم مُصدقٌ |
وآيته بالبيناتِ تُفسَّرُ |
* * * |
فسِرْ في جهادٍ أنت فيه طليعةٌ |
وعُد بسلامٍ أنت فيه مُظَفَّرُ |
وأعذر ففي (البُرهان) ماهو حُجةٌ |
وأنذِرْ ففي (الإنذارِ) ما هُو أّعذرُ |
وباللَّهِ فاستعصِمْ فما ثَمَّ غيرُه |
ملاذٌ ومن يستنصِرِ اللَّهَ يُنصَرُ |
وقُل للأُلى ضلَّتْ بعيداً ظنونُهم |
أّقِلوا فأنا بالحفَائِظ أجدَرُ |
إذا ما تغنى بالأّماني مُفلِسٌ |
فنحن بتحقيقِ الأمانيَّ نَفخرُ |
ونحن بِحولِ اللَّهِ أقوى شكيمةً |
وأهدى سبيلاً في الخُطوبِ وأبصَرُ |
وما نُطقنا لغوٌ ولا صمتُنَا سُدًى |
ولكن بلاغٌ للنَّهى وتَدَبُّرُ |
فإن نحنُ لم نُمعن هُتافاَ فرُبَّما |
خَطونَا إلى الغَاياتِ ما هو أَخطَرُ |
إذا ما انتهجنا للحياتين مورداً |
عرفنا بما نَدعو له كيف نَصدُرُ |
نُساجِلُ أقطابَ الدَّهاءِ ولأَها |
صَواباً ونستعدي بما هي تَحذَرُ |
فإن كان خيراً كان مِنَّا ابتداؤه |
وإن كان شراً فالمُكابِرُ أخسَرُ |
وليس سَواءً ساخطٌ مُتهافِتٌ |
وآخرُ مَسؤولٌ بما قالَ يَقدِرُ |
وما كُل سِرٍ يُستطاعُ شُيوعُهُ |
ولا كلُّ بحثٍ مِثلما هو يُنشرُ |
ولا كلُّ ذي زَعمٍ على النُّصح مُنطوٍ |
ولا كلُّ بَذر كيفما كان يُثمرُ |
وحسبُكَ تأييداً من اللهِ أنَّهُ |
عليمٌ بما تُخفي الصُّدورُ وتُضمرُ |
وما غابَ عنا (فيصلٌ) غيرَ أَننا |
بِهِ نحن غِبنا حَيثُما هو يَظهرُ |