زارَ المعَاهدَ فازدهتْ بالفيصلِ |
دورُ العلومِ وضاءَ صدرُ المَحفَلِ |
دَبَّتْ بها روحُ النَّشاط وإنها |
لحريةٌ بحلولِهِ أن تَعتلي |
أبدى الأميرُ بها مآثرَ عطفِهِ |
وأبانَ فيها عن ضُحى المُستقبلِ |
وأبَاحَ عما يستَكِنُّ فؤادُه |
من كُلَّ خيرٍ للبلادِ مُؤمَلِ |
وارتاحَ ناظرُه الغداةَ بما رأى |
(ولسوفَ يرضى بالنُّهوضِ المُقبِلِ) |
بَذرٌ تعهَّدَهُ المليكُ بِدِيمَةٍ |
وطْفَاءَ تخرجُ شَطأَهُ للمُجتلي |
ظهرتْ بشائرُهُ وقامتْ سُوقُهُ |
ودنتْ مَجانِيهِ لكُلَّ مُحصَّل |
هذي المدارسُ أشرقتْ أنوارُها |
ما بين قَروةَ والعقيقِ وجَرولِ |
غصَّتْ جوانِبُهَا بنشءٍ ناهِضٍ |
عافَ الجهَّالةَ وارتقى للأَفضَلِ |
يسمو إِلى حيثُ الحياةُ هنيئةٌ |
والعيشُ حلوٌ لا يُشابُ بِحنظَل |
هي نهضةٌ عَمَّتْ جميعَ حياِتنَا |
وبها استبانَ سبيلُنَا في القَسطَلِ |
* * * |
وإذا الشعوبُ تفاخرتْ بنِظَامِها |
فُقْنا فَخَاراً بالكتابِ المُنزَلِ |
وبما تَنصُّ بهِ شريعةُ دينِنَا |
من كُلَّ أمرٍ بالعُلى مُتكفِلُ |
جالتْ بها الأفكارُ في خَطَراتِهَا |
فاستسلمتْ لِجلالِهَا المُتهلَّلِ |
وجلتْ لنا سُبُلَ الحياةِ نقيةً |
والبسرُ فيها جُنةَ المُتأمِلِ |
ليس التَّواكلُ والتجاهلُ أمرَها |
فلقد أهابتْ بالغَبيَّ المُهمِلِ |
ودعتْ إلى كُلِّ الفضائلِ أهلَها |
فَتحصَّنُوا منها بأَمنَعِ مِعقلِ |
ومشوا إلى أقصى الدِّيارِ وذلَّلوا |
عَبْرَ البحارِ ونافسوا في الأَجملِ |
بثُّوا الثقافة في المَغاربُ وارتقتْ |
بِهِمْ الحضارةُ واهتَدوا للأَمثَلِ |
أيامَ كان الغَربُ في وهَدَاتِهِ |
والشرقُ يبعثُ بالسَّناءِ المُرسلِ |
حتى إذا ما بدَّلوا وتبذَّلوا |
هَبطوا سِراعاً للحضيضِ الأسفلِ |
فرفعتمُو لِلعِلمِ في ساحاتِكُمْ |
عَلَماً تَعززَ بالفِرندِ الصِّيقلِ |
ونَشرتُمُ أخلاقَ أسلافٍ مَضَوْا |
صانوا حِماها أن يُسامَ بِمِنجَلِ |
فزهتْ ربوعٌ كادَ يدرِسهُا البِلى |
وتَدفَّقتْ أنهارُهَا بالسَّلسَلِ |
يابنَ الأئمةِ حَسبُكَ الشرفُ الذي |
تَابعتْ فيه طريقةَ المُزملِ |
فَلقَدْ نشأتَ كما تُحبُّ وأصبحتْ |
لك في القُلُوبِ مكانةُ المُتفضلِ |
ورأيتَ كيف توسلتْ بِجهادِها |
أممٌ تسيرُ على خُطى المُتعَجِّلِ |
فأردت شعَبكَ أن يُعيدَ لنفسِهِ |
ماضٍ تَسامى عن مَدى المُتخيَّلِ |
قـاضيتَه ثمنَ الوُجُودِ وقُدتَهُ |
نحوَ الصُّعودِ وهِجْتَهُ للمَنهَلِ |
واللهُ أعدلُ نفيءَ بخيبةِ |
بعدَ الأنابةِ للطريقِ الأعدَلِ |
ولقد تقوم على رضاهُ دلائلٌ |
صدقتْ علينا بالسعودِ الأجزلِ |
من مِنةٍ مشهورةٍ وصنيعةٍ |
بكرٍ وإحسانٍ أغر مُحجَّلِ |
فبعهدِكُم سادَ الأمانُ وجدِّكُمْ |
طابَ الزمانُ وفاحَ طيبُ المَندلِ |
فاهنأ بشعبِكَ سابقاً في حَلبةٍ |
هي مَهيعٌ نحو المَقامِ الأولِ |
إني لأشعرُ في الصَّميمِ بـأنَّه |
سيكونُ يوماً في السِّماك الأعزلِ |
وينالَ أسمى ما يَرومُ من المُنى |
في عهدِكُمْ ويَحِلًّ أعلى مَنزلِ |
واللهُ يحفظُ للعُروبةِ (تاجَهَا) |
بدوام نصرِ (مليكِنَا) المُتطوَّلِ |
لا زالَ يَرْفَلُ في مطارفِ عِزَّهِ |
ويَرى (السموَّ) مُجسَّماً في (فيصلِ) |