ألا لاَ تَلُمْنِي اليومَ أنْ أَتكلَّمَا |
فإنَّ فؤادي بالأسى قدْ تكلَّمَا |
لعلي إذا أبثثتُ ما بيَ من ضَنًى |
أفَرَّجُ عن قلبي الذي قدْ تَجَهَّمَا |
فإني امرؤٌ قدْ أَخلَقَ الدهرُ جِدَّتي |
وثَّقفني حتى غَدوتُ مُقَوَّمَا |
سَقانيَ من كأسِ الصُّروفِ أُجاجَهُ |
وألبسني بُرداً من الرَّأيِ مَعلما |
وكيف أصدُّ السَّهْم تَفري رماحُهُ |
حَشايَ وقد غُودِرْتُ نهباً مُقسَّما |
ولكنني والحقُ يَحمي حقيقتي |
أقولُ ولا أخشى دَخيلةَ مَنْ نَمى |
فدعْ عنك تأنيبي ودُونكَ نفثةٌ |
تُريكَ مَعانِيهَا الخَفيَّ المُكتَّمَا |
إمامَ الهُدى لازلتَ للدينِ مَوئِلاً |
يُعزُّ بك الإسلامُ والعربُ وَالحِمى |
فَسِرْ في طَريقِ الرُّشدِ تَجني ثِمارَهُ |
قريباً فقد ما فَاز من قدْ تَقدَّمَا |
فو اللَّهِ لم يَبلُغْ من المَجدِ غايةً |
سوى من تَصدى للزَّحام وصَمَّمَا |
ولا أدركَ الشأو القَصِيَّ مِنَ العُلى |
وأَحَرزَهُ إلاّ الذي قدْ تَقَحَّمّا |
وإنَّكَ في أرض الجزيرةِ مَالِكٌ |
من الأمرِ مَا أولاَّكَ ربُّك مُنعما |
وإِنَّك بالرأيِ السَّديدِ مُوفقٌ |
ولستَ براعٍ يعتلي العرشَ مَغنَمَا |
وما هي إلاّ نفسُ حُرٍ كريمةٍ |
أبتْ أن يكونَ العزُّ عنها مُيَمَّمَا |
فهاجتْ وشادتْ ما أرى من جَلالةٍ |
وعَادَ بها المَهدُ الذي قد تَصَرَّمَا |
ملكتمْ فِجاجَ الأرضِ بالسيفِ غُنوةً |
وجاَورتُمُ البَيتَ العَتيقَ المُحَرَّمَا |
أقمتمْ صُروفَ العَدلِ والفضلِ |
والتُّقى وأعْليتُمُ بُنيانَ شَرعٍ تهدَّمَا |
وأطلقتُمُو ما قَيَّدَ البَغيُ والهوى |
وقيَّدتمو ماأطلقاهُ تَحَكُّمَا |
حكمتُمْ بما قدْ أَنزل اللَّهُ في الوَرى |
ويا حُسنَ ما يَقضى بهِ اللَّهُ مُحكمَا |
وأحييْتُمُ بالنهج سُنةَ أحمدٍ |
نبيَّ الهُدى فارتاعَ من مُجرمَا |
قَفَوْتُمْ على آثارِ طَه وصحبِهِ |
فَضَاءَ بِذاكَ الأُفقُ إذ كان مُظلمَا |
وتلك لَعَمري خطةُ السلَفِ الذي |
تَجلبَبَ بالإسلامِ إذ كان مُظلما |
وما إنْ يُجانِبُها سِوى النَّكسُ الذي |
يُحاولُ نَقضاً للذي كانَ مُبرما |
لكْم في كتابِ اللَّهِ أقومَ حُجَّةِ |
ومن شِرعِةِ المُختارِ وردٌ رَوى الظَّمَا |
فَمرحى لَكُمْ يا عُصبةَ الحقَّ أنكُمْ |
أباةٌ إذا الوَرَّاد أقعى وأحجَمَا |
بلغتمْ بتقوى اللَّهِ ما أعجزَ الذي |
بحيدَتهِ قد خابَ وارتَابَ وارتمى |
وأنشر تُمُوهَا رايةً ذات غايةٍ |
إذا رُفعتْ سالتْ بأكنافِهَا الدِّمَا |
كذلك مَنْ يمشي لنصرةِ دِينِهِ |
تُعزَّزهُ الأملاكُ والأرضُ والسَّمَا |
دعوتُمْ الأمر اللَّهِ فانقاد شامِسٌ |
وأصغى إلى مَعروفكمْ من تَصمّّما |
أجابَ بنو الإسلامِ طُراً نِداءكُمْ |
(لمؤتمرِ الشُّورى) فكان مُجسمَا |
وخاضوا عباب البَحرِ كيما يُشاهدوا |
حَقائِقَ كانت في ذُراهُم تَوَهُّما |
فلمَّا رأوا يملأُ العينَ قُرةً |
تولَّوا بحَمْدٍ أَفعمَ القلبَ والفَما |
فِداك أبي (عبِد الغزيز) فكُلَّمَا |
نظرتُ إلى خُلُقٍ أراهُ مُتَمَّمَا |
ففيك التُّقى والبِرُّ لِلَّهِ والعُلى |
وفيكَ النَّدى والبأسُ لِلناسِ تَوأما |
وإنكَ في الهيجاءِ قرنٌ سَمَيْدَعٌ |
إذا اشْتَجَرَّ المِرانُ كنتَ المُقَدَّما |
وإنكَ غَيثٌ والبلادُ جَديبةٌ |
وما أنْ يحاكى الغيثُ مِنك تَكرمَا |
ولن يبلغ الحصرَ الذي أَنتَ حائزٌ |
ومن دونِه حَدُ اليَراعِ تَكهُّما |
بني العُربِ فليهنيكُمُ نصرُ قيلِكُم |
فما بعدَ هذا اليوم إلا تَقَدُّما |
أعادتْ به عدنانُ سَابقَ عِزِّها |
فَراحَ بها حادي السُّرى مُتَرنِّما |
فلا تتْركوها فُرصة ذهبيةً |
فقدْ حَانَ للآمالِ أن تَتَبَسَّمَا |
وشُدُّوا أواخِيكُمْ وصِلوا حِبَالَكُمْ |
وقودوا إلى العَلياءِ جيشاً عَرمْرَما |