ياليُمنِ أشرقَ في ذراكَ "هلالها" |
وبجانبيك تزاحمتْ آمالُها |
تحظى بلثم يمين "خيرِ مُمَلَّكٍ" |
في "راحة" غمر الرُّبى شلاَّلها |
تهفو إليك بها الخوافِقُ - قبلمَا |
تحبو إليك سهولَها وجبالها |
هي أُمة يمشي إليك غدُوُّهَا |
رغداً، وتهتف غبطةً آصالها |
نشوى بمخضَلِّ النعيم - يمدهَا |
عَبْرَ الفَجاج، حبورهَا، ونضالَها |
تفتنُّ في الإعراب عن إخلاصها |
ولأنت منهَا، رمزُهَا، ومثَالهَا |
وتفيض نحوك بالوَلاءِ - مُرَقْرَقاً |
عذباً، يرتل لحنه من هواك زُلالَها |
غنيت عن الوشْيِ المزَوَّر واجْتَزَت |
بالحب، وامتزَجت به أوصَالَها |
لو كوبِرَتْ فيه، لكان دليلها |
رغم المكابِرِ - خزيُهُ، وصقَالَها |
* * * |
سلخت ليالي "الشهر" عاكفةٌ به |
وإلى "المساجد" قَبلُها، وَقَبَالُهَا |
تتلمسُ الغفران في "قُرُبَاتِهَا" |
ويَغَصُّ - من عبراتها - إعوالها |
ترجو وتخشى الله - من أعماقَها |
وبها (الوجوه) عنت إليه سِبَالَها |
وكأنما ارتفعت بهَا - أرجَاؤها |
صُعُداً إليه، وَبدَّلت أسمَالَها |
وكأنما (أرواحها) عُلْوِيَّةٌ |
وَ(جسومُها) ارتحضتْ بها أوجالَها |
لله ما بذلت، وما هي قدمت |
وإليه مَرْجعَها، وفيه وصالَها |
هُدِيتَ بشرع (مُحمَّدٍ)، وتنافست |
في الباقيات، وقومت أنوالَها |
ومنارها الأعلى (سَوِيُّ صِراطه) |
شرَعاً به - أقوالها - وفَعالُهَا |
(السيف) منهَا - و(الكتاب) قلائدٌ |
هذا (الدليل) وذلك استدلالهَا |
آمنت به مما تخاف، وقد مضت |
فيها (الحدود) وزانها استمثالها |
نشرت بظل "أبيك" بعد خمودهَا |
وبه استجيب من الإلهِ سؤالهَا |
نادى بهَا و(العنكبوتُ) بيوتها |
وَهَنَاً، وأسبابُ الهلاك محالُهَا |
عاشت بها المحن العقام، وغربلت |
منها العظام، وعزَّهَا استئصَالُهَا |
تشكو، وتجأرُ، وهي غرقى في الدجى |
ومن "الثقاف" - مهلهلاً - سربَالهَا |
فوضى طرائقها، مقيت رجعها |
يصمي المقاتل، جهلهَا وضلالهَا |
فأهَابَ بالأجداثِ ينفضُ ردمَها |
والريحُ تعصف غيلَةً أغوالهَا |
ومن (اليقينِ) عليه درعٌ سابغٌ |
دُكّتْ به، وتحطمتْ أغلالهَا . |
* * * |
خاضَ المعاركَ، وهي بحرٌ من دمٍ |
ودحى "العروشَ" فراعَها زلزالُهَا |
واستنصرَ "الجبارُ" في الرهطِ الأولى |
خسفتْ صوارمُه بهم، ونصالُهَا |
وشعارهُ (التوحيدُ) رفّ لؤاؤُه |
فوقَ الصياصي، جندلتْ أبطالُهَا |
وأفاءَ مجدَ العربِ بالدينِ الذي |
هو حصُنها، وعتادُها، وصيَالَها |
وأعاد "عصرَ الراشدينَ" بدولةٍ |
"سعدُ السعودِ" - وقد تهلل فالُها |
وبنى لهَا "الملكُ المشيد" توحدتْ |
فيه "البلادُ" وبُورك استقلالُهَا |
و(معاهدُ التعليم) في جنباتِه |
تنمو خلالَ "فصولها" أجيالُهَا |
و(مشاهدُ العمرانِ) بين ربوعها |
تترى، ويستهوي العصورَ دلالُهَا |
و(منابع الأثراء) تزخرُ في الثرى |
(تِبراً)، و(مَاءً) - والحياةُ سجالُهَا |
* * * |
في (عصرهِ الذهبي) أكبر شأنَها |
(بحظوظهِ) وتطورتْ أحوالُهَا |
عمتْ مواهِبَه (الرعيةُ) كلهَا |
وزكت به - وبعدله أموالهَا |
واستمتعت بالخير فيه، وهذه |
آثاره الكبرى، همت أنفَالهَا |
فإذا البراحُ - حدائقٌ وخمائلٌ |
وإذا الصفاحُ - جنوبها وشمالها |
وإذا الشبابُ نسوُرها، وأسودُها |
وإذا الشيوخُ، أُسَاتَها، ونهالهَا |
وإذا الطموحُ بوعيها متوثبٌ |
وبها القلوبُ تفتحتْ أقفالهَا |
بين (العواصِمِ)؛ والشواطئ؛ والقرى |
زمراً تنافسُ في (الفنون) عيالها |
تتجاوبُ الأصداءُ عنها في السرى |
حمداً، وتحتقب (النبوغ) رحالهَا |
عذُبتْ مناهلُها، ورقَّ نسيمُها |
وافتر سامرُها بهم وظلالهَا |
هي نهضةٌ تمري (المعارف) درها |
وتشق أكباد الظلام رعالهَا |
* * * |
في كل دانيةٍ، وكل قصيّةٍ |
هممٌ تناطُ إلى السماء حبالهَا |
تتكشف (الملكوت) في استطلاعها |
دأباً؛ وترشفُ الشعاع رمالهَا |
وغد ستشرقُ شمسُه؛ بكتائبَ |
منهم، وفيهم فرقها، وقذا لَها |
يتقحمونَ الذودَ عن أوطانِهم |
وبهم تباهي رهبة أغيالهَا |
* * * |
نعمٌ يجلُ على التتابعِ حصرها |
والشكر منها؛ حفظها وعقالهَا |
لم يحبنا الرحمنُ من بركاتِها |
لو لم يكنْ بدعائه استنزالهَا |
* * * |
مولاي؛ نحنُ من (البداوةِ) جذمها |
ومن (الحضارةِ) (ذَبلها)؛ و(ذُبالها) |
ما زينة التاريخ في إسفاره |
إلا (العروبة) للسلام جدالهَا |
حفلتْ بها صفحاتُه؛ وتأرّجَتْ |
طِيباً؛ وفي سبل الهدى استبسالهَا |
(وعقائدُ الفرقانِ) وهي نياطنا |
يمحو الشقاءَ، حرامُها وحلالُهَا |
ولقد برانا الله بين عبادِه |
(وسطا)؛ وشر بلائنا إهمالهَا |
بئس الذَّرَائِعُ دونها ملتاثة |
حيرى؛ يمزقُ بعضُها استبدالهَا |
(العدلُ) و(الإحسانُ) شرعةُ ربنا |
ولديه (حبة خردل) مثقالهَا |
وحي السماء الحق غير منازع |
وسواهُ، وسوسة يطيش خبالهَا |
* * * |
جلَّ المهيمن؛ أين من سلطانه؛ |
(علق) تفطر يابساً؛ صلصالها |
إن فرطت يوماً؛ وإن هي أفرطتْ |
فلقد يكون لمهلها إمهالهَا |
* * * |
ومن العجائبِ، في الخليقةِ أنها |
تبنى؛ وتهدم، والخصام خصالهَا |
شتى النقائض والغرائز ركبت |
عكساً؛ وطرداً، شكلها وشكالُهَا |
* * * |
وأشد من ضجرت بهم؛ وتفزعت |
من لم يزعهم؛ قرحها وهزالهَا |
يدعونَ للإنصافِ زوراً؛ ويحهم |
وبهم طلاع الأرض حق زوالهَا |
رجت بهم رجاً، وضاق برحْبِها |
من هُمْ عليها؛ واندحتْ أثقالُهَا |
قد حمّلوها الجور فاضطربت بهم |
أعراضها؛ وتميزت أطوالهَا |
* * * |
يتدارؤن الحربَ وهي نسيجهم |
وهمو الوقود - لها - وهم أهوالها |
لولا التكالبُ في الحطامِ لأنقذت |
أمم - بواعث سخطها استدلالُهَا |
* * * |
هم يحسبونَ الخلقَ في تصريفهم |
هملاً، وإزهاق الحقوق مطالُهَا |
وليعلمن القاسطونَ - مصيرَهم |
في (رجفةٍ) حاقت بهم أمثالُهَا |
* * * |
ونعوذُ بالرحمنِ من خذلانِه |
ومن المعاصي - أن يحم وبالُهَا |
* * * |
إن البقاءَ، وسيلةٌ (لمعادنا) |
وجوازُه "الطاعاتُ" واستئْهالُهَا |
وأرى الحياةَ حديثَها - كقدِيمها |
لكنما هي (لهوةٌ) و(ثفالُهَا) |
تقضى على الكلِّ الضعيفِ نكايةٌ |
وتمالئ الملأ القوي نبالُهَا |
ليستْ كما عهدِ الغفاةُ، أمانياً |
وسنى، ولا (سنة الكرى) جريالها |
* * * |
وإذا النفوسُ نزْت بها شهواتها |
حبطْت، وكانت خيبةً، أعمَالُهَا |
فإلامَ؟ تصدفنا الذنوبَ بنزعها |
وبها العوائقُ تستجنُّ صِلاَلُهَا |
* * * |
تالله لن تقف الحتوفُ حواجزاً |
دونَ الصفوفِ، تحتمت آجالُهَا |
هي خطوةٌ، في إثرها ما بعدها |
دنيا، وأخرى، والخلود مآلُهَا |
(تقوى الإله) و(وعده) (ووعيده) |
وبها الفلاحُ، وحسبنا إجمالها |
* * * |
يا أيها (النبراسُ) عمَّ شَعاعُه |
في أمةٍ ضربتْ به أمثَالُهَا |
لي فيك (باصرة) وعنك (بصيرة) |
هديت حقائقها، وشف خيالها |
ها أنت، والأفواجُ حولك (هالة) |
ولكل عين من سناك نوالُهَا |
ما الشعرُ ما التحليق في كلفي به |
إلاَّ (سماتك) حسنها، وجمالُهَا |
وأكاد حين أراك أرتجل الضحى |
(كلماً) ترنح بالقلوب جزالها |
* * * |
يغنيكَ عن هذا البيانِ وسحره |
لغة ذكاؤكَ لامعاً، سِلْسَالُهَا |
فاهنأ (بعيد الفطرِ) وابق لمثلِه |
وبكَ السعادة دائم إهلالها |
وليحي للإسلام - خير حماته |
(تاج العروبة) فخرها وجلالُهَا |
(عبد العزيز) فداه كل أخي تقى |
لله - ما وسع الشفاه مقالُهَا |
هو مأزرَ الإيمانِ بل هو صرحُه |
وبه (الشريعةُ) ساطعٌ إقبالها |
وليحيى شمس المشرقينَ (سعودنا) |
أمل (الجزيرة) ذخرها وثمالُهَا |
و"لي عهد التاج" في أعلى الذرى |
وأعز من تزهو به أقيالها |
وليمرحِ "المنصورُ" في البرِّ الذي |
هو رحمةٌ (للمخلصينَ) منالُهَا |
وليحيى للجيش المظفرِ - (مشعلٌ) |
وبه الجحافلُ، يستقيمُ نزالها |
وليحيى أشبال (المليك) وآله |
مرآة كل (فضيلة) وكمالها |
* * * |
وليحيى (عبد الله) شبلك قدوة |
وبه (الوزارة) مخصب إمحالُهَا |
هي دونه، العبء اليسير، ودونها |
يعيا الكثير، وفي حجاه مجالها |
وإذا الغواةُ استقبلوا أعيادَهم |
نزقاً، فزلفانا بها استقبالُهَا |
عادتْ عليك، وأنت منها (غرة) |
ولك التهاني، عينها، وحجالُهَا |