فاضتْ بك الرُّوحُ، أم أفضى بك البَدَنُ |
سِيانَ، ما عَفَّ فيك السِّرُ والعَلَنُ |
قلبٌ ترِفُّ بهِ الذِّكرى - مُحلقةً |
فوقَ (الأُناسِيّ) بالأملاكِ يَقترنُ |
لم يُلهِهِ زُخرفُ الدنيا وزِينتُهَا |
ولا المَسراتُ في أعقابِها الحزنُ |
لجَّتْ به الأزمَاتُ السُّودُ واندفعتْ |
كاليَمِّ تغرَقُ من أمواجِهِ السُّفُنُ |
ما أن تَغشَّتْهُ بالأحداثِ راجفةٌ |
إلا وكان لها من بَطشِها جُنَنُ |
كأنَّه (رُبى الفِردَوْسِ) مسبحةٌ |
أخو جَناحَين يَدنو نحوَه الفَننُ |
ودونه الأرضُ نَشوى في مَباذِلِهَا |
وطيُّ أثوابِها الآثامُ والدّرَنُ |
إذا تكشَّفَ منها بَعضُها ابتدرتْ |
إلى الحِجَابِ وقد أودى بها الشَّجَنُ |
أفضتْ طَويلاً وفي الأجيالِ باقيةٌ |
من الحَياءِ وفي أخلاقِهمْ سننُ |
حتى إذا هي أنضُوها بَراقِعَها |
دارتْ عليهم بكاسٍ صَفُوها المِحَنُ |
بني العُروبةِ والإسلامِ قاطبةً |
أيانَ ما نَزحوا، وأينَ ما قَطَنوا |
يَهنِيكُمُ العيدُ (عيدُ الفطرِ) أحسَبُهُ |
مَراكبَ المجدِ فيها حَظُّنا الحَسنُ |
كأنما أنا مِنها في ذُرى شَعفٍ |
وقد تَهامستِ الأطلالُ والدِّمَنُ |
آنستُ تلقاءَ (وادي النيلِ) جَامعةً |
للعُربِ تمرحُ فيها العَينُ والأُذنُ |
في جانبِ (الطُّورِ) قد أرسى قواعدَها |
(صِيدُ المُلوكِ) ووشَّى حُليهَا اليُمنُ |
رأيتُ ثمةَ "نجداً" و"العراقَ" معاً |
و"مصرَ" و"الشامَ" و"الأُردُنَّ" يَحتَضِنُ |
شدا "الحِجازُ" بها لحناً: ورجَّعَهُ |
في مَهدِهِ "الطفلُ" و"الصَّناجةُ" اللَّسِنُ |
يفضي تجاوبَ مِيثاقِ وحدتِها |
أصداءَ "عدنانَ": والأمرار والمِننُ |
قويةٌ الأيدِ أفواجاً كتائِبُها |
شُمُ العَرانينِ، لم يَعلَقْ بِهم رَعَنُ |
هيمٌ إلى الذَّودِ عما استحفظوا قدمٌ |
شتى المَآرِب: إلا أنَّهم قرنُ |
يا (مالكَ المُلكِ) يا دَيَّانُ قد خَشَعَتْ |
لك القلوبُ ولم تَكفرْ لك المِننُ |
انقذْ عِبادَك مما قد ألمَّ بهم |
من الذُّنوبِ، وعِذهُم إنَّهم وَهَنوا |
صَاموا لك الشهرَ –أكباداً– وألسنةً |
والخلقُ تَزفُرُ - والأكوانُ تضطغنُ |
واستوهبُوكَ الرِّضَا - من كُلِ جَانِحةٍ |
سَالتْ بها البيدُ، والصَّحراءُ، والمُدُنُ |
كأنَّما هُم وقد ضاقتْ سرائِرُهُمْ |
من السُّجودِ، جَباهُ زانَها الشَّغنُ |
حاقتْ بهم مُثلاتٌ ما لَهُم قِبلٌ |
بمثلِها - وخطوبٌ حَصدُها الفطنُ |
من كُلِّ فادِحةٍ عَمياءَ مُطبقةٍ |
كأنَّما زَجرُها بالرَّعدِ مُحتَجَنُ |
لا يملِكونَ لهم نَفعاً ولا ضَرراً |
إلا بِما شئتَ - والدنيا هي الفِتَنُ |
واليومَ في كَنَفِ الإحسانِ أنت بِهِم |
بَرٌّ - وفضلُكَ مَبذولٌ ومُختَزَنُ |
ووعدُك الحقُ حَاشا أن يُخالِطَهُ |
رَيبٌ: ونَصرُكَ بالإخلاصِ مُرتَهَنُ |
وسِعْتَنَا رحمةً فاشحذْ عَزائِمَنَا |
بحكمةِ الدين حتى ينهض الوَطنُ |