في ظل عرشك حُقَّتْ وحدة العرب |
وفي كفاحك فاز الحق بالغَلَبِ |
وفي هواكَ شهدنا كل مرتجزٍ |
على المنابرِ يشدو فيك بالعجبِ |
يضفي عليك ثناء لا يضارعه |
ما في الصحائف من شعر ومن خطبِ |
عبدَ العزيز رعاك الله من ملك |
في الله مرتغب، لله مرتقبِ |
أقمتها سنة في الحج واضحةً |
في بهو قصرك تدعو كل محتسبِ |
كأنّما أنت فينا الشمس مشرقة |
بالأمن واليمن والإيمان والحَدَبِ |
تبثُّ ما استطعْتَ فرض النصح في ملأ |
هموا الأساطين في الألقاء والرتبِ |
رجاء أن يعلموا ما أنت تضمرُه |
للمسلمينَ، وما يصيبك من كثبِ |
هذا المفدى وهل يخفى على أحدٍ |
ما قادَ من فيلق أو شد من طُنُبٍ؟! |
مشى وحيداً إلى الهيجاء منفرداً |
كالسيف يقدحُ متناه من اللَّهَبِ |
وللجزيرةِ رجفاتٌ تمورُ بها |
كأنها كرة تنقضُّ من صبَبِ!! |
تعدو إلى هوة ما كان أعمقها |
لولا كتائبه خفاقة العَذَبِ |
فقال –لا- وانبرى في الخيل ضابحة |
خمسين حولاً، وأردى كل مغتصب |
وانغل في غمرات الموتِ صاعقة |
بين الظَّبَا وتحدى كل مرتَهَبِ |
وظلَّ ينصرُ دين الله في ثقةٍ |
بالله تصدع قلب الهول والرُّعُبِ |
حتى طوى من بساط الأرض ما انفتحتْ |
به الحدودُ، وقامتْ دولةُ العربِ |
تضل فيها الرياح الهوج من سعة |
ويرهق الضيقُ فيها طالبَ الهربِ |
تقفو خطى العاهل المنصور طائعة |
مهما أهاب بها في السلم والحَرَبِ |
بنى فأعلى صروحَ المُلْكِ شامخةً |
على الجماجمِ، والنهديّةِ القُضُبِ |
لا يسأل الخلق إلا نصر بارئهم |
ولا يرى الذخر في مال ولا نشب |
وإنما الذخرُ –كل الذخر- يدركه |
في طاعةِ الله بين الحزم والدأبِ |
وخير أيامه، والخير يجمعها |
يوم تقر به عيناه بالقُربِ |
فمن رآه - رأى - تلقاءه ملكاً |
من التُّقَى يتهادَى غير محتجب |
لا تطببه من الدنيا زخارفُها |
ولا الغرورَ بها في كل محتلبِ |
ينهلُّ من كفه الإحسانُ منهمزاً |
على البلادِ، ويروي كل مجتدبِ |
شعارُه الشرع لا يبغي به بدلاً عن |
(صفوة الخلق) أو (من أفضل الكتب) |
تميد أركانُ رضوى وهو متئد |
إذا الأعاصير ألقت كل منتصبِ |
يا أمةَ الخيرِ ما أسمى مكانتَكم |
لدى العروبةِ، مِن ناءٍ ومُقْتربِ!! |
هلمَّ فالوقتُ أنفاسٌ لها أمَدُ |
ولا أقولُ بأنَّ الوقتَ من ذهب |
علم يجمِّع بالفرقان فرقتنا |
ونستجيبُ إليه كل مغتربِ |
كم زفرةٍ سالَ قلبي في جوانبها |
بالشجوِ والشدوِ، لا بالشك والريبِ |
أطلقتُها من جوارِ البيتِ خاطفةً |
كومضةِ البرقِ في الإدجانِ والسحبِ |
في كلِّ قافيةٍ منها مغلغلةُ |
من الحجازِ إلى أقصى ذُرَى حلبِ |
تستعرضُ الأملَ البسامَ في لُجَجٍ |
من الكواكبِ، أو موجٍ من العببِ |
هيهات ننعمُ بالشأوِ القصيِّ غداً |
حتى نعودَ إلى ما كان من سبب |
فما معاقلُنا إلا عقائدُنا |
ولا عوائقُنا إلا من الشغبِ |
"وما السلاحُ لقومٍ كل عدتهم |
حتى يكونوا من الإخلاص في أهبِ" |
تالله ما مصرُ إلا الشام آصرةَ |
ولا العراقُ سوى نجدِ لمنتسب |
ولا فلسطينُ أو لبنانُ رابطةَ |
إلا كإخوتها في الصدع والرأبِ |
نمس أحشاءنا إن مسها نصب |
ونشتكي كل ما تشكو من الكربِ |
لها علينا من القربى إذا ارتمضت |
ما للعيون من الأجفانِ والهدبِ |
كأنَّما هي منا ضوء باصرة |
ونحن منها جنانٌ غير منعشبِ |
قد حقق الله بالإسلام وحدتنا |
رغم الحوادث، والآفاق، والحقبِ |
نسعى جميعاً ونمضي هاتفين على |
نهج السبيل إلى الآمالِ والرغبِ |
جمعينا أمةٌ في الدين واحدة |
والدين أعظم أوشاجاً من النسبِ |
فكيفَ؟ والقوم يجري في مفاصلهم |
دمُ العروبة بين القلب والعصبِ |
كأنما لغةُ القرآن قافلةٌ |
هم الحداةُ بها في كل مضطربِ |
لاذت بهم واستقرت في شقاشقهم |
في العلم والفن والأخلاقِ والأدبِ |
فمرحباً بالضيوفِ الغر في بلدٍ |
قد خصه الله بالتقديس والحجبِ |
يلقون فيه من الرحمن ما التمسوا |
حول الحطيم وبشراً من أخ وأبِ |
ونسألُ الله توفيقاً يقربنا |
زلفى إليه، ونرجو خيرُ منقلبِ |
عاش المليكُ ملاذُ العرب قاطبة |
والمسلمونَ، وعاشتْ أمةُ العربِ |