أضفى عليك ثناءَه الإسلامُ |
وهَفا إليكَ بشدْوِهِ الإلهامُ |
وأضاءَ فجرَ الدِينِ فيك وطالما |
أرختْ عليه سُدُولَها الأوهامُ |
جَنَحَ التُّقاةُ إليكَ واستبقوا الخُطى |
نحوَ اليَقينِ وأفضتِ الأقوامُ |
كلٌّ يُشيرُ إليك في إعجابِهِ |
ويَسوقُهُ الإكبارُ والإعظامُ |
وكأنَّهمْ وقد اطلعتَ عليهمُ |
أفقٌ زَهاهُ البدرُ وهو تَمامُ |
لهجوا بشُكرِكَ من صَميمِ قُلوبِهِم |
وهُمُ السَراةُ القادةُ الأعلامُ |
من كلِّ مُرتَجسِ البيانِ كأنَّهُ |
وَبْلٌ وبينَ لَهاتِهِ إرزامُ |
لو لمْ يَبُحْ لك بالمودةِ مُعرباً |
نمَّتْ عليه بِحُبِّك الأنسامُ |
* * * |
شهدوا الغَداةَ بأنَّ تَاجَكَ مُشرقٌ |
وبأنَّ عرشَكَ في الجلالِ سِنَامُ |
وبأنَّ بَابَكَ للعُفاةِ مَباءةٌ |
وبأنَّ كَفَّكَ كالغَمامِ سِجامُ |
وبأنَّ حُكمَكَ بالشريعةِ نافذٌ |
للهِ فيه النقصُ والإبرامُ |
وبأنَّ حِزبَكَ في الجزيرة أُمةٌ |
زَخُرَتْ بها الغَاباتُ والآجامُ |
وبأنَّ جَيشَكَ أينما وجَّهتَهُ |
خَفَقَتْ عليه بِنَصرِكَ الأعلامُ |
* * * |
إني لتأخُذُني تجاهَكَ نَشوةٌ |
بالفخرِ تَقصُرُ دونَها الأفهامُ |
أو لمْ يهبَكَ اللهُ ألويةَ الهُدى |
والنَّاسُ شتى والضَّلالُ رُكامُ |
فنهضتَ بالفئةِ القليلةِ غَاضِباً |
للهِ والشرعُ الحَنيفُ يُضامُ |
تحدو بعزمِكَ للكِفاحُ "عَقيدةٌ" |
لا البطشُ يُوهِنُها ولا الإرغَامُ |
يتمثلُ التَّوحيدُ في جَنَبَاتِها |
رُوحاً تَهافتُ حَولَهُ الأجسامُ |
* * * |
ولشَدَّ ما ارتُجِزتْ عليك مَلاحِمٌ |
كالليلِ لَولا أنَّهُنَّ ضِرامُ |
لم تَسعنْ إلا بربِّكَ وحدَهُ |
فيها وأخلص سرك الإقدامُ |
مُستَمسِكاً بالعُروةِ الوُثقى التي |
هي للمُوحِّدِ قوةٌ ودِعامُ |
فرفعتَ راياتِ العُروبةِ بَعدَما |
كادتْ تُمزِّقُ شملَهَ الآثامُ |
وزجرَتها عن غيِّها ودَعوتَه |
اللهِ والكيدُ الخَفِيُّ لِمَامُ |
فاسترجعتْ ومشَتْ إليك مُصِيخةً |
حَسرى تهُدُّ كِيانَها الأسقامُ |
مُلتاثَةً هاضَ الطُغاةُ جَناحَهَا |
فكأنَّما هي في القِفارِ سَوامُ |
يَعدو عليها الحَاكِمونَ بأمرِهِمْ |
طَمعاً ويَهدِمُ صَرحَها الإجرامُ |
* * * |
فرقأتَ عبَرَتَها ورُضتَ جِمَاحَهَا |
وأزَحْتَ عَنها الظُلمَ وهو حَرامُ |
وأقِلتَ عَثرتَها خِلالَ مَعاركٍ |
مادتْ بِها الأطوادُ والآكامُ |
وملأتَها عَدلاً وكانت بؤرةً |
للجورِ فيها والشِقاقُ مُقامُ |
فإذا بها في فَيءِ (تاجِكَ) دولةٌ |
لا البَغيُ يُرهِقُها ولا الآلامُ |
رفَّتْ عَليها للحُدودِ مَعالمٌ |
لاذتْ بها الآسادُ والآرامُ |
لا الذئبُ في الحِملانِ ينشبُ ظِفرَهُ |
رهباً ولا سَرحُ الحجِيجِ يُرامُ |
الأمرُ بالمعروفِ بين رُبوعِهَا |
فرضٌ ويَغشى المُنكراتِ حُسامُ |
يشقى بها الأشقى ويَنعَمُ ذو التُّقى |
عيشاً وتكفُلُ بالهُدى الأيتامُ |
في كُلِّ باديةٍ وكلِّ مدينةٍ |
عَدْلٌ وأمنٌ وارفٌ ووِئَامُ |
وبكلِّ حيِّ للفرائضِ مَسجِدٌ |
وبكُلّ وقتِ للصَّلاةِ إمامُ |
وبكلِّ شِعبٍ من سخائِكَ ديمةٌ |
وبكُلِّ قلبٍ من حِجَاكَ خِطَامُ |
تَقفوا سَبيلَكَ في الحَياةِ وإنَّه |
للحقِ لا شيعٌ ولا استِقسَامُ |
تلك الحكومةُ ظلالِ "مُحمدٍ" |
"والرَّاشِدينَ" وفي حِمَاكَ نِظامُ |
فيهِ المعادُ مع المعاشِ مُؤمَّنٌ |
والنصرُ والتوفيقُ والإنعامُ |
يا أُمَّةَ التَّوحيدِ إنَّ مَردَّنا |
للهِ والدُّنيا الغَرورِ حُطامُ |
تَفنى ويَفنى كُلُّ من هُوَ فَوقَها |
حَتماً ويبقى الوَاحِدُ العَلاَّمُ |
فتمسَّكوا بِعُرى "الكِتاب" وتابعوا |
"هَديَ الرَّسولِ" فإنَّهُ استِعصَامُ |
وخُذوا الطَّريقَ المستقيمَ وبَادِروا |
حيثُ اليقينُ المَحْضُ وهو زمامُ |
فبِذاك لا بِسواهُ تَبَهرُ شَمسُنا |
رَمَدَ العُيونِ وتُوصَلُ الأرحَامُ |
ونعيدُ أمجادَ الأُلى كانوا على |
هذا السَّبيلِ وتَخضعُ الأيَّامُ |
هذا هو الشَّرفُ العَظيمُ وطَالما |
غنى اليراعُ عليه والصَّمصَامُ |
تتجاوبُ الدُّنيا بما شيَّدتَه |
بِشراً ويهتفُ باسمِكَ الإِسْلامُ |
سيانَ فيك على الوَلاء شُيوخُهُ |
وشبابُهُ والعُربُ والأعجامُ |
طهَّرتَ "مَأرزَ دينِهم" ورَعَيَتَهُمْ |
بالصَّالحاتِ ودأبُك الإكرامُ |
فَهُمُ لك السُّفراءُ في أوطانِهم |
وهُمُ بشكرِ اللهِ فيك قِيامُ |
فاهنأْ بعيدٍ من جبينِكَ ضَوءُه |
ولك السُّعودُ تحيةٌ وسلامُ |
ولتحيَ في كَنَفِ الإلهِ مُظَفَّراً |
ما أشرقَ الأضحى وفاضَ غَمَامُ |