عيدُنا فيك مشرقٌ وضُحَانا |
فأَعِدْ باللقاءِ منك حِجَانا |
ضلَّ مِنَّا غَداةَ أن غَابَ عنا |
فيصلُ المجدِ والتمسنَا هُدانا |
ومشينا إليك والشوقُ يحدو |
كلَّ قلبٍ مَلكتَهُ إحسانا |
واتخذنا مع الرِّياحِ سبيلاً |
لو أطَقْنَا وإنِّما أعَيانا |
فوقُفنا وفي الجوانِحِ خَفقٌ |
يبعثُ الشَّجْوَ واحتملنا جَوَانَا |
وارتقبناهُ ثم رُحنَا نُنَاجي |
كوكَب الفَجرِ واستبقْنَا خُطانَا |
فوجدْناهُ حَامِلاً عِبءَ شعبٍ |
زادَهُ فيه سَعيُه أشجانا |
فرَضِيَنا وما سَخِطنا لشيءٍ |
مِثلَ أنْ لا نَراهُ فينا عَيَانا |
فاهتفي اليومَ يا بِلادي وهَاتي |
وخُذي من يَراعتي الألحَانا |
وأقيمي على الرُّبى مِهرجاناً |
يَملأُ الأرضَ والسماءَ افتتانَا |
وانطقي يا جَوانِحي وأبيني |
بالتَّهاني فقد عُقدتُ لِسانا |
وانفُذي للصميمِ من كلِّ مَعنىً |
يَذَرُ السِّحرَ خَاشِعاً وَلْهانا |
وأميطي اللِّثَامَ عن حُبِ شعبٍ |
في قَوافٍ يشِعُّ منها صَدانا |
يُؤمنُ الشعرُ أنَّها من رُقاهُ |
كُلما افترَّ طيفُهُ في رُؤانا |
ويؤدي رسالةَ العيدِ نَشوى |
كتثني الغُصونِ مَاستْ لُدَانا |
سَخِرتْ بالرياءِ فهي بَرَاءٌ |
منهُ واستهزأتْ بِهِ أحيانا |
إنما فيصلٌ - وتفديه نفسي - |
مَلِكٌ صَاغَهُ التُّقى إنسانا |
عبقريٌّ وأيُّ سُؤددِ قومٍ |
لم نجدْ فيصلاً له عُنوانا |
جمعَ المجدَ من ضِفافيهِ فانظرْ |
كيف يَغشاكَ مُشرقاً مُتانا |
كلأتْهُ عِنايةُ اللهِ تَرعى |
في ذُراهُ النُّسُورَ والعُقَبانا |
فوقَ متنِ المُحيطِ في أُفِقِ المَجدِ |
أين حَلَّ مَكانا |
يا أبا خالدٍ
(2)
وسِرَّ المُفدَّى |
والمُحلَّى بفَرقِهِ التيجانا |
والذي أنهضَ الجزيرة حتى |
رفعتْ هَامَها السعودَ اقترانا |
والذي استنصر الإله فأفنى |
كُلَّ عاتٍ وقَوَّضَ الطُّغيانا |
والذي التفَّتِ الجُموعُ عليه |
فيلقاً بعدَ فيلقٍ أشطانا |
وأعادَ التاريخَ أبلجَ ضَاحٍ |
بعدَ أنْ كان دَاجِياً حَيرانا |
أتُراني وفي هَواكُمْ رَشادي |
قد بلغتُ المَدى وحُزتُ الرِّهانا |
تلك أمنيَّةٌ على الدَّهرِ تَبقى |
تُشبهُ الروحَ جَوهراً واكتِنانا |
تَتَلاشى من حَولِهَا نَفَثاتي |
غيرَ رَجعٍ سَمعتُه رَنَّانا |
أيها المُلهمي بِفخرِكَ شِعري |
والمعنى بكلِ أمرٍ سنانا |
شاقَنا فيك من أبيك جَلالٌ |
وانتضى جَدُّك العظيمُ ازدهانا |
خضعتْ عندَهُ الرِّقابُ ولكن |
ذرفتْ عينُه الدُّموعَ سِخانا |
خشيةَ اللهِ وابتغاءَ رِضاهُ |
وهي في العَرضِ زلفةٌ لا تُدَانى |
* * * |
هَجَعَ النَّبتُ والهَشيمُ ولمَّا |
وهو يَغفو ولم يَزلْ يَقظَانا |
يَرقُبُ النَّجمَ أين يَسري ويُغري |
مُهجَ اللَّيلِ صَادياً غَرثَانا |
* * * |
شبَّتِ الحَربُ في الدُّنى وتَلَظَّتْ |
بِجَحِيمٍ يُهَدِّدُ العُمرَانا |
ورمتْ بالشُّواظِ كُلَّ بسيطٍ |
ومُحيطٍ يُفجِّرُ البُركَانا |
جمعتْ بالطيورِ في كَبدِ الجـ |
ـوِّ وأظمى لهيبُها الحِيتَانا |
وتنادتْ بالغوثِ منها شعوبٌ |
أصبحتْ عِبرةً لِمن يَتَوانى |
واضمحلَّتْ كأنَّها أمسُ ذكرى |
مثلَ عادٍ وغُودِرتْ كُثبانا |
عضَّها الجُّوعُ وهي أخصبُ أرضٍ |
قدْ زَكَتْ تُربَةً ورَفَّتْ جِنَانا |
وبفضلِ من الإلهِ ووَعدٍ |
وسَدادٍ به المَليكُ رَعانا |
قَد كَفَانا شرورَها اللهُ حتى |
لَظَنَنَا أنباءَها بُهتَانا |
ونَعِمنا بما بِهِ الخَلقُ تَشقى |
واستَعنَّا بربِّنَا فَوَقَانا |
فاضَ وَبْلُ المليكِ من كُلِّ فَجٍّ |
وسَقى مِصرَنَا وآسى قُرانا |
واجتبانا بآيةِ "الخُبزِ" تمحو |
آيَةَ الشَّمسِ في الضُحى إعلانا |
عظُمتْ نعمةً وطارتْ حَديثاً |
وهَمَتْ دِيمةً جَاشتْ حَنَانا |
فأصابَ البِلادَ منها سَحابٌ |
لم يَزِدْهُ اللجاجُ إلاَّ ضَمانا |
كُلُّهُمْ فيه مَربعٌ ومَصيفٌ |
وهُم فيه كالرَّضيعِ احتِضَانا |
ذاك عبدُ العزيزِ طُوبى لقلبٍ |
مَحَّصَ الحبُ حُبَّهُ إيمانا |
عِندَهُ الخلقُ في الحقوقِ سَواءٌ |
والفقيرُ الكسيرُ أعظمُ شَانا |
والضعيفُ القَويُّ بالحقِ يَعلو |
والقويُّ الضعيفُ حتى يُدانا |
فتأمَّلْ تَجِدْ أمامَكَ مِنَّا |
كُلَّ من شِئتَ هَاتِفاً جَذْلانا |
شاكراً أنعُمَ اللهِ عليه |
وهو في الشُّكرِ مُمعنٌ إمعانا |
دفعتْهُ إليكَ مِنكُم أيادٍ |
قَيَّدتْهُ وأطلقتْهُ امتِنَانا |
وائتلقْ فوقَنَا فما أنت إلاَّ |
نورَ أبصارِنا وجُلَّ مُنَانا |
وتقبَّلْ - بقيتَ - تبريكَ شادٍ |
لم يُثقَّبْ لآلئاً وجُمانا |
إنَّما نظمُهُ القلوبَ جميعاً |
والولاء الولاء آناً فَآنا |
عاشَ عبدُ العزيزِ للشعبِ عيداً |
وبَنُوهُ لِعَرشِهِ أركانا |