حفِلتْ فيك بالهَناءِ (المَواسمْ) |
واستهلتْ بك الوفودُ الغَمائمْ |
واستعادَ الحِجازُ فيك مَقاماً |
لم تَنلْ مِثلَه (الصُّقورُ) العَباشِمْ |
ومشى المَجدُ في رِكابِكَ حتى |
مالكَ الدَّهرَ في ذُراهُ مُزاحِمْ |
وبدا الدِينُ مُشرقاً يتهادى |
بين عِطفيْكَ مُستقيمَ المَراسِمْ |
* * * |
هذه سُنةُ التآلُفِ تُزجِي |
نحوَكَ "المؤمنينَ" من كُل قَادِمْ |
أكبروا فيك (عَاهِلاً) عَربياً |
رفَعَ المُلكَ فوق هَامِ العَواصِمْ |
نَصرَ اللهُ حِزبَهُ فتوارى |
شبحُ الخوفِ والرَّدى والمَظالِمْ |
وأقامَ الحدودَ في كُلِّ جافٍ |
كان (إبليسُ) رَدَءَهُ في الجرائمْ |
وانتضى السيفَ في الهُدى وتَصدى |
يَمنعُ الضَّيمَ وانتهاكَ المَحَارمْ |
وأحاطَ البِلادَ بالأمنِ يَبني |
من رُؤوسِ الجُناةِ سُورَ جَماجِمْ |
* * * |
مَلِكٌ تَدهشُ النَّواظرُ منه |
صَارمٌ عَابِسٌ وثَغرٌ بَاسِمْ |
مكَّنَ اللهُ "للشريعةِ" فيه |
كلَّ ما كان قَبلَهُ غيرَ قائم |
فاتكٌ أروعٌ عَصيٌّ مُطيعٌ |
خَضَعَتْ دونَهُ رِقابُ العَظائِمْ |
زلزلَ البَغيَ ثم شيَّدَ عَرشاً |
لم يَزلْ سَمكُهُ وطيدَ الدَّعائمْ |
مُشرئباً إلى السَّماءِ عليهِ |
من رِضى اللهِ عَوْذةٌ وتَمائمْ |
فخذوا عنه أيُّها القَومُ نُصحاً |
يَصدَعُ الصَّخرَ والقلوبَ الهَوائمْ |
واقدروا فَضلَهُ علينا جَميعاً |
حيثُ تَنهلُّ من يَديهِ المَكارِمْ |
وأصِيخوا إليه في كُلِّ معنىً |
فهو في الوَعظِ بَحرُهُ المُتلاطمْ |
ليس من هَمِّهِ التماسُ المَلاهي |
لا ولا طرفُهُ عن الحَقِ نائمْ |
لم ينَلْ منه في الحَوادِثِ كيدٌ |
أو يَخفْ في الإِلهِ لَومةَ لائمْ |
* * * |
يعلمُ اللهُ ليلَهُ كيفَ يَمضي |
وأبو (المَحاريبِ) والدُّموعُ السَّواجِمْ |
حَمَلَ العِبءَ والجزيرةُ سَكرى |
يومَ أنْ كانَ مُثقَلاً بالمَغارِمْ |
وتحدَّى ببطْشِهِ كُلَّ عَاتٍ |
كان كالليلِ والسُّيولِ العوارِم |
دكَّ طُغيانَه ببأسٍ شديدٍ |
أين مِن زأرِه الأسودُ الضَّراغِمْ |
ذاك (والحجُّ) سلعةٌ أو مَتاعٌ |
أو هو الصَّيدُ في شِراك المآزِمْ |
حين كان الفناءُ حتماً وكانت |
أنفسُ الوافدينَ شِلو اللَّهازِمْ |
حين كان الوُلاةُ أضعفَ من أنْ |
يَمنعوا (الطائفينَ) من كُلِّ هَاجِمْ |
دَمُهُمْ مُهرَقٌ هدارٌ حَلالٌ |
ما لَه حَاقِنٌ ولا عنه عَاصمْ |
* * * |
فاشكروا اللهَ واذكرُوهُ كثيراً |
فلَهُ الحمدُ والثَّناءُ الدَّائِمْ |
وابلغوا اليومَ قصدَكُمْ وتملَّوا |
بأمانيِّكُمْ على أنفِ رَاغِمْ |
واطلبوا العَفوَ من عَفوٍّ غَفورٍ |
وعدهُ الصِّدقُ لا ضلالُ المَزاعِمْ |
وانظروا الأمنَ حيثما هو ضَافٍ |
مُستقرَّ العِمادِ رَحبَ المَعَالِمْ |
واشهدوا "التاجَ" ضَاحياً فوقَ فرقٍ |
كضُحى الشمسِ وائتلاقِ الرَّواجِمْ |
واستعيدوا على المَدى ذِكرياتٍ |
حَشدَ الشِّعرُ حَولَها كُلَّ نَاظِمْ |
كشذى الرَّوضِ غِبطةً وسُروراً |
وزُهور الربيعِ بين الكَمائِمْ |
* * * |
إنَّ "عبدَ العزيزِ" أفضلُ راعٍ |
خاضَ في اللهِ مُجهماتِ المَلاحِمْ |
في يقينٍ كانَّما هو دِرعٌ |
أين منه الحَديدُ فوقَ الغَلاصِمْ |
تتحامى الرياحُ منه احتِسابا |
كُلَّما اعتدَّ والرُّعودُ الرَّوازِمْ |
وسخاءٍ كأنما الطَّلُ منه |
قَطراتٌ مُرقرقاتُ النَّسائمْ |
أمرعتْ فيه واستظلَّتْ نُجودٌ |
واجتنتْ مِنه واطمأنتْ (تَهائِمْ) |
* * * |
أطعمَ الطيرَ في الوَغى ونَراهُ |
يُطعم الناسَ في السنين العَوادِمْ |
مُشفقٌ أنْ يَجوعَ ربُّ عِيالٍ |
ضَجَّ مَن حَولَه الصِّغارُ البَواغِمْ |
فهو سُهده عليهم رَحيمٌ |
ليس من فَوقِهِ سِوى اللهِ راحِمْ |
وهو في حِلمِهِ المُعوَّذِ فردٌ |
كُلما هاجَ غَيظُهُ فهو كَاظِمْ |
يَقِظٌ ساهرٌ عَفيفٌ دؤوبٌ |
عرفَ العُربُ فضلَه والأعاجِمْ |
* * * |
ألمعيُّ الظُّنونِ تنجابُ عنه |
ظلماتُ الشكوكِ والجو قَاتِمْ |
شادَ بالسيفِ ما بَناه فأعلى |
صَرحَ أمجاده على كُلِّ هادمْ |
وغدا الشعبُ في حِماه مُوقىً |
نافياً طامحاً قويَّ الشَّكائمْ |
* * * |
والنُّهي فيه ما رأى معجزاتٌ |
لم تَحُم حولَها الرُّقي والطَّلاسمْ |
بهرَ السَّاسةَ الدُّهاةَ ومَا هُمْ |
غيرَ مَن نَفْثُهُ لُعابُ الأراقمْ |
* * * |
مادتِ الأرضُ حَولَها واقشعرَّتْ |
وهو كالطَّودِ والرَّواسي الجَواثِمْ |
نظرٌ صائبٌ وحُكمٌ رشيدٌ |
خفتْ عِندَه الدَّواهي والدَّواهِمْ |
جَمَعَ اللهُ شَملنا في هَواهُ |
بعدَ أن كانَ جمعُهُ طيفَ حَالمْ |
فاسألوا اللهَ أنْ يعيشَ ويَبقى |
ما سَعى مُحرِمٌ وأفطَر صَائِمْ |