صافِحوا الشمسَ والثُموها اشتياقا |
وقِفوها إنْ استَطعتُمْ لِحَاقا |
وسَلوها وقد ألمَّتْ (بنجدٍ) |
عن (الرِّياضِ) تمُدّها إشراقاً |
ما ضُحاها الذي نراه ولكن |
قَبَسَتْهُ وحمَّلتْه ارتفاقا |
أقبلتْ في الصباحِ صفراءُ تجلى |
من وراءِ البِحارِ تبراً مُراقا |
واسبطَّرتْ على اليمامةِ تفري |
في عَنانِ السَّماءِ سَبعاً طِباقا |
واجتدتْ من "أبيكَ" وهي تُملّي |
من هُدى الحقِّ واليقينِ ائتلاقا |
فكَسَاها مَطارفَ "العيدِ" أضحى |
فيه يشدو مُغرِّداً لو أطَاقا |
* * * |
ما رنتْ نموها سُدى تتهادى |
في بُرودٍ تُزيِّنُ الآفاقا |
إنما استحقتْ رسائلَ شتى |
عَذُبَتْ مشرعاً وطابتْ مَداقا |
تُلهِمُ الشعرَ والخيالَ ارتجالا |
وتحثُّ الكؤوسَ شَجواً دِهَاقا |
لغةٌ أمضت خَفاءً ودقَّتْ |
وصفتْ رَونقاً وحلَّت سِيَاقا |
ليس يَدري بكُنهِهَا غيرُ قلبٍ |
كلُّه انبثَّ في الورى أحدَاقا |
إنَّ قلبي - وأين قلبي - شُعاعٌ |
خِلتُه الآن في الفَضاءِ بُراقا |
ينتجي مهبِطُ الخُلودِ ويَحدو |
أملاً شائعاً ومَجداً سماقا |
أيُّها "الفيصلُ" العظيمُ تمثَّلْ |
وانضْ ما شئتَ في العُلى استِرقاقا |
وتهلَّلْ كما جُبلتَ وأشرِقْ |
حَسبُنا الظلَّ في ذُراكَ رَواقا |
وتأمَّلْ تجدْ لديكَ "شُعوباً" |
لك تُزجي وفودها إطراقا |
تحملُ الحُبَّ والتَّهانيَ سِفراً |
فيك يُتلى مُشعشعاً رَقْراقا |
جانحاتٍ إليك من كُلِّ فَجٍ |
تتبارى تحيةً واشتياقا |
وتُناجيكَ ما استمعتَ قلوبٌ |
لَمس الوجدُ وجدُها الأعماقا |
شاخصاتٍ تروحُ فيك وتغدو |
سابحاتٍ وفي الهَوى تَتَلاقى |
تشهدُ المجدَ في بِساطِكَ طَلْقاً |
حيث أقبلتَ والجلالُ نِطاقا |
وتُوفِّيَكَ بالولاءِ دُيوناً |
بَاهظاتٍ ظننتُها أوسَاقا |
ولقد شاقني في العشيةِ أني |
لم أجدْ في الحجيجِ إلا اعتِلاقا |
عَجبوا فيك كيف خالستَ مِنهم |
كُلَّ قلبٍ سلبتَه خَفاقا |
دون ما سَطوةٍ سِوى هتفاتٍ |
يملكُ الناسُ هَمسَها إطلاقا |
وتغادروا دعابة وادِّكاراً |
نحن بالحِيفِ فاحذروا إشفاقا |
أو لمْ تُنقضُ القرونُ وتمضي |
بين أدغالِهِ دَماً مُهْراقا |
أو ما كانتِ الفريضةُ عِبئاً |
يومَ كان السبيلُ عنها مُعاقا |
يومَ لم تشربِ الظوامئُ إلا |
طُحلباً آجِناً وسُماً زُغاقا |
يومَ كانت وكُلُّ مواطئِ شِبرٍ |
غَدراتٌ تُدَهْدِهُ الأعناقا |
فإذا كان لا بُدَّ قالوا |
إن نسيمَ الهوى وإلا المِحاقا |
فلنعشْ مُوثقينَ في الحُبِّ دَهراً |
فهو خيرٌ من أن ندين ارتهاقا |
ولأنْ نبقْ مُدنَفِينَ وفاءً |
ذاك أولى من أنْ نُضحي امتشاقا |
ومضوا في الحديثِ أبعدَ شوطٍ |
عنك مَارَقَّ كالنَّسيمِ ورَاقا |
كلُّهُم ألسُنٌ تُعيدُ وتُبدي |
في أياديكَ مِنَّةً وانطلاقا |
وأفاضوا مُحلقينَ وأفضوا |
حيثُ يلقى أخو الشآمِ العِراقا |
* * * |
(بردى) (والفراتُ) (والنيلُ) قومٌ |
عَلموا أنَّها بِهم تَتَساقى |
ولهُمْ بيننا هَوىً ليس يَبلى |
غَرَسَتْهُ العُصورُ سَاقاً فَسَاقا |
رحُبتْ "زمزمٌ" بهم وَشَفَتْهُمْ |
واقتضتْهم على الوِصالِ الصّداقا |
ما صُداقُ (الحجازِ) إلا خشوعٌ |
يملأُ النفسَ فيضُهُ إشراقا |
يصهرُ الرُّوحَ كوثراً من صَفاءٍ |
يَصدعُ الدَّجنَ والدُّجى غَيْداقا |
ويُعيدُ الحَياةَ سَلماً ورَغداً |
في رُبى الشَّرقِ والصُّدودَ عناقا |
* * * |
يا بنَ "عبدِ العزيزِ" من لستُ أُحصي |
فضلَهُ الجَمَّ أينَ سحَّ اندِفاقا |
من أقامَ الحدودَ فهي شِعارٌ |
وحَمى الدِينَ واستعاذَ الشِقاقا |
ودعا دعوةَ "الرَّسُولِ" وأمضى |
شِرعةَ الحقِ كيف كانَ انطباقا |
وأباد الطغاةَ رهطاً فرهطاً |
وأزالَ القُيودَ والأطواقا |
وأعدَّ الحُصونَ خيلاً عِتاقا |
وأعادَ الظُنونَ بِيضاً رِقَاقا |
والذي اختارَه الإِله "زَعيماً" |
مُنذُ أنْ فَوَّقَ السِّهامَ وفَاقا |
والذي بِرُّه تَتَابعَ حتى |
أمِنَ الشعبُ شَعبُهُ الإملاقا |
والذي يُصبحُ الفقيرُ ويُمسي |
مُطمئناً إلى جَداه ارتزاقا |
والذي لجتِ العَواتِقُ فيه |
ما تَلاقَينَ وافترقَنَ افتراقا |
والذي لا البيانُ فيه بِمُغنٍ |
لا ولا الشعرُ حكمةً واتِّساقا |
أنتُم السابقونَ في كُلِّ خيرٍ |
والمُجابونَ دعوةً ومَسَاقا |
والجديرونَ بالثَّناءِ إذا ما |
كان في غيرِهِ رياء واختلاقا |
والبعيدونَ صَوْلةً ومَنَالاً |
والقريبونَ طاعةً وطراقا |
والملبونَ مُخلصينَ له الدينَ |
والدُّنى والحلاقا |
فاشكروا اللهَ حَباكُم كثيراً |
نعمةُ اللهِ عَدُّهَا لنْ يُطاقا |
تِلكُمُ الأرضُ زُلزِلتْ من قَضاءٍ |
أوسعَ الخَلقَ كُلَّهمْ إخفاقا |
شرِقتْ بالدِّماءِ فهي بُحورٌ |
ينطوي أليمُ بينها إغراقا |
ومشى الهَوْلُ فوقَها فهي فُلكٌ |
يغمُرُ الموجُ سطحَهُنَّ اصطفاقا |
وكأنَ الوجودَ يفنى وشيكاً |
بعدَ أن كان زُخرُفاً برَّاقا |
تتداعى "حضارةٌ" شيَّدتْها |
أممٌ تنطحُ النجومَ سِباقا |
قوضتْ صرحَها المقاديرُ دَكّاً |
ثم لم تهمِلُ العقولَ فَواقا |
أصبحتْ كلُّها وقودَ جحيمٍ |
كُلَّما اكتظَّ زادَه إنفاقا |
أسلمتْها إرادةُ اللهِ قَهراً |
فتردَّتْ برغمِها إزهَاقا |
* * * |
والأساطينُ أين هُم بَهرتْهم |
صَيحةُ اللهِ فاستكانوا انصِعاقا |
ما وقتْهم حُلومُهم من لَظَاها |
كيف يَعصي المُخَلَّقُ الخَلاَّقا |
تلك آياتُ ربِّنَا باهراتٌ |
أخذَ اللهُ قَبلَها المِيثَاقا |
* * * |
ويْحها إنَّها بأيدي بَنيها |
نَقَضَتْ غَزْلَها وشَدَّت وِثَاقا |
ذاك واللهِ للعِنادِ نَذيرٌ |
كان للوحي في النُّهى مِصدَاقا |
فإذا المُؤمنونَ عَاذوا ولاذوا |
وأنابوا وقوَّموا الأخْلاقا |
واستعانوا بِربِّهم واستقاموا |
وتَمشُّوا على الصِّراطِ اتفاقا |
وإذا ما اتقَوْه سِراً وجَهرا |
لا رِياءً وسُمعةً ونِفَاقا |
فهُمُ الفائزونَ مَهما استجابوا |
يومَ يُدعَونَ للجزاءِ وِفَاقا |
* * * |