مطالعُ (عيدٍ) قد تجلَّت بُدُورُها |
ومنك سَناها في العُيونِ ونُورُهَا |
لها مِنك ما في الصَّومِ والفِطرِ من |
هُدىً كما لَكَ منها أُنْسُها وحُبُورُها |
فما في الضُّحى إلاَّ شُعاعُ مشرقٌ |
ولا في المُنى إلاَّ مَعانٍ تُثيرُها |
مكارمُ أخلاقٍ تَشذَّى أريجُها |
عليك ورَفَّتْ كالربيعِ زُهورُها |
كأنَّ صفاءَ الطَّلِّ فيها مُرقوقاً |
حديثُك والزُّهرُ الدَّراري شُذُورُها |
إذا اقتبستْ منها القوافي حسبتَها |
عُباباً ولكن أين مِنك بُحورُها |
فلا غَروَ إنْ خَفَّتْ لِمرآكَ أُمَّةٌ |
دَعا باسمِك المُحبوبُ فيها نَفيرُها |
ولا عجبٌ إن مَاستِ اليومَ (مكةٌ) |
غَداةَ أشاعَ البِشرَ فيها "أميرُها" |
مشتْ وهي نَشوى بالتَّهاني وأقبلتْ |
ومنْ حَولَها (حَسَّانُها) وجَريرُها |
تدفّقُ أرسالاً إليك وفودُها |
ويملأُ سَمْعَ الخافِقينِ شُكُورُها |
تتابع صفّاً بعدَ اللِّقاءِ مَهابةٌ |
عليك ويُدنيها إليكَ شُعورُها |
فأنت لَعَمرُ الله سِرُّ "أبوةٍ" |
بها ائتلقتْ أمجادُها وعصُورُها |
وما برِحتْ "عدنانُ" تحتَ ظِلالِها |
مُظفرةً أعلامُها ونُسورُها |
وللهِ كم من دَعوةٍ مُستجابةٍ |
تُضَاعفُ في يومِ الجَزاءِ أُجورُها |
تهلَّلَتِ الأملاكُ منها وأشرقتْ |
بها الأرضُ واجتازَ السماءَ بَشيرُها |
تَصَاعَدُ في أعماقِ كُلِّ مُوحِّدِ |
إلى المَلأ الأعلى ويزكو عَبيرُها |
على نِعمٍ للهِ تَتَرى بحمدِهِ |
على الدَّهرِ لا تفنَى وتَبقى بُذُورُها |
تعهَّدَها "عبدُ العزيزِ" فأثمرتْ |
بآلائه أغصانُها وجُذُورُها |
فما العُربُ لولا اللهِ ثمَّ سُيوفِهِ |
سوى فِرَقٍ أعيا الوِئامَ نَعيرُها |
رَعاها فمدَّ العَدلَ فيها سُرادقاً |
تلوذُ بهِ أكبادُها ونحورُها |
ووطّدَ فيها الأمنَ حتى كأنَّمَا |
حَرامٌ فيافِيها ضَمَانٌ نَفُورُها |
ولو كان مما يُستطاعُ لبادرتْ |
إليه بشكرِ اللهِ قبلي قُصورُها |
أجلْ ولأنثتْ بالذي هو أهلُه |
أباطحُها القصوى وثُنَّتْ خُدورُها |
أفاضَ عليها البِرَّ فيضاً كأنَّهُ |
سَيُولٌ من الإحسانِ عَذبٌ نَميرُها |
غُيوثٌ أراشتْ كلَّ أرملَ بائسٍ |
وكلَّ حَصانٍ لم تَجِدْ من يُميرُها |
فأمرَعَ منها كلُّ بَادٍ وعَاكفٍ |
وشاطَرَ فيها كهلُها وصغيرُها |
فما سمعت أُذناي من كُلِّ هَاتفٍ |
سوى دَعواتٍ (للمليكِ) صُدُورُها |
فما شئتَ من حُبٍ فذلك سِرُّها |
وما شئتَ من شُكْرٍ فذاك سَميرُها |
* * * |
وقد آمنتْ يا ابنَ المُفدّى وشِبلَه |
بأنك من جُورِ الزمانِ مُجيرُها |
وأنك في الهَيجاءِ والسلمِ فيصلٌ |
وفي كلِّ ما يَحمي حِماها نصيرُها |
وأنَّك فيها مُلْهَمٌ في سدادِهِ |
إذا الفكرةُ الصَّمَّاءُ ضلَّ مُشيرُها |
وأنَّك منها رائدٌ في يمينِهِ |
مَشاعِلُها وضَّاءةً ونُذورُها |
شهيدي على ما قُلتُهُ كلُّ مَسمعٍ |
وكلُّ أخي عينٍ يُطِلُّ بصيرُها |
وما زالتِ الأرزاقُ تُجبى سَفائناً |
تغُصُّ بها أحواضُها وثُغُورُها |
مُعوَّذَةً من كلِّ بأسٍ وطارقٍ |
على حينِ أعيا الأكثرينَ عُبُورُها |
وذاك لَعَمرُ اللهِ وحيُ كتابِهِ |
ودعوةُ إبراهيمَ عَزَّ نَظيرُها |
* * * |
ومهما أجَلَتُ الطَّرفَ في الأرضِ خِلتَها |
براكينَ يُصلى المترفينَ سعيرُها |
فلا ليلُها هَادٍ ولا صُحبُها هُدى |
ولكنَّها الغَاراتُ يَغشى صَفيرُها |
تكادُ بها الأصقاعُ تُصعَقُ من عَلٍ |
وتُزهَقُ من هَولٍ ويُنفخُ صُورُها |
* * * |
وقد زَعموا أنَّ الحضارةَ نعمةٌ |
فأُفٍّ لها إنْ كان هذا مُكُورُها |
هي انطلقتْ فيهم فأما شهيقُها |
فبؤسٌ وأما بأسُهَا فَزفيرُها |
ألا شَدَّ ما صَبَّت عليهم نَكالَها |
فُنُونٌ تمادى بالوَبالِ نَذيرُها |
وما كان أغنى الناسَ عن مَدَنيَّةٍ |
تحدَّى جميعَ العالمينَ شُرُورُها |
فباتوا ضَحايَاها شُعُوباً وأصبحتْ |
تُطوِّقُهُم أغلالُها وسيورُها |
فَقُلْ للذين استمرأوها رُويدَكُمْ |
لقد آنَ أنْ لا يزْدهيكُمْ غُرورُها |
فما هي إلاَّ زُخرفٌ أو خَديعةٌ |
يُخدِّدُ تقوى المتقينَ فجورُها |
هي العِبرةُ الكُبرى وفيها لخلقِهِ |
عِظاتٌ تَغالتْ بالدِّماءِ مُهُورُها |
وللهدمِ مَا شَادتْ وللهِ ما قَضى |
لهُ الحُكمُ والدنيا إليه مَصيرُها |
* * * |
ويا حبَّذا الإسلامُ دِيناً لأهلِهِ |
إذا ما القلوبُ الغُلفُ حانَ نُشُورُها |
تعاليمُ دينٍ ما لها من مُبدِّلٍ |
(وفُرقَانُها) يُتلى ويُتلى زَبُورُها |
ولا خيرَ في قلبِ امرئ لم تكنْ بهِ |
عَقائِدُها موصولة وجُسورُها |
* * * |
أمولاي فليحى المليكُ لِمثلِهِ |
مع النصرِ أحقاباً يدومُ سرورُها |
ومدَّ له الرَّحمنُ آجالَ أُمَّةٍ |
به هُدِيتْ للصَّالحاتِ أُمورُها |
ويكلأُها المولى العظيمُ بعاهلٍ |
إليه وعَنه وردُها وصُدُورُها |
وحالَفَهُ التوفيقُ واليُمنُ والرِّضا |
ورفَّتْ عليه (بالسُّعودِ) طُيورُها |
وعاشَ (وليُّ العَهدِ) في التاجِ كَوكباً |
وأيامُهُ مَحظوظةٌ وشهورُها |
وعشتَ طويلاً في أرائكِ غبطةٍ |
يُفاديكَ في أثر الرَّواحِ بُكورُها |