لمن الجُموعُ تنشَّرتْ بالوادي |
مُتَخَشِّعين على هُدىً ورشادِ |
ولمن تحدَّرتِ المَدامِعُ خِيفَةً |
وتَضَرُّعاً في لهفةٍ وتَنادي |
ولمن عنتْ هذي الوجوهُ كريمةً |
وتجرَّدتْ في المَوقفِ المُعتادِ |
ولمن مشتْ كُلُّ الفجاجِ وأقبلتْ |
بالوفدِ يَهتفُ باسمِهِ ويُنادي |
للهِ للرَّحمنِ جَلَّ جلالُه |
هذا الخُضوعُ يلَجُّ بالعُبَّادِ |
لبيكَ يا ربّ السَّماواتِ العُلى |
لك ما تشاءُ وأنتَ بالمِرصَادِ |
لبيك من أعماقِنا وقلوبنا |
من كُلِّ ذي رُوحٍ وكُلِّ جَمادِ |
لبيك يا مَن لا مُعقِّبَ دونَه |
في الخَلقِ والتكوينِ والإيجادِ |
لبيك رغمَ المشركينَ وزعمِهم |
وذوي الهوى والزيغِ والإلحادِ |
لبيك جئنا مُهطعينَ ومَا لنا |
إلاكَ يا قيُّومُ كهفَ مَعادِ |
اللهُ أكبرُ كُلَّمَا طلعتْ ضُحىً |
سُبُلُ الحجيجِ برائحٍ أو غادي |
اللهُ أكبرُ كُلَّما تهوى إلى |
البيت العتيقِ جوانحُ الأكبادِ |
اللهُ أكبرُ كُلَّما ازدحمتْ على |
هذا الصعيدِ مناكبُ الوُفَّادِ |
اللهُ أكبرُ كُلَّمَا انطلقتْ بنا |
آياتُهُ الكُبرى إلى التِّردادِ |
اللهُ أكبرُ كُلَّما عُذنا بِهِ |
في السِّرِ والنَجوى وفي الأشهادِ |
غُفرانَك اللُّهم أنت نَصيرُنا |
ومُقِيلُنا من عثرةِ الآمادِ |
أتممتَ نعمتَك التي أسديتَها |
بالدِينِ والفُرقانِ والمِيعادِ |
وأمرتَ بالإحسانِ ما بين الوَرى |
والعدلِ والإيثارِ في الأندادِ |
فمضتْ بذلك سيرةُ القومِ الأولى |
ساروا على نَهَجِ (النبيِّ الهادي) |
شادوا صروحَ المُلكِ وهي شوامخٌ |
ومشوا على هَامِ العِدا والعَادي |
دكُّوا المَعاقِلَ والحصونَ ببأسِهِم |
وتهافتوا للموتِ في استشهادِ |
وتنجزوا وعدَ الإِلهِ وآمنوا |
بالبعثِ واستغشَوْا ثيابَ نَفادِ |
ورنوا إلى حُسنِ اللِّقاءِ وكابَدوا |
فيه البَقاءَ على تُقىً وسَدادِ |
فإذا البلادُ جميعُها من كَسبِهِم |
وإذا اللغاتُ غنيمةٌ للضَّادِ |
وإذا اللِّواءُ على العَواصم خافقٌ |
وإذا الجيُوشُ رهيبةَ الأرصادِ |
من كل ميمونِ النقيبةِ واثقٍ |
باللهِ والتوحيدِ والأنجادِ |
لهْفي عليهم حينَ ضاعَ تُراثُهمْ |
ما بين عَيشِ تَفَرُّقٍ وفَسادِ |
لهفي على أيامِهِمْ وذِمامِهِمْ |
مُتآزرينَ على أتمِّ وِدادِ |
كانوا جمالَ الأرضِ فانظرْ بعدَهم |
ماذا جناهُ الخُلفُ في الأحفادِ |
يا معشرَ الإسلامِ دعوةَ مخلصٍ |
ما زالَ يسمعُ صيحةَ الأجدادِ |
حتَّامْ والدُّنيا غُرورٌ زائلٌ |
نَحبوا إليها في جَوىً وسُهادِ |
وإلامَ نغدو للشِّقاقِ فريسةً |
والبغي والآثامِ والأحقادِ |
وعلامَ تسبِقُنا الشعوبُ تنافُساً |
في العِلمِ والتَّجهِيزِ والأجنادِ |
ألأنَّهمْ بَشرٌ ونحن سواهُمُ |
كَلا فنحنُ أحقُّ بالإِعدادِ |
لكنَّهمْ سَلكوا المَناهِجَ دُونَنَا |
فيما يُفيدُ ونحن في الأصفادِ |
ما كان ذلك غيرَ وعظٍ صَارخٍ |
أو أنَّه الذِّكرى فهل من شَادِ |
أما العديدُ فما بِنا من قِلَّةٍ |
نحن الحَصى والرملُ في التِّعدادِ |
لكِنَّمَا هي عِلَّةٌ أسبابُها |
جهلُ الرِّعاعِ وفُرقةُ القُوَّادِ |
المسلمونَ وإن تناءتْ دارُهم |
أعشاءُ جسم واحدِ الأعضادِ |
وهبوا إذا اتبعوا حدودَ كتابِهِم |
وتقرَّبوا للحقِ بعدَ بُعادِ |
وقفوا على نهجِ النبيِّ محمدٍ |
(والراشدينَ) أئمةِ الإسعادِ . |
بلغوا السِّماكَ وعاودوا تاريخَهم |
في عِزةٍ ومَناعةٍ وجِلادِ |
وتذللتْ لهُمُ الصِّعابُ وطأطأتْ |
رغمَ الجموحِ وأسلستْ بِقيَادِ |
فتَدبروا وتَفكروا وتأثروا |
خُطوَ الكُماةِ وشيمةَ الآسادِ |
وقِفوا قليلاً في ظِلالِ مشاعرٍ |
كادتْ تُبادِرُني إلى الإنشادِ |
كادتْ تُبادرني إلى تَذكيرِكُمْ |
بالفتحِ والتاريخِ والأمجادِ |
ولو استطاعتْ لانبرتْ وتكلمتْ |
بسكينةٍ وحفيظةٍ وحِدادِ |
ولأعربتْ بالغيبِ وهي شَجيةٌ |
فيما يُثيرُ شماتةَ الحُسَّادِ |
عرفتْ لنا الإسلامَ دينَ صِيانةٍ |
وتَعَفُّفٍ وتَطَوُّلٍ وجِهادِ |
واستنكرتْ ما قد أهاجَ شُجونَها |
من سوءِ أخلاقٍ وشهوةِ عَادِ |
واسترجعتْ باللهِ فيكم تَرتَجي |
شَممَ الأُباةِ ونخوةَ الأنجادِ |
فاصغوا إليها في بلاغةِ صَمتِهَا |
وتيقَّظوا من غفوةٍ ورُقادِ |
وصلوا إلى الآفاقِ رجعَ حَديثِها |
من كلِّ حاضرِ قريةٍ أو بَادي |
فلرُبَّ مُستمعٍ إليها معرضٌ |
ولرُبَ ذي وعي بها سَيُهادي |
الحجُّ للبلدِ الحرامِ فريضةٌ |
تصبو لها الأرواحُ في الأجسادِ |
تهفو إليه جوانحٌ مكبوتةٌ |
بالذنبِ والحَسَراتِ والإجهادِ |
وتُؤمُّهُ البحرُ يحجِزُهَا ولا أهوالُه |
عنها ولا الدويُّ ذو الأطوادِ |
ترجو النجاةَ لدى إلهٍ واحدٍ |
وتلوذُ منه بقاهرِ الأضَّدادِ |
واللهُ أكرمُ أنْ تَؤوبَ وفودُهُ |
إلا بما مَنحتْ يدُ الجَّوادِ |
يا سيدَ العُرب العظيمَ ومن بِهِ |
زهتِ الحياةُ لأُمتي وبِلادي |
ومُشيِّدَ العرشِ الرَّفيعِ عِمادُهُ |
بالبيضِ مُشرقةً من الأغمادِ |
ومجددَ الآمالِ بعدَ دثُوُرِها |
وموحِّدَ الأهدافِ بعدَ بَدَادِ |
إني أرى الصِّدّيقَ فيك مُمثَلاً |
حسنَ اعتقادٍ وادخارَ عَتادِ |
فانظر تَرَ الإسلامَ حولَكَ قَائِماً |
في بَهجةٍ ومَسَرَّةٍ وتَهادي |
لجَّتْ به شتى اللُّغاتِ كأنَّه |
رعدٌ يُجلجلُ في مُتونِ عِهادِ |
لم ينسَ بعدُ البطشَ قبلَك جاثماً |
في (المأزمينِ) وفي سُفوحِ (جِيادِ) |
فإذا به في ظِلِّ حُكمِكَ آمنٌ |
من كيدِ خُدَّاعٍ وفتْكِ مُعادي |
واسمعْ صدى خلجاتِ كُلِّ مُوحِّدٍ |
بين المَضاربِ أو خِلالَ النَّادي |
صَداحة بالشُّكرِ في "الأضحى" |
الذي هو في زَمانِك شِرعةُ الوُرَّادِ |
سبقتْ إليك به الهَواتفُ قبلما |
تَمشي إليك مواكبُ الأعيادِ |
فاهنأ وعشْ للدِينِ والدُّنيا مَعاً |
بالنَّصرِ والتَّوفيقِ والإِمدادِ |
كالشمسِ في إشراقِها وسُمُوِّها |
والغيثِ في الأغوارِ والأنجادِ |
واسلمْ لشعبِكَ في آرائكِ غبطةٍ |
وجلالِ مجدٍ طارفٍ وتلادِ |
ثم الصلاةُ على الشفيعِ وآلِهِ |
والتابعينَ وصحبِهِ الأجوادِ |