لكِ الجدُّ والإِقبالُ واليُمنُ طالعٌ |
فأَيَّانَ تبدو تستمدُ المَطامعُ |
وللهِ فيما اختارهُ فيك آيةٌ |
بها استيقنتْ قبلَ القلوبِ المَسامعُ |
أفاضَ عليك اللهُ أعظمَ نِعمةٍ |
وآتاكَ فضلاً لم يَزلْ يَتَتَابعُ |
يُضاعِفُه التوفيقُ والشكرُ والتُّقى |
وأنك فيه "للشريعةِ" خَاضِعُ |
فدانَ لك العرشُ الذي أنت رَبُّهُ |
ونيطتْ بك الآمالُ وهي رَصَائِعُ |
وشَتَّتَ شملَ البغي فارتدَّ خَاسِئاً |
ووطدتَ رُكنَ الدينِ والسيفُ وازعُ |
إذا ما انبرى الحُسَّادُ يوماً لمَطعَنٍ |
عليك تَولوْا والأنوفُ جَوادِعُ |
حملتهمُ قهراً لدى كلِّ موقفٍ |
على السَنن المأثورِ والحقُّ نَاصعُ |
تَهمُّ وتستأني وتَمضي بحكمةٍ |
وبرهانُها فيك الوغى والوَقائعُ |
* * * |
ترفعتَ عن عِزِّ المُلوكِ تَذَلُّلاً |
إلى الله فالدنيا لديكَ مَهايِعُ |
فأقبلتَ لا يَدري بك الناسُ ناسكاً |
تُقيَةَ أن يَزهوكَ ما أنتَ قَاذِعُ |
تطوفُ ببيتِ اللهِ أَسوانَ مُطرِقاً |
وخَطُوُك ما بين المَقامَيْنِ وَاسعُ |
تَدَلُّ بك الأملاكُ عُجباُ وتنثني |
إلى الملإِ الأَعلى بما أنت بَاضِعُ |
ألا إِنما هذا الفَخَارُ وإنما |
جميعُ الذي فوقَ الترابِ مَرَاتِعُ |
* * * |
أراكَ وقد يممتَ مكةَ رحمةً |
بها اللهُ يُحبو كلَّ من هو رَاكعُ |
تهلُّ (بعيدِ الفطرِ) بدراً مُتمَمَّاً |
ويَغشاكَ مِنَّا الحبُّ إذ هو رَائِعُ |
تَدَفَّق أرسالاً إليك جَوانِحٌ |
خَوافقُ تهفو قَبلهنَّ الأَضَالِعُ |
لو اسطعنَ جَاوزنَ الحِجاز مَوَاكباً |
من الشرقِ واغتصتْ بهنَ المَرابعُ |
يحاولنَ أن يَبثُثْنَ شكاكَ صَبوةً |
إِليك وبُعداً جُورُه بك لاذعُ |
ويمنَعُهُنَّ البَثُّ مِنك مَهابَةً |
تَشِعُّ جَلالاً دُونَهُ الحُبُّ ضَارعُ |
* * * |
وأعجبُ شيء أنَّ عدلَكَ في الورى |
عميمٌ ولكن في تَلاقيك وادِعُ |
تُخَلِّفُنَا في كُلِّ عامٍ على هَوى |
نُرَجِّي به وَصلاً إذ العامُ رَاجعُ |
فنبقى بما نَلقى من الوجدِ والجوى |
طَوامئُ وِردٍ حيثما الغيثُ هَامِعُ |
وما ذاك من صَدٍ ولا من مَلالةٍ |
ولكنَّهُ البيعُ الذي أنت بَائِعُ |
تُكافحُ أحداثَ الزمانِ وتنتضي |
لها من حُسامِ العَزمِ ما هو قَاطِعُ |
وتقضي الليالي في افتكارٍ وربما |
تجشمتَ ما لم تحتملْهُ الطبائِعُ |
وتَجهَدُ في دينِ الإِلهِ كأنَّما |
خُصِصْتَ به أو أنَّه بك وَالِعُ |
ودونَك أقوامٌ يلجونَ في المُنى |
فمنهم مُخبٌّ في الخيالِ وَواضِعُ |
تُراقبُ وجهَ اللهِ خَوفاً وتبتغي |
رِضاهُ وترجو أنْ تطيبَ المَراجِعُ |
على نيةٍ أصفى من الطّلِ جَوهراً |
مُعوذةٌ مما احتوتْه الشَّرائِعُ |
وتُقبِلُ وضَّاحَ المُحيَّا كأنما |
سَنا الشمسِ مِنْ مَرأى جبينِكَ سَاطِعُ |
فتَغبِطُنا الدنيا ونشعرُ بالهَنا |
ويغمرُنا موجٌ من البِشر دَافِعُ |
وسَرعانَ ما استرعى اهتمامَك مَطمَحٌ |
به أنتَ للمولى المُولِّيكَ طَائِعُ |
تُقيمُ به القِسطاسَ والعدلَ سَاهِراً |
وحزمُك يَقظانٌ وقلبُك خَاشِعُ |
إذا ابتدرتْ أقصى البلادِ دَريئةٌ |
عَجِلتَ إليها والعيونُ هَواجِعُ |
فاذهلتَهَا عما تناجتْ بهمسةٍ |
فكلُّ مُسيءٍ من عِقابِكَ فَازعُ |
وعهدُك شُورى ليس فيه عَضاضةٌ |
عليك وبالحُسنى غَذتْكَ المَراضِعُ |
وحُكمُك بالشرعِ الحَنيفيِّ نَافِذٌ |
ولو أنَّ بهِ الغَيُّ جَازعُ |
تُوافيك بالأنباءِ خَطفةُ وامضٍ |
من البرقِ في أعقابِهِ الرأيُ نَاجِعُ |
وتأمرُ لا تَسويفَ في الأمرِ إنما |
هو الفضلُ أو بطشٌ به الأمرُ صادعُ |
وتستعرضُ الأجنادَ فهي جنادلٌ |
وتَبتَذلُ الأَمدادَ فهي مَقامِعُ |
تحامتْ نواهي اللهِ فاشتدَّ بأسُها |
وشايَعها الإِيمانُ فهي قَوارعُ |
فطافتْ بأجوازِ السَماكين واعتلتْ |
بمِصْداقِ وعدٍ خيرُهُ بك شائعُ |
* * * |
هو الشأو لمْ يُدرِكْهُ إلا مُؤيَّدٌ |
من اللهِ زَانتْهُ التُّقى والصَّنائِعُ |
كذاك يُساسُ المُلكُ أو هُو مِثلُه |
وهيهاتَ أن يُحظى بذلِكَ بَاخِعُ |
فقُلْ للذي يَشنُوكَ لا دَرَّ دَرُّهُ |
رويدَكَ وارْبِعْ إِنَّما أنت ضَالِعُ |
إذا كان عونُ اللهِ للمرءِ عُدةً |
عَدَتْهُ الرَّزايا واتَّقتْهُ الذَّرائِعُ |
وهانَ عليه كلُّ صَعبٍ ولم يزلْ |
لهُ من عِداه كلَّ حينٍ مُشايِعُ |
* * * |
ولولا أبو الأشبالِ أسمى مَكانةً |
من المَدحِ لم تَذكر سواهُ المَصَاقِعُ |
* * * |
إذن حسبُنا فيك الحياةُ مديدةً |
وحسبُك ما أثنتْ عليك الجوامِحُ |
وبُشراكَ ما قدَّمتَ في اللهِ من يَدٍ |
وما احتَقَبتْهُ من جُناكَ الرَّوافِعُ |
تَلقَّى بك الإِسلامِ عِيدينِ واحداً |
قدومُك والثاني به الفِطرُ شافِعُ |
فأَعظِمْ بِه عِيداً بوَجهِكَ مُشرقاً |
تزُفُّ لنا فيه المُنى والطَّلامِحُ |
ويُلتمسُ التبريكَ فيك قبولَه |
هنيئاً وتُزجيهِ إِليك المَجامعُ |
سُروراً وشُكراً وابتهاجاً بطلعةٍ |
عليها من الرِّضوانِ والبِشرِ طَابِعُ |
فأنت أميرُ المؤمنينَ حَقيقةً |
لو أنَّكَ بالألقابِ يَوماً تخادعُ |
فآثرتَ أن تسعى إلى اللهِ حسبةً |
ولو لم يَقُمْ من دُونها لك مَانِعُ |
وإِني وقد حَانتْ ليَ الآن فرصةٌ |
أبثُّك إخلاصاً بما هو جَامِعُ |
ففي الشعبِ روحٌ أنت قادحُ زَندِهِ |
وفيه طموحٌ نَجحُه بك وَاقِعُ |
فصُنْه بدينِ اللهِ وانهجْ به الهُدى |
وجاوزْ بِهِ الأفلاكَ إذ هو نَازعُ |
فقد بلغتْ فيك الجزيرةُ غايةً |
من المَجدِ أعيا سَمتُها من يُضارعُ |
ولكنَّها غَرثى إلى العِلمِ فاحدُها |
إلى المَثَلِ الأعلى وما هُو نَافِعُ |
إلى أنْ تُبارى كُلَّ شعبٍ ثَقافةً |
وتحذِقُ ما دَارتْ عليه (المَصانِعُ) |
إلى أن يَخافَ المُستطيرونَ شَرَّهَا |
ويَفرقُ منها الخَاتلُ المُتواضِعُ |
ففيها إباءٌ واعتصامٌ ونهضةٌ |
ووحدتُها الكُبرى إِليك تُسارعُ |
هنالك والتوحيدُ ملءُ شِغافِنَا |
يُرجِّي لنا المستقبلَ المُتلامِعُ |
وننقضُّ أفواجاً كما بَدأَ الأُلى |
نُعيدُ بحولِ اللهِ ما هُو ضَائِعُ |
وأنت بتوفيقِ المُهيمنِ قادرٌ |
وغيرُك لا يَسطِيعُ ما أنت صَانعُ |
فلا زالَ فيك الشعبُ يَرقى مَعارِجاً |
سموتَ إِليها فاقتدَى وهو تَابِعُ |
وعشتَ كما يَرضى لك اللهُ ظافراً |
وللدينِ كَهفاً ما شَدا بك سَاجِعُ |
وحولَكَ من أشبالِكَ الصِيدِ عُصبةٌ |
بها ولَها سرُّ الأبوةِ ذَائِعُ |
بذلك جاشتْ في هَواكِ سَرائري |
وكلُّ امرئٍ يوماً إلى اللهِ رَاجعُ |
وصلِّ إِلهي ما تَهَلَّلَ عَارِضٌ |
على المُصطفى الهَادي ومَن هُو فارعُ |