يا "عيدُ" هل أنتَ إلاّ الشهرُ والعامُ |
فهل لديك بما أمليتَ إلمامُ |
طلعتَ والشمسُ شمسٌ مِثلُهَا أبداً |
والشَّهرُ كالشّهرِ والأيّامُ أيامُ |
لكنَّما فيك أطيافٌ مرنَّحةٌ |
منها حقائقُ تستهوي وأوهامُ |
كأنَّما هي أسرارٌ أبَحتَ بها |
أو زينةٌ وتَماثيلٌ وأَجرامُ |
أو أنّها حُلَلٌ تزهُو مُزركشةٌ |
أو جَنَّةٌ ورياحينٌ وأكمامُ |
أو أنَّها نِعَمٌ تَترى وأَكسيةٌ |
تُجلى وأُغنيةٌ تُتلى وأحلامُ |
أو أنَّها مُثُلٌ عُليا تشعُّ بها |
كأنّما هي إذ وافيتَ إلهامُ |
تبدو وشيكاً وتَخفى وهي كامنةٌ |
وعَرفُها كشذى الأزهارِ نَمَّامُ |
* * * |
هل أنت روحٌ من الفردوس منطلقٌ |
أم المَلائكُ في بُرْديكَ أجسامُ |
لا ريبَ أنَّك كالدُّنيا وزينتِها |
وليس فيك - وإن أغريتَ إبهامُ |
* * * |
يا عيدُ فيك معاني الخيرِ سابغةٌ |
شكرٌ وحمدٌ وتثويبٌ وإجمامُ |
وأنت لا شكَّ ذخرُ المتَّقينَ غداً |
وأنت للجهلِ أثوابٌ وآثامُ |
كلٌّ يميلُ إلى ما اخترت من حُسنٍ |
وإنّما الدينُ تَوحيدٌ وإِسلامُ |
وفي الحياةِ لخلقِ اللهِ مُضطَّربٌ |
وللموازينِ يومَ القِسطِ أحكامُ |
* * * |
شهرٌ نُقضّي ليالِيَهُ مرهفةً |
لِذي ثراءٍ - وأخرى ما لَها ذَامُ |
ولَّى بأيَّامِهِ غُراً مُحجلةً |
ترفُّ فيها بذكرِ اللهِ أَعلامُ |
يمتازُ عن كُلِّ ما في الدّهرِ من حِقَبٍ |
شتّى ويَغمُرُه بِرٌ وإكرامُ |
تغدو الشياطينُ في الأغلالِ واجمةٌ |
فيه ويُرهِقُها ذُلٌ وإِرغامُ |
ويستقيمُ به من كانَ ذا عِوجٍ |
ويرتجي الأجرَ صوَّامٌ وقوّامُ |
قدْ وثَّقَ اللهُ فيه كُلَّ مدَّخِرٍ |
للباقياتِ وجفتْ قبلُ أقلامُ |
* * * |
فقُل لأكثرنا واللهُ يعلمُنا |
هل مرَّ بالفكرِ إسعافٌ وأيتامُ |
تلك المثوبةُ إن شئتمْ مُضاعفةً |
إذ لم يكن ثمَّ آباءٌ وأعمامُ |
ونسألُ اللهَ أن نَحظى بمغفرةٍ |
منه ويشملُنا عَفوٌ وإِنعامُ |
يا ابنَ الذي صَانَ مجدَ العُربِ صارمُه |
ومَن لَهُ في سَبيلِ اللهِ إِقدامُ |
"عبد العزيزِ" المُفدَّى من له خَضَعتْ |
بقُدرةِ اللهِ أعداءٌ وأَخصامُ |
ليهنِكَ الفِطرُ عيدٌ أنت طالِعُهُ |
وأنت في ثَغرِهِ المُفتَرِّ بسَّامُ |
مهما نراكَ ففي لُقياكَ من كَثَبٍ |
عيدٌ وعادَ عليك الشهرُ والعَامُ |