هنيئاً لك العيدُ الذي أنت ناظِرُهُ |
وفي الله تقواه وفيك بَشائِرُه |
تلألأ وضاحاً كوجهِكَ مُشرقاً |
تُداعِبُهُ شمسُ الضُّحى وتُزاوِرُه |
وترنو إِليه كلُّ عينٍ قريرةٍ |
تمثلُ في أسرارهِ ما تُبادرُه |
ترى بين عِطفيكَ "الأمامةَ" مثلما |
تقمَّصها الفاروقُ طهراً مآزرُه |
وتهفو قلوبٌ نحو عَرشِكَ لم تزلْ |
لها أملٌ يَزهو بيُمنِكَ ناضِرُه |
قد اتجهتْ تبغي إلى اللهِ زُلفةً |
لَدُنْ موقفٍ باللهِ عَجَّتْ مَشاعِرُه |
وتلتمسُ الغُفرانُ من مُتَطَوِّلٍ |
وتَرتَعُ في أمنٍ بك اللهُ ناشِرُه |
وتصبوا إلى مجدٍ قديمٍ تزينتْ |
به صُحفُ التاريخِ واجتيحَ غائِرُه |
إلى ذكرياتِ الفتحِ والعربُ أمةٌ |
سريعةُ مغذي العزمِ فيما تُخاطِرُه |
يقحمها عظم المعاقلِ بأسها |
وتأمنُ بالإخلاص مما تُحاذِرُه |
ويمضي بها أيمانُها وثَباتُها |
على كِسَفِ الطُغيانِ سوداً دياجِرُه |
* * * |
فتلك وقد أضحتْ بِتاجِكَ وحدةً |
تَطلع للتاريخِ تُتلى مَفاخِرُه |
تطلعُ للتاريخِ حَرّى حَريةً |
على دَرِك المَاضي الذي آنَ حَاضِرُه |
تناجِيه من أعماقِها وشِغافِها |
كذى ظمأٍ أوفى على الماءِ حَازرُه |
ويستبقُ الطرفَ اللموحَ طموحُها |
إلى "المَثَلِ الأعلى" الذي أنت سائرُه |
أبتْ وهي أنقاض الصروف شتاتها |
وحنَّت إلى "التوحيدِ" تَسطو بواتِرُه |
أبتْ وهي من آباءِ صِدقٍ توشحتْ |
بهمْ مدنُ "الإسلام" واعتزَّ سامِرُه |
أبتْ وهي تتلو كلَّ حينٍ كِتابَهَا |
فتحفِزُها نحو الحياةِ مناذِرُه |
أبتْ وهي تستوحي تُراثَ جدودِها |
وتصعقُها صيحاتُه وزواجِرُه |
أبتْ وهي آسادُ العرينِ حماسةً |
وأحفادُ شعبٍ سوَّدَتهُ مَرائِرُه |
أبتْ أن ينالَ الضيمُ منها فجاهدتْ |
وصدَّعَ سمعَ الأرضِ صوتٌ تُجاهِرُه |
ولستْ بحولِ اللهِ تخشى هَزيمةً |
وأنت لها الجيشُ المَواضي غَرائِرُه |
لها في حِجى "عبدِ العزيزِ" وحزمِهِ |
ضحّى نترجَّى أن تَعُمَّ مَظاهِرُه |
لما اعتقدتْ بالبعثِ لو هي أغضبتْ |
واغضبتْ على خسفٍ تعزَّ معاذِرُه |
كأنك مهما كل قلبٍ مشيعٍ |
تدفَّقَ أَرسالاً إليك مُخامِرُه |
فمن حيثُ دينِ اللهِ أهبط وحيَهُ |
وحيثُ سبيلِ النصرِ سالت مَعابِرُه |
وحيثُ المصاليتُ المغاويرُ غلغلوا |
إلى المجدِ حتى أسلمتْهُ قَياصِرُه |
رفعتَ لواءً كان لولاك مُثْلَةً |
أقرَّ له بالفخرِ من هو نَاكِرُه |
تحلَّتْ به "أمُّ العواصِمِ" واهتدى |
على ضوئِه السَّاري ونهنه حائِرُه |
فيا رجلَ الدنيا وواحدَ أهلِها |
ومن هو للدينِ المُنزَّلِ ناصِرُه |
إِليك أفاضَ الحجُّ يُزجي ثناءَهُ |
عليك وتقوى بالوفودِ أواصِرُه |
وقد راقَهم ما أنت تَدأبُ دُونَه |
سريعاً وتستأني له وتُحاوِرُه |
تخِذتَ لهم من ذاتِ نفسِكَ داعياً |
إلى اللهِ حتى استَبْيَنَ الرشدَ هاجِرُه |
فأنت ظهيرُ المسلمينَ بمَوسمٍ |
تَقَرُّبهم يومَ التنادِ ذخائِرُه |
توافوا إِلى بابٍ مَهيبٍ حِجابُه |
بك ائتلقتْ أبياتُه ومَقاصِرُه |
إِلى خاشعٍ سمحٍ رضيٍّ مُحبَّبٍ |
إلى ملكٍ صلَّتْ عليه منابِرُه |
أضاءتْ به الأحسابُ ليلاً كأنها |
شموسٌ وحتى نظم الجزعَ شاذِرُه |
وقامت حَفافيهِ الجنودُ كثيفةً |
تُسابق في تنفيذِ ما هو آمِرُه |
وحلَّق في آفاقِهِ العِزُّ والتُّقى |
وطنَّبَ في أفيائِه من يؤازِرُه |
تراءى به نَسجُ الحديد وشائجاً |
وغصَّت بأنباءِ النِّضالِ مَواتِرُه |
كما اسطخب الأذى بالموجِ رهبةً |
لو اصطدمتْ بالبحرِ قرَّتْ زماجِرُه |
تهلَّلَ ما بين السماطين دِيُّهُ |
وسحَّتْ أياديهِ وفاضتْ مَواطِرُه |
له خُلُقٌ مُستمرَىء من يقِنِهِ |
يكادُ من الإِيمانِ وفاضتْ مَواطِرُه |
تَجاوُبُ أصداءُ القرونِ بصدرِهِ |
وللهِ أبقى للذي هو ذَاخِرُه |
مليكٌ حكاهُ المُزنُ بشرى ونقمةً |
عزيزٌ على كرِّ الدُّهورِ نَظائِرُه |
ولا غَرو فهو التالدُ الطَّارفُ الذي |
غَذَتْهُ نَميرَ المجدِ طفلاً حَرائِرُه |
تجشَّمَ ما لم يحتملْهُ ملك |
وشبَّ وشابتْ في الكِفاحِ غَدائِرُه |
وأصبح موفُورَ الجلالِ مُعَظَّماً |
تُرجَّى جوازِيُهِ وتُخشى بوادِرُه |
إذا ارتجلتْ فصلَ الخطابِ شباتُه |
حسبْ ارتجاس الرعدِ ما هو ناثِرُه |
بُهتَّ إذن لو كنتَ شاهدَ عَبرةٍ |
تُحدِّرها خوفَ الإِله مَحاحِرُه |
حمته عن الأدناس والرِّجسِ والخَنَا |
خلائقُ تقواه وطابتْ عناصِرُه |
له فطرةٌ ضَنَّ الزَّمانُ بمثلِها |
فجاءتْ كإعجازٍ به جلَّ فاطِرُه |
يباهي بها في اللهِ دونَ تكَبُّرٍ |
ويُصلي بها ذاتَ الوقودِ مُكابِرُه |
فللهِ عيناً من رآه فشاقَهُ |
وراحَ سليباً تستبيهِ مَعاشِرُه |
تشعُ به آفاقُنا وقلوبُنا |
سُروراً ويغدو بالسعادةِ طَائِرُه |
يُصافِحُهُ الغربُ المُدِلُّ مُقدراً |
وتَغبِطُه أحزابُهُ وأَباطِرُه |
ويرقُبُ فيه (الشرقُ) مَطلعَ شمسِهِ |
إذا اتحدتْ أشياعُه ومَصايرُه |
وما الشمسُ هذا الضوءُ إلا تواضعٌ |
ولكنَّه العِزُّ المُخلَّدُ قاهِرُه |
بعيدَ مناطِ الهمِ تندقُّ دونَه |
رِقابُ أعادِيهِ وتَقسو جَرائِرُه |
وقورٌ حليمٌ فاتِكٌ متعبِّدٌ |
مَوارِدُه مَحمودةٌ ومصادِرُه |
ونزدادُ إيماناً وحُباً وطاعةً |
إذا ابتَعثَتْهُ للحديثِ خَواطِرُه |
تألَّى يميناً في الجزيرة برهُ |
فوفَّى بها والبر أوشكَ سَائِرُه |
لتغدو على رغمِ العوائقِ وحدةٌ |
بحولِ الذي أصفاهُ ما هو قَادِرُه |
ولن يُخلفَ اللهُ المُهيمِنُ وعدَهُ |
لمستَخلفٍ نارت لديهِ بَصائِرُه |
ومهما أَطَلتُ الوصفَ فيه فإنني |
على العجزِ مضطرٌ وإن هو غَافِرُه |
فهل من عذيرٍ حين يَرتجُ مِقوَلِي |
قصوراً ولمَّا يبلغِ الشوطَ شاكِرُه |
أجل إنّ مُلكاً ذِلكُمْ بعضُ شأنِهِ |
لأجدرُ أن لا يلح بالعجزِ شاعِرُه
(2)
|
فلا زالَ للإِسلامِ سعدُ سعودِهِ |
وتسمو بذا أرجاؤه وعَشائِرُه |
وأضفى عليه اللهُ سابغَ نصرِهِ |
ومكَّنَهُ فيما تُكِنُّ سَرائِرُه |
وأبقاهُ ذخراً للعُروبةِ كافلاً |
وأبناءَه ما طافَ بالبيتِ زائِرُه |
وتغشى صلاةُ اللهِ خِيرةَ رُسلِهِ |
وعِترتِهِ ما وحَّد الله ذاكِرُه |