| دَعاني (من ذكرى
(2)
حبيبٍ ومَنزلِ) |
| وهاتا اسمعاني في "الكِتابِ المُنَزَّلِ" |
| وعُوجاً على (الآياتِ) من كُلِّ مُعجزٍ |
| ففيها جَلاءُ الحقِّ في كُلِّ مُعضِلِ |
| ألمَّا بها واستجلياهَا بعبرةٍ |
| فإنَّ بها نورُ (الهِدايةِ) ينجلي |
| فمن رَامَ (دارَ الخُلدِ) لم يَلقَ غيرَها |
| إليه سَبيلاً مُحكماً غيرَ مغولِ |
| وكرزُ (حديثِ) المُصطفى ورشادِهِ |
| فذلك أولى من خِطابٍ مرسلِ |
| وزدني به شوقاً وحُباً وبهجةً |
| فما هو إلاَّ كالرَّحيقِ المُسلسلِ |
| وخلِّ أخلاء الغُوايةِ والهوى |
| يُجيلونَ أقداحَ الهَوان المنكلِ |
| ولُذْ بالذي ضَحى سويداءَ قلبِهِ |
| لتأييدِ دينِ اللهِ مولى التَفضُّلِ |
| (بملكٍ) إذا وفقتَ حققتَ أنَّه |
| منارةُ شرعٍ في زمان تَحلُّلِ |
| مُبددُ أحلاكِ الضلالةِ (بالهدى) |
| وحامي حمى (الإِسلامِ) في كلِّ مَجهلِ |
| يبيتُ على سُهدٍ لنُصرةِ دينِهِ |
| إذا آثرَ اللاهونَ نومَ التَغزُّلِ |
| ويرنو إِلى مجدِ (الحنيفةِ) طامحاً |
| فيسعى إِليه مَنهلاً بعدَ مَنهلِ |
| تُصارعُهُ الأَهواءُ وهو يذودُها |
| (كجُلمودِ صخرٍ حطَّهُ السيلُ من عَلِ)
(3)
|
| فكم بدعةٍ كنَّتْ بلاءً ومحنةً |
| أحاطَ بها من جَانبيها بِمِعَولِ |
| وكم حيلةٍ خرساءَ كانت مَثابةً |
| على الجهلِ توتى من وراءِ التوسلِ |
| وكم ظللٍ قد كان مَصدرَ فتنةٍ |
| يطوفُ عليه كلُّ غِرٍ مُخبَّلٍ |
| يَظنُّ به ما ليس يملكُ أمرَه |
| (وهل عندَ رسمٍ دارسٍ من مُعولِ) |
| فقامَ إلى (التوحيدِ) يدعو لربِّهِ |
| إذا الناسُ حَيرى في فيافي التذلُّلِ |
| فأيّدَه الرَّحمنُ فامتدَ ظِلُّه |
| وأصبحَ بالتوفيقِ أعظمَ مُعتلي |
| يُبشِّرُ باسمِ اللهِ في كُلِّ (مَوسِمٍ) |
| ويَرقُبهُ بالغيبِ في كُلِّ من يلي |
| ويُزجي الجيوشَ الزاخراتِ كأنَّها |
| غمامٌ تمطى في جنوبٍ وشَمألِ |
| يُريدُ فتمضي طائعاتٌ لأمرِهِ |
| وتفتحُ بالتهليلِ أمنعَ مِعقَلِ |
| فليس بِراجٍ غيرَ مَرضاةِ ربِّهِ |
| ولو جشَّمتْه كلَّ صَعبٍ ومُشكِلِ |
| ويعملُ في ذاتِ الإِله وإنَّه |
| ليبلغَ بالإِخلاصِ أنجحَ مأملِ |
| فليتَ الذين استمرأوا طعمَ بغيهمْ |
| يرونَ بعين الرُّشدِ عُقبى التَّوكُلِ |
| * * * |
| أتدرون من هذا الذي هو مُخبتٌ |
| ومن هو في الإسلامِ أكبرُ مُبذِلِ |
| هو الناصحُ المأمونُ والعاهلُ |
| الذي تخوَّفَهُ العَادونَ من كُلِّ مُبطلِ |
| هوَ البطلُ المقدامُ لم يَخشْ قوةً |
| تُناصِبُهُ في الحقِّ رغمَ التهولِ |
| هو التاركُ الآسادَ في أَجماتِها |
| تُخافتْ بعضاً خِيفةَ المُتوجِّلِ |
| أقامَ عمودَ الدينِ بعد انصداعِهِ |
| ومكَّنَهُ بالسيفِ بعدَ التقلقُلِ |
| * * * |
| فمن كان مِن قبلِ (السُّعودِ) وبأسهِ |
| يطيقُ بلوغَ (الحجِ) دون تَزلزُلِ |
| ومَنْ كان يسطيعُ (المناسِكَ) آمناً |
| على نفسِهِ ما بين جَمعٍ (وجَرولِ) |
| ومَنْ كان في الرُّؤيا يُصَدِّقُ أنَّهُ |
| يَروحُ ويغدو في أمانٍ مُخوّلِ |
| ومَنْ كان يَمضي في الجزيرة وحدَهُ |
| بأزوادِ تِبرٍ في سَلامٍ مُمَثَّلِ |
| ومَنْ كان يأتي (للحجازِ) وقلبُهُ |
| يُرجّي نجاةً من حِمامٍ مُعجَّلِ |
| ومَنْ كان لا تُغري الثيابُ بحتفِهِ |
| ولو هي ساوتْ نصفَ حبَّةِ خَردلِ |
| ومَنْ هو هذا الزاعمُ اليومَ أنَّه |
| يقاسي الذي قد كان زعم المضللِ |
| ومَنْ يبغني ألاَّ أقولَ الذي أرى |
| فكلُّ لسانٍ غير عضبي مقولِ |
| ومَنْ ذا الذي لا يشكرُ اللهَ نعمةً |
| تحدَّثَ عنها كلُّ شَاكٍّ وأعزلِ |
| فهل أنا إلا مؤمنٌ لحقيقةٍ |
| هي الشمسُ لا تَخفى على مُتأملِ |
| وهل يجحدُ الفضلَ الذي هو ظاهرٌ |
| سوى أكمهٍ عن مَنهجِ الحقِّ معدلِ |
| * * * |
| لقد حوَّلَ اللهُ المَصائِبَ مِنَّةً |
| عوَّضَ عنها بالحِباءِ المُكمَّلِ |
| فأبد لنا أمناً وعدلاً فمرحباً |
| بكلِ مجيبٍ (للفريضةِ) مُقبلِ |
| * * * |
| أمولاي إنّ المسلمينَ جميعَهم |
| ليدعون أن تبقى لهم خيرَ مَوئلِ |
| بآبائِنا أنت المُفدَّى وقومِنا |
| لعدلِك والتقوى وكلِّ مُظللِ |
| فلا زلتَ مَشكوراً عزيزاً موفقاً |
| لك النَّصرُ معقودٌ بتاجٍ مكللِ |
| ولا برِحتْ أعلامُك الخضرُ في الورى |
| مُظفرةً في كُلِّ بعثٍ وجَحفلِ |
| تُسالمُك الدنيا وتدنو لك المُنى |
| ويسمو لك الإِسلامُ في كُلِّ مأهلِ |
| ويرعاكَ ربُّ العرشِ بالحِفظِ إنَّه |
| ليشكر سَعي النَّاصحِ المُتبتلِ |
| وخوَّلَكَ اللهُ القَبُولَ مع الرِّضا |
| وقُرة عينٍ (بالسُّعودِ) و(فيصلِ) |
| وصانَ لك الأبناءَ طُراً فإِنهم |
| كواكبُ هذا المَشرقِ المُتهلَلِ |
| وجازاك عنا بالذي هو أَهلُه |
| من الخيرِ إذ أصبحتَ أجزلَ مُفضلِ |
| وهناك بالعيدِ السعيدِ على المَدى |
| فأنت بهِ (عيدٌ) لكُلِّ مُهللِ |
| وكافأكَ الحُسنى وزَادك غِبطةً |
| وباركَ فيما نلتَهُ من تَطولِ |
| وأبقاكَ حِصناً (للعُروبةِ) شَامخاً |
| تذودُ عِداها بالحُسام المُنهلِ |
| وتبني لها من طَودِ عزمِكَ (وحدةً) |
| تُعيدُ بها (التاريخَ) عذبَ المُقبلِ |
| نثلتُ فؤادي عن صميمِ عقِيدتي |
| وتلك لعمري طاقةُ المُتخيِّلِ |
| أريدُ بها وجْهَ الكَريم لعلني |
| أُثابُ ولو لم آتِكُمْ بمفصَّلِ |
| وأختمُ قولي بالصَّلاةِ مُسلماً |
| على (الصَّادقِ) المَصدوقِ أكرمِ مُرسلِ |
| وأُتبِعُهُ بالآلِ والصَّحبِ ما دَعا |
| إِلى اللهِ داعٍ أو هَمى كلُّ مُسبلِ |