بك العيدُ "عيد الفِطرِ" تشدو بلابِلُه |
وفيك تَهانيهِ؛ ومنكَ مَخائِلُهُ |
أطلَّ؛ كأنَّ الطَّلَّ فيه مُرقرقٌ |
غداةَ اسبطرَّتْ في المروجِ خَمائِلهْ |
وأقبلَ ريّان النعيم كأنَّهُ |
بَنانك تَهمي كالمُزونِ أنامِلُهْ |
يكادُ سناً يحكي ابتسامَكَ ضاحِكاً |
وتَنطِقُ بالحمدِ الجزيلِ - غَلائِلُهْ |
مشتْ فيه بالتبرِيكِ حَولَكَ أمةٌ |
كما انطَلقتْ من كُلِّ أُفقٍ رواحِلُهْ |
تزفُّ إليك اليومَ شُكراً مُعطَّراً |
براهينُهُ –مشهودةٌ- وَدَلائِلُهْ |
مواكبُ شتى؛ كالسَّحابِ يقودُها |
من الحبِّ شجوٌ في يديكَ حبائِلُهْ |
تراكَ فتستهدي ضِيَاكَ كأنَّها |
وإيَّاكَ؛ سَفْرٌ شارفَته مَناهِلُهْ |
ففي كُلِّ قلبٍ من ثنائِك خَلجةٌ |
يُساجِلُها فيك الهَوى وتُساجِلُهْ |
مُوكّلةٌ بالحبِّ تهتفُ كُلَّمَا |
أَلحَّتْ بها أسبَابُهُ ودخَائِلُهْ |
نَهانى النُّهى عن أن أُغالي بِنعتِهِ |
وفيك لَعَمْرُ اللهِ تُتلى رسائِلُهْ |
أنافَ على قَدرِ البيانِ مُخيلة |
وجازتْ حدودَ الوصفِ فيك مَراحِلُهْ |
وأحسبُني غرا ًإذا أنا لم أقفْ |
من البُهرِ مَخفوضَ الجنَاحِ أُماهِلُهْ |
نمتك إلى "عبد العزيزِ" خلائقٌ |
مَنابِرُه -تَزهو بها- ومَحامِلُهْ |
تُنازعُني ما استحقبَ الشعرُ كلُّهُ |
وتَسمو على أوزانِهِ وتُجادِلُهْ |
وتبلغُ بي أشعاعُها كُلَّ كوكبٍ |
بعيدٍ مناطِ الطرَّفِ تَذكو مَشَاعِلُهْ |
فما "فيصلٌ" إلاّ ضُحى الشَّمسِ مُشرقاً |
ولا "حِلمُهُ " إلا الخِضمُ و" نائِلُه " |
غدا مَثلاً في المجد يُضربُ والهُدى |
وآيتُهُ أخلاقُهُ وشمائِلُهْ |
إذا شئتَ لاقيتَ الحِجى في بُرودِهِ |
طويلَ نجادِ السيفِ خُضرٌ حمَائِلُهْ |
يَروعُكَ صمتاً في الندى ومنطقاً |
وفي الصمتِ حكمٌ - قلَّ من هو فَاعِلُهْ |
فيا ابنَ الذي أغرى بنا اللهُ عَدله |
وتمَّتْ به النُّعمى؛ وأَغدقَ وابلُهْ |
ومن زيَّن "التاجَ" المَكَلَّلَ "فرقُهُ" |
وضاءَ به من رَونقِ المُلكِ آفِلُهْ |
ومن جعلَ الإِحسان - جِسراً لبابِهِ |
فأَحظى الذي يُحظيهِ؛ من هو سَائِلُهْ |
ومن أنقذَ الإِسلامَ من كُلَّ عابِثٍ |
فَشُدَّت أَواخيهِ وشيدتْ معاقِلُهْ |
ومن خَافَهُ في اللهِ من هو مُجرمٌ |
وأَكبَرهُ في الحزمِ من لا يُطاوِلُهْ |
ومَنْ صَانَ فيه اللهُ دينَ (مُحمدٍ) |
وقد كاد - لولاهُ - تَميدُ هياكِلُهْ |
ومَنْ حَمَلَ الأعباءَ وهي ثقيلةً |
ينوءُ بها ذَرعُ الزَّمانِ وكاهِلُهْ |
ومن نحنُ في طولِ البلادِ وعَرضِهَا |
نسيرُ ونهفو نحو ما هو طَائِلُهْ |
ومن لو أَردْنَا أن نوفِّيهِ شُكرَهُ |
عَيينَا؛ ولو قُمنا جميعاً نُحاوِلُهْ |
ومَن كُلُّ دَارٍ في "الحجازِ" وأسرةٍ |
تَروحُ وتغدُو في رُبَاها فواصِلُهْ |
إليكَ نَزفُّ الحمدَ للَّهِ خالصاً . |
وتطمعُ في العفوِ الذي هو سَادِلُهْ |
لقدْ غَبرتْ فِينا القُرونُ - وما رَأَتْ |
كعصرِ أبيكَ العُربُ أو ما يُماثِلُهْ |
أناخَ عليها الدَّهرُ حيناً وأطبقتْ |
عليها بأوزارِ الشِّقاقِ كلاكِلُهْ |
فكانت "تَفاريقَ العَصَا" في شَتَاتِها |
تُضِلُّ بها في كُلِّ تيه مَجامِلُهْ |
ويسطو عليها كُلُّ باغٍ وكايدٍ |
وكلُّ غَويٍ يُوغرُ الحقَّ باطلُهْ |
فما انفكَّ حتى كانَ أولَ صَارِخٍ |
تنادتْ على اسمِ اللهِ فيها بلابلُهْ |
دَعاها فلبَّاْ؛ واستجابتْ؛ وأقبلتْ |
كما انحدرتْ من كُلِّ طَوْدٍ جَنادِلُهْ |
وَأَرخى على الماضي سُتُوراً كثيفةً |
بها احتجبتْ أغلالهُ وسَلاسِلُهْ |
وعاذتْ بربِ الناس من كُلِّ خَادعٍ |
ومن كُلِّ مَخدوعٍ تئيم حَلائِلُهْ |
وما برحتْ إلا قليلاً فأدركت |
ذوابلُه - أهدافِيا - وبواسِلُهْ |
لِتُنجزَ وعدَ الله في نصرِ دِينهِ |
ويرد بالخِزي خَاذلهْ |
وها هِي ذي رَغمَ النَّوائِبِ دولةٌ |
مُحسدةٌ تُنْضَى عليها "فياصِلُهْ" |
تقوم على "الشَّرعِ الحنيفِ" صُروحُها |
وتمضي بها أحكامُهُ - وجلائِلُهْ |
ويغمرُها "التوحيدُ" عالٍ منارُهُ |
عشائرهُ تُهدى بِهِ وقبائِلُهْ |
وتَمتدُّ عَبر البَحرِ من حيثُ أَشرقتْ |
إلى الغربِ، حتى يصدَع الموجُ صائِلُهْ |
فهل ذاك طيفٌ، أم أمانِيُّ حَالمٍ |
بلى إنَّهُ - توفِيقَهُ - وفضائلُهْ |
فكيف بِنا لا نُتبِعُ السِرَّ جهرنا |
بإعلانِ ما أسدى وما هو بَاذِلُهْ |
وكيف بنا والغَمْطُ منهُ، وكُلُّنا |
بنوهُ - ومن خَلفِ السُّتورِ عَوائِلُهْ |
هو النِّعمةُ الكُبرى؛ هو الغيثُ شاملاً |
إذا هو فاضتْ وارجحنَّتْ هَواطِلُهْ |
سخاءٌ ولا منٌ؛ وعدلُ ولا هَوىً |
ومجدٌ بِهِ ازدادتْ فَخَاراً "وائِلُهْ" |
إِمامُ هُدىً؛ يَجزي على الشرِّ مثلَهُ |
إذا ما تَجنَّى في "الرَّعيةِ" عامِلُهْ |
أقامَ حُدودَ اللهِ في كُلِّ حادثٍ |
سواءٌ لَديهِ هُوجُهُ وأماثِلُهْ |
ثمالى اليَتَامى البَائِسينَ - وكهفُهِمْ |
وعصمةُ من لم تفتقِدْهُ "أَرامِلُهْ" |
ولو أنَّ للأَسحارِ؛ أو غَلَسِ الدُّجى |
لِساناً؛ لأَغناني الذي هو قاَئِلُهْ |
فما شَهدَت بِيضُ اللَّيالي وسُودُها |
كَمِثلِ "أبي المنصورِ" جماً نوافِلُهْ |
ولا الْتَمَستْ إلا لَديْهِ - سَمِيرَها |
نُجُومُ الثُّريا - حَيثُ تَسمُو وَسَائلهْ |
هو الملكُ الأوَّابُ؛ والطائعُ الذي |
تُرجَّى أيادِيهِ؛ وتُخْشَى صَوائِلُهْ |
يَلجُّ بِهِ في عُتمةِ الفجرِ - دَمعُهُ |
وتبعثُه نحو "المُصلَّى" مَفَاصِلُهْ |
"فلا هو في الدُّنيا مضيعٌ نَصيبُهُ |
ولا عَرَضُ الدُّنيا - عن الدينِ شَاغِلُهْ" |
بذلك شادَ "العرشَ" لا عَنْجهيَّةً |
يكبُّ عليها أغلفُ القلبِ غافِلُهْ |
بِهِ بلغتْ "نجدُ العُلى" منزلَ السُّهى |
وتبلغُ - ما تبنيهِ بعدُ "سَلائلهْ" |
وكمْ من عُتُلِ فطَّر الحقدُ قَلبَهُ |
أحاطتْ بهِ آسادهُ وَصواهِلُهْ |
وكم موقفٍ سَمُّ الخياطِ حَيالَهُ |
فسيحٌ - ولكن فرّجته عواهلهْ |
"أناةٌ؛ فإن لم تغنِ عقَّبَ بعدَها |
وَعيداً؛ فإن لم يَغنِ أغنتْ جَحافِلُهْ" |
وقد زادَ من عطفِ "المليك" وبرِه |
وإحسانه هولٌ تَجدُّ مهازِلهْ |
تميدُ به الأرضونَ في كُلِّ جانبٍ |
وتحصِدُها جِنَّاتهُ ومناجلُهُ |
تعادتْ بها حربُ الفَناءِ ودَمَّرتْ |
زخارفَها؛ واستقبلَ البطشَ حامِلُهْ |
وجنَّ جنونُ المُترفينَ - فشمروا |
عَلَى بعضِهمْ والباذر البَغي آكِلُهْ |
فيا سوأةً للعلمِ - يَضرى باهلِهِ |
ويا بؤسَ للجهلِ الذي هم غَوائِلُهْ |
عَلى أنه الرَّحمنُ - جلَّ جلالهُ |
وأقْدارهُ تحرى على من يُناضِلُهْ |
وللقاهِرِ الجبَّارِ فيهم مَشيئةٌ |
تُحققُها وَيلاتُه - وَزَلازِلُهْ |
* * * |
ونحن لنا فيهم عِظاتٌ وعِبرةٌ |
وذِكرى بها يَستلهمُ الرُّشدَ ذاهلُهْ |
فأحرى بنا أن نَقتَفي نَهجْ من مَضوْا |
على السننِ المأمونِ فيما نُزاوِلُهْ |
فذلك أدنى أن نُوقَّى نكالَهُ |
وخيرُ الهُدى ما كانَ في اللهِ عاجِلُهْ |
فيا مشرقاً كالبدرِ؛ أو هو عكسُهُ |
إذا صحَّ للتشبيهِ فيكَ مُقابِلُهْ |
ليهنِكَ عيدٌ من ضُحاكَ سفورُهُ |
وفيكَ تَصابيهِ؛ وعنك تساؤلُهْ |
وعشتَ و"عبدُ اللهِ" في كَنَفِ التُّقى |
و"إخوتُه" العمر الذي لكَ آمِلُهْ |
وعاشَ "ولِيُّ العَهدِ" قُرةَ أعينٍ |
تزفُّ له من كُلِّ مجدٍ عقائِلُهْ |
وعاشَ لدينَ اللهِ - مطلعُ هديهِ |
"أبوكَ المُفدَّى" سيدُ الشعبِ "عاهِلُهْ" |
وعاشَ بنوهُ الصِّيدُ فينا كواكباً |
تُنيرُ الدُّجى؛ ما طافَ بالبيتِ آهِلُهْ |