شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بكائية سراييفو..
بُعداً عني يا ضائعةَ الحلم
وبائعةَ الأوهام
الطفل المسترخي من حولي
لا يعرف كيف ينام
هذا يُزهق نفْساً
هذا يهتك عرضاً
هذا يسرق أرضاً
هذا يردم قبراً
هذا ينبش لحداً
هذا يلطم خداً
هذا يعزف شعراً!!
هذا ينزف نثراً!!
هذا يندب عمراً
هذا يبكي في ظل ركام
القاعد لا يعرف كيف يقوم
الجائع لا يعرف كيف يصوم
الواقف يبحث عن ظل يحميه من ضربة الشمس
والراكض يلهث بين سراديب اليأس
* * *
يا ضائعة الحلْم ابتعدي
يا بائعة الوهم دعيني أبحث.. أين يدي.؟!
أَلمسها..
لكن لا أعرف كيف أحرَّكها
تنهزني منها "السبابة"
أبحث عن صوتي التائه وسط فمي
لا أَلقى صوتي
لا أُلقى سوطي
أشبه عود مهزوم محزوم في كتلة غابة
أطلب دفئاً. تحرقني النار
أرغب ظلاً . يلسعنى قيظ نهار
أبحث للطفل المسترخي الباكي من حولي
عن جرعة ماءْ..
عن بعض حساء..
عن أي كساء..
لهب "الصَّربيُّ" الحاقد يلسعني
لا..!
غضب "الغربيُّ" الراعد يُرهبني..
لا..!
لا. لا. هذا صوت الرَّد
لا. لا هذا موج المد العاتي الآتي
من أعماق الجد
* * *
يا ضائعة الحلم.. وبائعة الأوهام
ماذا يجدي أن ننظم مليون قصيدة؟!
أن نزرع دنيانا شكوى.. وصراخاً
في عالم "حب"!! ليس له تنهيدة..؟!
ماذا يُجدي والجرح الغائر..
والجرح النازف في "سراييفو"
يسطر بالدمَّ..وبالهمَّ.. وباليتم.. وبالعُقم..
حكايات شهيد.. أو شهيدة..؟!
ماذا يُجدي أن نلعن كلَّ العالم..؟!
فالعالم مسكونٌ منذ زمان باللعنة..
أن تصرخَ في سمع مسدود.. مشدود
منذ عرفناه بأثقال النقمة..
يطربه فينا أن يلسعنا السوط
يسعده منا أن نصرخ
أن نستجدي حتى يُبَحُّ لنا صوتْ
حتى الموت..
* * *
يا ضائعة الحلم.. وبائعة الأوهام
مُدَّي كفناً للطفل..
شدّي نعشاً للكهل..
شقي قبراً للأهل..
نحن نعيش بغابِ لئام
لن توقظنا من حشرجة الموتى
إلا عاصفة تُولد في الأعماق
تَضْرِبُ في الأعماق..
لا يكفيها في الكفّ الواحد "سبابة"
لا يثينها في السير عواء ذئاب الغابة
تقتلع الشجرَ المسكونَ بكل أفاعي الشر
لكن.. ما أقسى لكن..!!
مازال الطفل المسترخي من حولي
لا يعرف كيف ينام
هذا يُزهقُ نفساً
هذا يهتكُ عرضاً
هذا يسرقُ أرضاً
هذا يردمُ قبراً
هذا ينبشُ لحداً
هذا يلطمُ خداً
هذا يعزفُ شعراً!!
هذا ينزفُ نثراً!!
هذا يندبُ عمراً
هذا يبكي في ظل ركام
وأنا كالطفل المسترخي من حولي
لا أعرف كيف أنام
قد أغمضُ عينيَّ.. فتطردني الأحلام
إني أبحث عن هاجس حلم
قد يأتيني في "الغد"
من يدري..
فالظلم له "جزرٌ" "مَدُّ"
وله "حَدٌّ". قد يَرْتَدّ
* * *
من يدري يا ضائعة الحلم
وصانعة الأوهام
قد يُولد فجرٌ
فجر ليس بكاذب
قد يولد عمرٌ.. حرٌ..غاضبٌ..
قد يأتي..
يُولد من رَحم الطفل في "سراييفـو"
من صلب الطفل المسترخي الباحث عن نوم
من كل شباب "البوسنة" و "الهرسك"
من كل تراب "البوسنة" و "الهرسك"
من كل مكان تثقله أحزان اليوم..
قد يأتي..
وتُغنِّي معه الطفلة والطفل المسترخي ذات صباح
أغنية الصحوة..
أغنية القوة.. من وقع جراح
لكن..! بشعار لم تألفه الأسماع
بهتاف آخر..
ليس به أوجاع.. وصداع.. وضياع..
من يدري قد يهتف طفلُ اليوم..
وإنسانُ الغدْ
"الحلمَ صَنَعْنَا"
"الوهمَ صَرَعْنا"
ما أروعَ أن نصنع حلماً..
ما أبدعَ أن نصرع وَهْماً في عصر نيام
ما أصوبَ أن نُلغي من قاموس الغابة
كلَّ "الظلم" وكلَّ "الإظلام"
أن نرسم سطراً فوق جبين الأرض المحروقة
حرفاً.. حرفاً..
من أجل الجيل الآتي:
"خَصَّبْنَا الأرضَ دماً كي ينتصر السَّلمُ..
وينتصر الإسلام"
* * *
يا ضائعة الحلم..وصانعة الأوهام
لم تَخْلُدْ أبداً قوَّةً..
فالتاريخ يحدثنا..
أن رياح الشر وإن ثارت في وجه الأوطان
في حق الإنسان
تحتدُّ.. فترتدُّ.. ويهزمها الإيمان
لكن..! وأكررها لكن..!
ما زلنا نبحث عن إيمان!
ما زلنا نبحث للطفل..وللكهل..
على أرض البلقان..
ما زلنا نبحث عن "سَرْج" و"سراج" و"حصان"
ما زلنا نبحث عن "فرسان"
عن جرس يوقظ فينا النعسان
عن مطرقة تسحق أطراف الضعف
عن مشنقة تكتم أنفاس الخوف
عن حلم..
بل عن علم يوصد نافذة الوهم
من يدري.. يا قارئة الفنجان..
أن الكأس الذي نترعه مُرّاّ.. مُرّاّ
فاتحة العنوان..
أبداً لن يهزمنا اليوم الباكي
حين نضيء له مصباحَ الحب
نحن الأمس.. ونحن اليوم..ونحن الغد..
فلتمتد له أيدينا في وجد
في عشق الواله..
في جِدَّ الجدّْ..
والويل لنا كل الويل..
حين نُدير لعادينا الخدّْ
حين نمد على الذلة يَدّْ
سوف يحاكمنا المستقبل في محكمة التاريخ
لا بُدَّ لنا من رد..
إن لم نملك صكَّ براءهْ
فالحكم علينا إعدام..
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :487  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 11 من 30
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.