شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كلمة حق للحق نفسه
لم يكن دفاع "الغربال" عن الحق والقيم الاجتماعية قاصراً على المناقشات والحوارات التي تجري في الساحة المحلية، وإنما تجاوز ذلك إلى الرد على ما يتداوله الغير - من خارج البلاد - عن العادات الاجتماعية في الحجاز.
وأثناء مطالعاته في الصحف والمجلات الخارجية. قرأ مقالاً تحت عنوان (طرائف عن الحجاز) نشرته إحدى المجلات المصرية، حاول كاتبه أن يعكس صورة مشوهة عن عادات وتقاليد أهل الحجاز، فانبرى الغربال يدافع عن مجتمعه، فكتب مقالاً في 237 وتاريخ 8/10/1355هـ من جريدة (صوت الحجاز) هذا نصه:
(نشرت مجلة ( كل شيء والدنيا) بعددها 575 مقالاً تحت عنوان "طرائف عن الحجاز" .. الحلاق يحلق نصف ذقنك ثم يساومك على الأجر. استهل الكاتب قوله أن حكومة الحجاز تتمسك بالبقاء على اللحى، وأنها أصدرت قانوناً فرض على الحلاقين إبلاغ السلطة أمر كل شخص يطلب من الحلاق جز لحيته لمعاقبته بغرامة مالية. واسترسل الكاتب في الخيال حتى قال: (ولا يساوم الحلاق زبونه في أجر الحلاقة إلا بعد أن يكون قد قطع شوطاً كبيراً في مهمته كأن يكون مثلاً قد حلق نصف ذقنه ثم يتركه ليقول له: بلغته الدارجة: كم بتسلم يا سيدي، فيجيب الزبون: كذا، فيقول الحلاقي: زدني قليلاً، ولا يزال به يساومه، هذا يرفع السعر والآخر يطلب المزيد، حتى إذا ما انتهى الحلاق إلى أجر يرضاه، قال: مرحباً بك يا سيدي لنؤكد لك هو كذلك ثم ينشط لإتمام الحلاقة). ثم أردف حضرة الكاتب ذلك بخيالات عدها طرائف عن العربات "الكارو" وأجورها، والزواج وعاداته وغير ذلك.
والواقع أن حضرة الكاتب لم يوفق لذكر الحقيقة، بل استرسل في الخيال وأخذ يخلط بين العادات في عقد القران والعادات في الزفاف والكل محرف تحريفاً يعد طعناً في الصميم.
ويسرنا جداً أن يتناول الناس عاداتنا بالكتابة والبحث، ويسرنا أكثر تحليل تلك العادات وانتقادها ولكن على ضوء الحق والحقيقة. أمَّا بالكذب والتخليط فهذا ما لا يقره البحث وما لا ترضاه الكرامة وما لا نقبله لأنفسنا. وإذا تمسكت حكومة الحجاز باللحى فهي لم تتمسك إلا بسنة سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يعاب فوالله الموت خير من الحياة.
إما أن حكومة الحجاز أصدرت قانوناً فوضت فيه الحلاقين إبلاغ السلطة أمر كل شخص يطلب من الحلاق جز لحيته بمعاقبته بغرامة مالية، فهذا صحيح، وإما أن الحلاق يساوم زبونه على الأجر بعد حلق نصف ذقنه "هكذا" فهذا اختلاق محض لا نصيب له من الصحة، ولا أدري كيف سها الكاتب مناقضة نفسه، ففي أول المقال أثبت تمسك الحكومة والحلاقين بالبقاء على اللحى، وفي وسط المقال نفي قوله الأول وأثبت حلق اللحى فقال: "إن المساومة على أجر الحلاقة لا يكون إلا بعد حلق نصف ذقن الزبون"
وهذا تناقض مفضوح، كنا نود أن ينتبه له حضرة الكاتب.
إننا نكتب هذا على مشهد من الألوف المؤلفة من الحجازيين وغيرهم من الأجانب ولا يستطيع أحد تكذيبنا فيما نقول، وأهل مكة أدري بشعابها كما يقول المثل، فنحن أبناء البلد أدرى بعاداتنا قبل غيرنا.
إن الحلاق في هذا الوطن العزيز أحسن منه في بلاد العالم من حيث الإلحاح والمطالبة بالأجر فما أعطيته من أجر أخذه حامداً شاكراً لا يستطيع عده وأنت أمامه خجلاً منك فضلاً عن مساومتك فهذا ما ننفيه بشدة ونتحدى كل ما يقول به.
أما ما قاله حضرة الكاتب عن أجرة الراكب الواحد في عربات "الكارو" فهو قول مبالغ فيه فإن العربة تؤجر بأكملها بنصف ريال، وإذا ارتفع الأجر فإنها تؤجر بريال سعودي " أي ثمانية قروش مصرية" لأكبر مسافة في البلد. ولا صحة لقوله أن أجرة الراكب ريال وأن الحوذي لا يؤجّر عربية إلا إذا اكتمل رجالها، وقال: إنهم خمسة، ومعنى هذا أن أجرة العربة الواحدة خمسة ريالات ولا صحة لقوله: إن صاحب العربة لا يؤجر عربته لشخص واحد، وأن العربجية في هذا الوطن أحسن معاملة من غيرهم في بلاد العالم، وإذا ما دفعت لهم أجرة كاملة فلا يمانعون في تأجير عربتهم، والمنطق والعقل لا يقبلان هذه الممانعة.
ومن الغريب أن الكاتب أخذ يخلط في عادات حفلة القران، وعادات حفلة الزفاف، فادعى أن كتابة العقد لا تتم إلا أمام العروس على أثرها يكشف العريس وجه عروسه، وخلط بعد ذلك ما شاء له الخيال أن يخلط ومن الغريب ما ذكره من عادات الزواج قوله: إذ أن بين الحلي العربية التي تتزين بها المرأة كفاً من الفضة الخالصة تلبس في اليد كالقفاز (هكذا) ومن عادات العروس إذا لبستها أن ترفع يديها إلى أعلى لترى الناس زينتها، فنحن أبناء البلد أدرى بعاداتها ولا نعرف أن من بين حلى العروس القفاز الذي ذكره صاحبنا ولم نسمع بأن العروس ترفع يديها إلى أعلى لتري الناس زينتها، وإنا ننفي هذا وننبه إليه، وختم حضرة الكاتب مقاله بأن في الحجاز تليفونات وأجهزة للراديو في شيء من الاستغراب. وقال : ليست التليفونات غير مخصصة. ولا أدري هل يظن الكاتب إننا نعيش في جبال هملايا أو أنا لا نزال نستعمل وسائط أهل القرون الوسطى؟ ولا أدري كيف أنكر عدم وجود نمر للتليفونات وهي أشهر من نار على علم، وقل أن تجد شركة تجارية أو تاجراً ولا تجد في أوراق تحاريره نمراً تليفونية.
إذا أراد المخلطون أن يخلطوا، فنرجو ألا يخلطوا على حسابنا ولا يسترسلوا مع خيالهم في الأوهام باسمنا وإنا نريد أن ينتقدنا الناس، لكن بالحق والحقيقة فإذا فعلوا فأنا لهم من الشاكرين، وإذا حادوا فلا تثريب علينا في رد زيفهم وبهتانهم، وأنا لفاعلون إن شاء الله).
وهكذا يتضح لنا تميز "الغربال" في مجال "التعقيب" والردود الصحفية، وقدرته على سرد التفاصيل الموضحة للحقائق والاستدلال بالشواهد العينية المدعمة لأقواله.
وننتقل الآن إلى المعارك التي دارت بين الغربال وبعض خصومه من أدباء عصره.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :488  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 72 من 111
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.