شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
2- معاملاتهم وسلوكهم
تتردد أحياناً عبارة: فلان أخلاقه تجارية والقصد يحمل معنى مغايراً يعكس سوء التصرف والسلوك، بمعنى أن فلاناً أخلاقه جافة مادية خالية من اللطف. وهذا خطأ. فالأخلاقيات المرتبطة بالتعامل الإنساني لها معانيها الإنسانية الراقية المتصفة بالرحمة والمودة والاستقبال الحسن، وحب الخير للناس. والتجارة تتطلب سلوكاً كهذا، كما أن التاجر مطلوب منه أن يكون على مستوى رفيع من الفضائل والسمات الحميدة التي تجذب الناس إليه.
وقد تنبه "الغربال" لهذه القضية فأوضح لتجار زمانه ما يجب أن يكون عليه التاجر من صفات تقرب إليه زبائنه، وتجعلهم يحسنون الظن بتعامله معهم:
(بقدر ما يكون التاجر بشوشاً لطيفاً يكون لبضاعته رواج حسن، وبقدر ما يكون التاجر عبوساً متغطرساً يكون تصريف بضاعته ضئيلاً متأخراً، أي أن معاملة التاجر لعملائه له تأثير قوي في سير تجارته وانتشارها، ثم أن للجاذبية التجارية ميزة خاصة لا يستطيع كل شخص أن يتقنها إلا بعد تجارب عديدة، ولا أبالغ إذا قلت: أنها كادت تصير في وقتنا هذا فناً من فنون تحتاج إلى المعلم والدرس. فالتاجر لا يصح أن يسمى تاجراً، إن كانت مفقودة منه تلك الجاذبية التي يستطيع بها أن يستولـي على قلوب عملائـه أو بمعنى أصح يستطيع بها أن يصرف بضاعته دون مشقة وبسعر ممتاز، وهذه الجاذبية لا يمكن أن تمتلك العميل بمجرد الكلام بل يحتاج صاحبها إلى عناية عظيمة، ومهارة فائقة، وحسن تصرف، وهذه العناية والمهارة تختلف باختلاف العملاء ونزعتهم، وقل إن شئت باختلاف أخلاقهم وأشكالهم ومنظرهم الخارجي المزيف، وكما أن التاجر يلاحظ مصلحته فيجب عليه أن يلاحظ مصلحة عملائه فيعمل لإرضائهم وجذبهم إليه بأشياء تحببهم فيه، فتجعلهم لا يطلبون غيره).
كأن "الغربال" بكلامه هذا يتحدث عن أسلوب لم يكن معروفاً في زمانه، ووجد بعد رحيله - يرحمه الله - بسنين عديدة، وهو الأسلوب الحديث في الدعاية والتسويق، فالتجارة تعتمد في رواجها على طرق دعائية مدروسة، وأفراد يجيدون حبك العبارات ذات اللياقة العالية لإقناع الناس بالشراء. ولنا أن ننظر إلى اللوحات الإعلانية في جميع وسائل الإعلان، لندرك من أول وهلة ذلك السر الذي كشفه الغربال منذ زمن بعيد والذي ترمز إليه عبارة "الجاذبية" وقوله: (أنها كادت تصير في وقتنا هذا فناً من فنون تحتاج إلى المعلم والدرس!!) وهو ما يمكن تسميته الآن بفن التسويق.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :360  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 54 من 111
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثاني - النثر - حصاد الأيام: 2005]

أحاسيس اللظى

[الجزء الثاني: تداعيات الغزو العراقي الغادر: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج