شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تطبيق النظام
وفي قراءته لبعض المواد الواردة في النظام، يكشف "الغربال" عن حالات سلبية لم تتقيد بنص النظام فكان ذلك وبالاً على وضعها التجاري:
(تتضمن المادة السادسة وفقراتها الأربع، الدفاتر التي يجب أن يستعملها كل تاجر، ولو استعرضنا المحلات التجارية فإننا نجد العشر منها طبق منطوق تلك المادة مع تحوير واعوجاج، والتسعة الأعشار لا تزال تسير على طريقتها القديمة، ويا حبذا لو أن الطريقة التي يتبعونها حسنة لكان المصاب أقل، ولكنها طريقة مشبوهة مقلوبة الكيان لا ترتكز على قاعدة ولا تتمشى على شيء من الأصول.
بعض المحلات التجارية تستعمل دفتراً واحداً تقيد فيه الوارد والمنصرف نقد وبضاعة، ومالها وما عليها من ديون وغير ذلك من الأعمال التجارية التي تتعلق بتجارتها، وإذا أرادت تسديد قسم منها وضعت عليها دائرة، وهذه في عرفها هي علامة التسديد، وقد كان المتبعون لهذه الخطة في السابق هم الحضارم الموجودين في بلادنا والمستغلين مصلحتها أكثر في المواطنين، ومنهم تناقلتها بعض المحلات التجارية. وهذه الخطة عواقبها وخيمة جداً لأنها أولاً: مخالفة للعرف التجاري ونظامه، ثانياً: مشوشة للقيود ومسببة للاختلال والارتباك في الأعمال. ثالثاً: لا تعتمد في المحاكم والمجالس التجارية، رابعاً: لا يستطيع صاحبها أن يعرف الداخل من الخارج ولا موجوده من معدومه إلا بعد مشقة عظيمة، وهناك توجد أضرار عديدة يعرفها من كان واقفاً على أصول الأعمال التجارية والقيودات الحسابية، ولو أن ذلك الدفتر تمشى على نظام يقره العرف التجاري لصح أن ندعوه دفتر اليومية الذي نبهت إليه الفقرة (1) من المادة السادسة من النظام التجاري أو ما نسميه باليومية الزفرة، المستعمل في المحلات التجارية بالخارج، ولكن لا هذا ولا ذاك. وبعض من المحلات التجارية في بلادنا وهي قليلة تضيف إلى هذه الدفاتر دفتراً آخر تخصصه للمحاسبة التجارية التي بينها وبين وكلائها وتدعوه بـ (الجاري)، ونظام هذا الدفتر في بعض المحلات لا بأس به، وفي بعضها رديء، يكاد يكون ضرره أكثر من نفعه، فهذه الخطوط المقلوبة (الكيان) منتشرة بين التجار بكثرة ومتبعة في كثير من محلاتهم، وبالرغم من كونهم يعرفون أنها مضرة، وأنها مخالفة للنظام والعرف الجاري ومضيعة لحقوقهم ومشوشة لقيودهم، فهم لا يزالون متمسكين بها، ويسعون في توسيعها وانتشارها، فلو أن المتبعين لهذه الخطة وأمثالهم أحسنوا نظام دفاترهم وأحكموا قيودهم لعادت الفائدة عليهم دون غيرهم، ولكن قد اعتدنا نحن الحجازيين، أن نعض بالنواجذ على كل قديم حتى لو فيه هلاكنا ودمارنا، كأننا لا تؤثر فينا المؤثرات، ولا تحرك منا الساكنات، وهذه إحدى المصائب التي زادتنا تأخراً وبلاء على بلائنا، وغطيطا في نومنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله).
لو ألقينا نظرة على مجريات العصر الحاضر، لإيجاد مقارنة بينها وبين ما كان يتحدث عنه "الغربال" لأمكننا الوصول إلى الحقائق التالية:
أولاً: التجارة في عصرنا الحالي تطورت كثيراً تبعاً لتطور النمو الاقتصادي في البلاد وانفتاحه على الأساليب والنظم العالمية، ولا مجال للحديث هنا عن المكانة المرموقة التي تحتلها المملكة العربية السعودية في عالم الاقتصاد فهذا أمر واضح للجميع.
ثانيا: لا يمكن انتفاء وجود بعض الشواذ من المعاملات التجارية التي تمثلها الحوانيت والدكاكين المتناثرة في بعض الأسواق والأحياء الصغيرة، فهذه لم تزل تمارس عشوائية واضحة في تنظيم أعمالها التجارية، بل إنها تكاد تخلو من بعض السجلات أو الدفاتر التي أشار إليها "الغربال" وتكتفي بالفواتير غير المنظمة.. وهذا عائد إلى غياب الإشراف المباشر من قبل صاحب المتجر، فالأمر موكل أحياناً في أيدي العمالة المستوردة التي تجهل في الغالب مثل تلك الأمور التنظيمية، ومما زاد الطين بله - كما يقال: - وجود ظاهرة "التستر التجاري" التي لا تنضبط فيها - بطبيعة الحال - العملية التنظيمية، للارتباك والارتجالية في الأداء. وقد قامت الحكومة مؤخراً بحملة واسعة للقضاء على ظاهرة التستر التجاري.
ثالثاً: (الطفرة) التي أشار إليها الغربال في مقاله الأول، يعني بها نظرة التاجر "الجاهل" إلى الوصول للثراء دون تعقل في سيره، وقد حدثت مع بداية هذا القرن طفرة مالية أوجدت بعض فئات من الأفراد الذين توفرت لديهم السيولة النقدية الكافية لإقامة مشاريع تجارية ناجحة.. لكن عدم التخطيط واللجوء إلى المجازفة غير المدروسة وانعدام المعرفة اللازمة لأصول التجارة، كل ذلك أوقعهم في مآزق مالية، وأعادهم إلى السفح بعد أن قاربوا من الوصول إلى القمة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :393  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 53 من 111
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.