شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في "التربية والتعليم"
كتب "الغربال" في جريدة أم القرى العدد 379 بتاريخ 10/11/ 1350هـ مقالاً تحت عنوان "أنا والاخلاق" أوضح فيه أهمية المدرسة ومكانتها في المجتمع ووصفها بأنها (روح الأمة، وهي التي تغرس الفضيلة في قلوب أبنائها، وهي التي تنشئ في النفس حب الإصلاح، وعليها يتوقف رقي الأمة وتقدمها ومستقبلها وحياتها) إلى أن يقول: (وإن حاجة مدارسنا إلى النخل أكثر من حاجتها إلى الغربلة).
وفي هذا إشارة منه إلى عزمه على الدخول لساحة العملية النقدية.
رأى الغربال بثاقب نظرته، أن تنظيم العمل في المدارس – حينذاك – لم يكن على المستوى الحسن، وأرجع العلة إلى عدم تفهم القائمين عليه للكيفية التي يتم بموجبها تطبيق النظام المدرسي، أو التهاون في التنفيذ: (إما أن الذين وكل إليهم أمر المراقبة لم يؤدوها حقها، وإما نفس الأساتذة الموجودين لا يعرفون المنهج الذي يجب أن يتبعوه، ولا كيف يطبقوه) – ويلاحظ استعماله لكلمة (أستاذ) للاستخدام الشائع لها في ذلك الوقت – يقول : (إن لفظة أستاذ يجب أن تكون في رجل عظيم في نظر العلم، عظيم في نظر الأدب، عظيم في نظر الأخلاق، عظيم في نظر الفضيلة).
ولفظة عظيم تعني: الأمر الجليل.
وبعد إيضاحه لأهمية (الأستاذ) ومكانته الاجتماعية ألمح إلى وجود بعض الأساتذة في المدارس: (يحتاجون إلى تلقيح، لأن فيهم الغث والسمين)، والتلقيح الذي يطالب به "الغربال" هو ما نطلق عليه اليوم (الدورات التدريبية، أو التنشيطية للمعلمين) والتي من خلالها يتم تلاقح الأفكار وتجديد المعلومات.
وفي إشارة إلى ما يجب أن يكون عليه التدريس يقول: (إن إلقاء الدرس فن، والتجريب فن آخر، ويجب أن يكون إلقاء الدرس بصورة فنية لأجل أن نجني ثمراته. إن الإلقاء يؤثر في النفوس أثراً محسوساً، فبقدر ما يكون الإلقاء جيداً يكون التأثير أقوى وأعظم).
إن مسألة (الإلقاء) تمثل في واقعها الحقيقي مشكلة (أزلية) يعاني منها التعليم، أو أي ميدان آخر يتطلب الإجادة في الفصاحة والإيضاح.
والإلقاء جزء من شخصية المعلم، فبإمكانه الاستحواذ على انتباه طلابه، واهتمامهم بما يقول، حين يكون على درجة كافية من الطلاقة والبيان، بينما يكـون الإلقـاء "الفاتر" مجلبة للنعاس داخل الفصـل، أو مشتتاً للمعلومات المراد إيصالها لأذهان الطلبة.
نعود إلى "الغربال" لنجده يتناول ناحية هامة وهي "التربية" حيث قال:
(للتعليم سياسة، وأظنها غير موجودة في بعض المدارس – ويقصد هنا بعبارة (سياسة التعليم) الأسلوب التربوي الذي لم يكن على المستوى المنشود عند بعض المعلمين آنذاك – فينبه إلى ضرورة معرفة المعلم للطريقة المثلى في التربية: (يجب على الأساتذة العناية بهذا الفن، فيجب عليهم أن يعملوا أولاً ليكسبوا قلوب التلاميذ، ويتقربوا إليها، وبذلك يمهدون الطريق لأنفسهم من جهة، ويفيدون التلاميذ من جهة ثانية، كما أنّه يجب عليهم أن يتركوا خطة (الإرهاب) لأن التجارب قد أيدت أنها غير حسنة وأن نتيجتها سيئة).
وفي الواقع كثيراً ما نسمع عن معاناة ذلك الجيل – من الرعيل الأول – من الأسلوب التربوي العقيم، الذي كان ينتهجه معظم معلمي تلك الفترة، حيث كانت (العصا) وشريكتها (الفلكة) هما الوسيلة الوحيدة لتطبيق العقاب على المقصر في الدروس أو إخماد نشاط التلميذ (العفريت). كما كان التهديد بإدخال التلميذ (الغرفة المظلمة التي تسكنها جنية الفحم) من تلك الوسائل المخيفة.
ورائع أن نجد من يدعو – في ذلك الوقت – إلى إلغاء مثل هذه الأساليب المرعبة، والاتجاه إلى إيجاد علاقة محترمة بين المعلم والطالب.
وكم يسر "الغربال" - لو طال به العمر – ورأى اهتمامنا الحالي، بما نادى به في زمانه، من ضرورة اتباع الوسائل التربوية الحديثة في التعليم، خاصة فيما يتعلق بعمليتي الثواب والعقاب.
لقد سبق (الرجل) زمانه في رؤيته المستشرفة لحاجيات المستقبل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :449  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 111
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.