شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أسباب الالتحاق بالجامعة ألأمريكية في بيروت
لم يخطر على بالي في يوم من الأيّام أنني سأنتسب إلى الكلية الثانوية العامّة من الجامعة الأمريكية في بيروت في عام 1935، ولكن قبل تخرّجي من مدرسة الفلاح عام 1933م الموافق 1353هـ، كان لوالدي صديق عزيز ربطت بينهما المحبة والمودّة، هو السيد عبد الله بن محمد السقاف، عندما كان الرجل في مكّة المكرمة مقيماً بها آناً ومتجوّلاً في بلدان الشرق الأقصى أحياناً، حتى استقرّ به النوى في منتصف شبابه بالقاهرة في شارع يسمّى شارع "أفراح الأنجال" كان فيه بيته، ولقد تزوّج ذلك الرجل سيّدة ثرية عاشا معاً في بحبوحة ورغد عيش يستحقّانه، وكانت الرسائل بينه وبين والدي، هو من مصر ووالدي في مكّة تتوالى بالعشرات أحتفظ الآن منها بأكثر من عشرين رسالة.
كان الرجل صديق الوالد من طلبة العلم ومن أسرة آل السقاف، المشهور عدد قليل منهم بالفن، وعدد كثير منهم بالعلم. وهذا السيّد بين أسرته عالم وأديب، وطالب علم ومعلم، ولقد أخرج للناس يوم كان في مصر، وقبل أن يكون بها، كتاباً مخطوطاً، في علم الفلك يعدّ من الكتب القليلة النافعة في هذا العلم، ثم عكف بعد ذلك يجمع من جميع المصادر الأدبية والشعرية شعراء حضرموت في العصر الجاهلي، ثم في العصور الإسلامية بعد ذلك، إلى يومنا هذا، فجمع في نحو خمسة أجزاء عشرات من هؤلاء بمن فيهم "امرؤ القيس" وغيره من شعرائهم، وطبعها بعد ذلك وانتشرت بين الناس باسمه.
ولما ألّف صديقنا الأستاذ فؤاد شاكر كتابه "من صور الحياة" جعل إهداءه لصديقه السيد عبد الله بن محمد السقاف مزيناً بصورته اعترافاً بعلمه وفضله.
كان السيد عبد الله إذا جاء إلى مكة المكرّمة في مواسم الحج منذ أكثر من ستين عاماً، يتردّد على والدي، ومن هنا نشأت بينهما تلك الصحبة والمودّة، فلما بقي على تخرّجي من مدرسة الفلاح في مكة عام واحد، وهو عام 1932م بدأ مستقبلي التعليمي يشغل بال والدي، فكتب إلى صديقه السقاف رسالة يستشيره في أن يقيّد اسمي بين طلبة الجامع الأزهر بالقاهرة، ولأن الرجل يعرفني صغيراً في مجلس والدي فقد كان على خبرة بي، وكتب جواباً لوالدي يقول له: إذا أردت أن تبعث عبد الله لطلب العلم في القاهرة بأزهرها فثق أنه لن يقيم إلاّ في بيتي، واعتبره أنه سيكون كابني ما أقام بمصر طالت المدّة أو قصرت، لذلك فأنا أرحّب بالفكرة وأرحب بعبد الله ولا استكثر عليك الطموح إلى الأزهر، غير أنني بعد هذا الترحيب والدعوة إلى أن ينزل ابنكم في بيتنا كأحد أبنائنا أرى أن تصرف النظر عن التفكير في "الأزهر"، فلم تعد الحال فيه على ما كانت عليه يوم كان عمّكم الشيخ محمد يطلب العلم فيه منذ عشرين عاماً، والأَوْلى أن تفكّروا في مدرسة عصرية أخرى بمصر تعدّ عبد الله لخوض غمار الحياة، فالزمن المقبل غير الزمان الذي نعيشه نحن وأنت أيضاً، وهو يحتاج إلى علوم العصر والحياة الحديثة، التي يجب بعد الآن أن تتطلّع إليها الأنظار.
وأكمل رسالته على هذا النحو، وفهم والدي ما أشار إليه صديقه السقّاف، ولم يرتح كثيراً لهذا الرأي، فقد كان يتمنّى أن أنتسب إلى الجامع الأزهر.
وكان من عادة والدي منذ أن وعيت أن نتوجّه لأداء الحجّ في كل عام بعد عصر يوم الثامن من ذي الحجّة من مكة إلى منى سائرين على أقدامنا غير راكبين، كما يفعل أكثر من يريد أن يتضاعف الثواب لهم في أداء هذه الشعيرة، ونقضي ليلنا في "منى" لنتوجّه في صباح يوم التاسع من ذي الحجّة، وهو يوم عرفة، سائرين على أقدامنا أيضاً نحمل المظلاّت في ألوف كثيرة من أمثالنا حتى نصل إلى عرفة، ومن عادتنا أن ندعى في يوم عرفة للإنضمام إلى أخوال والدي "آل باحمدين" المعروفين في مكّة وفي جدّة اليوم، فبيننا وبينهم خؤولة مشتركة، والدة أبي منهم، ووالدة كبارهم منّا، وفي العادة التي اختاروها لمعرفة خيامهم في عرفة، أن يكونوا حول آخر عمود من أعمدة سلك الهاتف الممتدّ بين مكة والطائف، قريباً من المقاهي المعروفة هناك، فما هو إلاّ أن نتتبّع السلك حتى نصل إلى آخر أعمدته في طرف عرفة الشرقي الجنوبي فنجدهم هناك. ونقضي يوم عرفة في ضيافتهم، ثم ننفر بعد المغرب من عرفة إلى مزدلفة، ومنها إلى منى، فنرمي الجمار عند الجمرة الكبرى، وننحدر بعد ذلك إلى "الأبطح" حتى نصل إلى المسجد الحرام، فنطوف طواف الحجّ ونسعى سعيه، ثم نتحلّل من الإحرام، ثم ننتظر أذان الفجر من ليلة العيد، حتى إذا أدّيناها جماعة في الحرم المكّي، عدنا إلى بيتنا في محلة "الشبيكة"، ونمنا نوماً عميقاً متّصلاً إلى أواخر وقت صلاة الظهر، فنقوم بعد ذلك لنؤدّيها في أواخر وقتها، ثم نتغدى ونلبس ملابس العيد لنتوجه قبل المغرب إلى منى للمبيت بها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :505  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 175 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .