شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة شاركت بدورها
فأقامت مركزاً إسلامياً بالدنمارك ضم مسجداً كبيراً
نعود إلى جلستنا في الفندق الذي نزلت فيه بكوبنهاجن، واجتمعت فيه بالإخوان حسين الزين صاحب الحديث المشار إليه، والمهندس زكريا سن، وأخينا المصري الطيّب، ووضعنا محضراً لاجتماعنا يكون شبه دعوة لإنشاء مسجد تحت إشراف ممثلي الدول الإسلامية في "كوبنهاجن" وتكون لجنته التأسيسية منا نحن المجتمعين ومن ينضمّ إلينا ممن غاب عن اجتماعنا، وأن يرأس اللجنة هذه المواطن الدانماركي المسلم المهندس زكريا سن، وعليه تقديم الطلب واتّخاذ الإجراءات المتبعة للحكومة الدانماركية، بمثل ما فعل عندما قام ببناء المسجد الموجود الذي أسهبنا الكلام عليه، والذي تبيّن بعد ذلك أن القائمين عليه هم من الطائفة "القاديانية" التي لا تمتّ إلى الإسلام بصلة.
ووقعنا على المحضر في انتظار السفير المغربي الغائب، ليتولّى بدوره عرضه بعد الانضمام إليه على زملائه المبعوثين المسلمين.
وفي اليوم الثالث توجّهت مع الإخوان هؤلاء إلى الشقة التي استأجروها منذ شهور، لتكون مسجداً، وزرناها وأدّينا صلاة العصر فيها، وبعد إقامة بضعة عشر يوماً في "كوبنهاجن"، عزمنا على مغادرتها. وقد علمت أثناء إقامتي بها أن للمبشر القادياني (من أصل دانماركي) نشاطاً منقطع النظير في تلك البلاد، لأنه كان يقيم في مدينة غير كوبنهاجن، واشتغل بهذه النحلة بعد الإنضمام إليها، والإيمان المتطرّف بمبادئها داعياً ومرشداً بين أبناء جنسه، فألّف عدداً كبيراً من الكتب باللغة الدانماركية يشرح فيها مبادئ القاديانية على أنها الإسلام نفسه، وأن ما خالفها هو مخالف للإسلام الصحيح على ما كان يقول.
وتحصّلت على نسخة من بعض ما ألّف باللغة الإنجليزية، وكان فيها ما أشرت إليه من تفسير وتحريف للقرآن الكريم، ولهذه الطائفة كما يعلم الجميع نشاط غريب عجيب في كل مكان تحلّ به، إذ تفسح لها حكومات تلك البلدان المجال واسعاً ومحمياً لتأسيس ما تسمّيه مساجد، ولنشر صور المعابد أو المراكز في كتيّبات الدعاية السياحية، بحيث يرى السيّاح أنها هي المساجد الإسلامية، ومنذ شهور كنت في مدينة "زيورخ" بسويسرا وسألت عن مسجد كنت سمعت أنه مقام في تلك المدينة، وذهبت إليه فرأيت اسمه بارزاً في الشارع وله شبه مئذنة، وقد جئت قبيل صلاة الجمعة، فلما صعدت إلى الدور الثاني حيث قاعات المركز فوجئت في تلك القاعات بصور زعيم القاديانية الهندية المشهور غلام أحمد، وبصور عدد كبير آخر متراصّة على جدران قاعة الاستقبال وكلّها لأتباع هذه النحلة. ووجدت مجموعة كبيرة من النشرات المصوّرة بالإنجليزية والألمانية والفرنسية وغيرها تلقي أضواء على القاديانية ودعاتها، وكدت أن أدخل في جدل مع مدير المركز وهو هندي، إلاّ أنني غادرت المكان حالاً إلى غير رجعة.
وإذ عدنا إلى الحديث عن الدانمارك فأذكر أن ما قصصته في هذه الحلقة كان منذ بضعة عشر عاماً، وأن الأمور قد اختلفت اختلافاً كبيراً، لأن الرابطة الإسلامية بمكة المكرمة قامت، بعد ذلك بنحو عامين، بإنشاء مركز إسلامي في الدانمارك، يضمّ مسجداً كبيراً، وعيّنت له إماماً ونشطت في ذلك نشاطاً غطّى الناقص والمفقود مما يجب أن يكون، وأن سفراء السعودية بعد ذلك كانوا عوناً ودعاة لما قام هناك، لأنني يوم زرتها لم يكن بها ممثل للسعودية، وإنما كانت داخلة في اختصاص السفير السعودي يومئذ في "استوكهولم"، فالحمد الله على ذلك، كما أني وقد ذكرت أنني لم أجد مسجداً لا في استوكهولم ولا في "أوسلو" عاصمة النرويج، كما وجدت في "فنلندا" فإن نشاط المسلمين في السنوات العشر الأخيرة في الدول الاسكندنافية قد أصبح الآن نشاطاً محموداً فالمراكز الإسلامية وبعض قاعات المحاضرات قد أصبحت معروفة في هذه العواصم الثلاث.
وبمناسبة القاديانية فقد ذكرت يوم كنت في تمبري من فنلندا أمرهم ومسجدهم في كوبنهاجن للصديق الحاج حبيب الرحمن، وحذّرته من أن يثبوا وثبة بعيدة إلى هلسنكي، فقال لي: نحن الجالية الإسلامية في فنلندا لن نسمح لهم بأي وجه من الوجوه أن يكون لهم مركز في بلادنا، وأتذكر أنني قد أخذت منه رسالة تعارف حملتها معي بعد ذلك إلى كوبنهاجن وسلّمتها للمهندس زكريا سن راجياً منه أن ينشئ المسلمون في تلك البلدان الشمالية تعارفاً وإخاءً يتعاونون به على البرّ والتقوى. وقد بعث رسالة جوابية على الرسالة التي حملتها يسلم فيها على الحاج حبيب الرحمن، ويتذاكر معه فيما يجب أن تكون عليه الزيارات المتبادلة بين الطرفين، ولا أعلم بعد ذلك ماذا تمّ، ولا ماذا جرى في هذا الموضوع.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :484  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 174 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.