شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
خديعة قاديانية
وتلاقينا، ولم يتغيّر كل واحد منّا في نظر صاحبه، إلاّ أنا فقد كان يعرفني بالعباءة والعقال، وجئته يومها متفرنجاً، وجلس والدهشة والغبطة ملء إهابه يرحّب بي ويقول لي: كيف ذكرت لي المسجد الإسلامي؟ هل رأيته؟ قلت له: ألم تصل إليك رسالتي في العام الماضي من لندن عندما اطّلعت على صورة المسجد الذي بنيته، وأشرفت عليه، قال: نعم، لقد وصلت، قلت له: ما قصة هذا المسجد الذي ارتبط اسمه باسمك؟ فقال لي: اسمع يا فلان، أنت أعرف الناس بي، وأنا رجل دانماركي أسعدني الله بالإسلام وبالزواج من مسلمة مصرية، وبابن مسلم، وقضيت معك في جدة بضع سنوات نتعاون على إنشاء دار الإذاعة حتى أنشئت، وفي التخطيط لدار الإذاعة في الرياض، حتى أدركني السفر، ولم تخرج فكرتها إلى حيّز الوجود بعد، وقد رجعت إلى بلادي وفتحت لي مكتب هندسة مشهوراً، وأخذت مقاولات هامة لعدد من المباني الكبيرة، ولعدد من "الفلل" في كوبنهاجن، ثم افتتحت فرعاً لأعمالي في جمهورية "البيرو" في أمريكا اللاتينية، ونجحت هناك نجاحاً كبيراً، أعظم من نجاحي في الدانمارك، ومضاعفاً لنجاحي في المملكة العربية السعودية، وكنت منذ عودتي من جدّة أسعى مع بعض المسلمين من بلادي وبعض ممثلي البلاد العربية والإسلامية في إنشاء مسجد يقع في قلب مدينة "كوبنهاجن"، وجاءني عدد من الهنود والباكستانيين، وقد سمعوا بإسلامي وبما كنت أقوم به من مساع لدى السلطات المحلية في حكومتي للسماح باعتباري دانماركياً مسلماً، في أن أقيم مسجداً يكون للمسلمين، وقالوا لي: نحن سنقوم بدفع جميع مصاريف المسجد ونفقاته وكل ما يلزمه، على أن تتولّى أنت الإشراف الهندسي والمساعي الحميدة لدى حكومة بلادك، وبعد مفاوضات استمرّت شهوراً طويلة، اتّفقنا على ذلك وقدّم الطلب إلى جهات الاختصاص باسم مسجد إسلامي، وبدأنا فيه واستمرّ إنشاؤه نحو عامين حتى انتهى في عام 1968م، وعندما رأيت أنت أخبار قيامه في تلك الصحيفة البريطانية المصوّرة.
ويوالي المهندس الدانماركي المسلم الصديق والزميل زكريا سن حديثه، يقول: انتهى قيام المسجد الإسلامي في كوبنهاجن، وارتبط اسمه باسمي، واحتفلنا بالانتهاء منه، ودعونا إليه من كان مقيماً من المسلمين في هذه البلاد، وبعضاً من إخواننا الدانمركيين المسلمين، وقد كانت سعادتي أنا بالذات عظيمة بما تمّ على يديّ، والأمنية التي أخرجتها لأبناء ديني، متعاوناً فيها مع أولئك الهنود والباكستانيين، وبالرغم من أن بعض موظفي السفارات العربية كان مطّلعاً ومحبّذاً ومشتركاً معنا في الآمال والأحلام بقيام هذا المسجد، إلاّ أن أموراً قد بدت تتكشّف لي ولهم بعد قيامه وتنقل إلينا من بعض زائريه، فقد توفيت سيدة مسلمة من الهند وحملها أهلها للصلاة عليها في ذلك المسجد، فمنع القائمون عليه دخول الجنازة، داخل جدران مبنى المسجد، ورفضوا قبول الجثة أو الصلاة عليها، وجرى بينهم وبين المشيّعين من أهل المرأة المتوفاة حوار عن أسباب منعهم، وأن المساجد تقام لمثل هذه العبادات، فأصرّوا على رفضهم ولم يسمحوا لهم حتى بأن يدخلوها من الباب، فاضطروا للصلاة على الجنازة خارج المبنى وشاع هذا الحديث بيننا، فأنكرنا لما سمعنا، وسمعت بعد ذلك أنا بالذات لأوّل مرة أن هناك نِحْلة تسمى "القاديانية" تأكّد لي بعد ذلك من هذا الحادث وغيره أنني قد وقعت في حبائلها، وأن الجماعة التي اتّصلت بي بينهم كانت تسمي نفسها "الأحمدية"، ولم أكن أعرف أنها مخالفة للإسلام، ولا يعرف ذلك البسطاء من المسلمين وأكثرهم من العمّال، وحتى من عرف المسجد من بعض موظفي السفارات العربية، يعرف أن القائمين عليه هم طائفة "الأحمدية"، بل لم يعرف الطائفة نفسها ولم يسمع بها، وكنت أنا المسلم الدانماركي قد سمعت بعد إسلامي أن من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم أحمد. كما جاء في القرآن الكريم فلما سمعت أوّل مدّة اسم الأحمدية لم أرتب في التسمية من أنها تسمية إسلامية، وقاطعنا المسجد كلنا مقاطعة كاملة، وأسف الجميع أسفاً شديداً على ما انطلى عليهم، ثم ابتسم وقال لي: نحن في أقصى القطب الشمالي بعيدون عن معرفة الخلاف والبدع والابتداع والانحراف، عن السنة والجماعة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :472  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 170 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.