شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رسالة إلى مسؤول كبير
تدخل الأستاذ كامل مروّة بعد ذلك، وكتب رسالة عند عودتنا إلى مكتبه في بيروت قال لي: تعال نشترك في تحريرها موجهة إلى مسؤول كبير سابق في دمشق يقول له فيها: إننا وأنتم لا نريد أن ينتهي الحال لمثل فخري البارودي أن تتفضّل عليه في شيخوخته ومرضه وبعد طول جهاده مثل السيدة المشكورة بديعة مصابني. وفي الحال رتّبت حكومة دمشق راتباً مجزياً له كان جواباً على تلك الرسالة، وبقينا نتذكّر هذا الحادث، وكان قد نكب قبله بحريق بيته في محلة "كيوان" في مدخل دمشق، فقد صادف أن اندلع قتال مسلّح بين بعض حملة السلاح حول بيته، ولعل فريقاً منهم تحصّن بالبيت، فشبّت فيه النار من البنادق المتصارعة وأتت على جميع ما يملك فخري البارودي، وما جمعه طول حياته ووضعه في ذلك البيت المتواضع المطلّ على مجرى نهر "بردى" وعلى أجمل مظاهر الشام، وهي الطريق إلى الفردوس الموجود.
كان قد جمع في ذلك البيت محصول عمر مديد يفوق على الستين عاماً، وهي غير عمره، وإنما هي عمر جمعه لنوادر المخطوطات والكتب وجميع أنواع مسجلات الموسيقى الشرقية في جميع أقطار الشرق من هندية وإيرانية وتركية وعربية وعراقية ومصرية وشامية ومغربية بأقطارها الأربعة، وموسيقى البلدان العربية المجاورة من الخليج والجنوب العربي والحجاز وشرقي أفريقيا، إلى أن وصل إلى الأندلس وجمع موشّحاتها التي عثر عليها مسجلة من قِبَل المغاربة أو مؤلّفة في الكتب الكلاسيكية العربية التي اقتناها، وعكف سنوات طويلة على فكّ رموزها والتعرف على أصواتها، وألحانها، ليخرج بعد كل ذلك على الناس بما سمّاه فرقة "السماح" وهي دنيا من الفولكلور الراقص، كان قد ظهر في حلب وتطوّر فيها، فهذّبها وشذبها وألّف بين متنافرها حتى أصبحت لوناً عربياً شرقياً مستقلاًّ يزاحم الفولكلور الغربي، وهزج به الهازجون ورقصت عليه الراقصات والراقصون، وكوّنت له الفرق التي كانت تنتقل به من بلاد إلى أخرى، فكانت قاصمة الظهر لشيخ الشباب هي النيران التي أتته على ذلك البيت، لهذا ترك "دمّر" و "الهامة" و "بردى" وانحدر إلى بيروت، لينزل في غرفة من غرف فندق "بسول" على "الزيتونة" من بيروت.
الحديث عن فخري البارودي متشعّب، والذين يعرفونه أكثر مني يعرفون أنه كان رجلاً "موهوباً" متعدّد الجوانب الثقافية في جدّها وهزلها وماضيها وحاضرها، وأنه قد تقلّب في صور شتّى من صور الحياة الملوّنة، حتى أصبح على ما انتهى عليه بعد أن كان أبوه غنيًّا كبيراً، وتسلّم هو بعد موت أبيه وبعد تخرّجه من مكتب "عنبر" تلك التركة التي سمعنا عنها، وأهل الشام أعرف بها، واعتنق الوطنية العربية وهام بها وقاد جماهير الشباب إليها وأنفق عليها كل ما ملكت يداه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :544  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 150 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

التوازن معيار جمالي

[تنظير وتطبيق على الآداب الإجتماعية في البيان النبوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج